الأديب والمؤرخ سمير معوض الخبير الاقتصادي في مجال لوجستيات النقل البحري يفتح خزائن ذكرياته "علي شط القناة" ويبدأ من نقطة تاريخية فيقول إن القناة كانت علي مدار التاريخ المصري مشروعاً جاذباً للاهتمامات العالمية وليس أدل علي ذلك من أن أول من حفر قناة تربط بين النيل والبحيرات اتصالاً بالبحر الأحمر كان الفرعون "سيزوستريس" ومع مرور الزمن هدمت حينما احتلت مصر بواسطة الرومان فأعاد الحاكم الروماني "تراجان" تطهيرها لتظل ممراً للتجارة العالمية ما بين الشمال والجنوب ثم من بعد ذلك حينما هدمت للمرة الثانية أعاد الحاكم الفارسي "يارا" تطهيرها مرة ثانية وحينما هدمت في عهد الحاكم "قنصوه الغوري" أرسل 15 عالماً من مصر إلي ميناء "جنوه" بإيطاليا وكانت مركزاً تجارياً عالمياً في ذلك الوقت ليتدارسوا مع كبار التجار هناك مسألة حفر قناة تربط بين البحرين المتوسط والأحمر وبالتالي فلم يكن "ديليسبس" هو صاحب الفضل في حفر القناة. يضيف معوض "حينما تم افتتاح القناة في 17 نوفمبر 1869 تحولت إلي ممر دولي للتجارة ونشأت من حولها مدن مينائية ذات ثقل دوليا هذه المدن اختلطت فيها الثقافات والحضارات والجهود الرامية لايجاد مركز اقتصادي وتجاري عالمي وعلي سبيل المثال فإن أكثر من 75% من العمالة والوظائف والمهن في بورسعيد كانت مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بهذا المجري الملاحي. لأن هذا الميناء كان مركزاً لوجستياً يقوم الاقتصاد فيه علي خدمة السفن المارة في مجالات عدة. إلا أن تأميم قناة السويس في 26 يولية 1956 برغم أنه عملاً وطنياً عظيماً إلا أن تداعياته. كانت مؤثرة سلباً علي الكيانات الاقتصادية علي ضفتي القناة. ويكفي أن نعلم أن بورسعيد التي كانت تسبق في أوائل الستينيات من القرن العشرين كوريا الجنوبية في صناعة وإصلاح وصيانة السفن تراجعت تراجعاً كبيراً. وتراجعت أنشطة أخري كثيرة كانت تضع المدينة بمينائها تحت اسم المدينة الكوزموبلتن "مدينة العالم" وتحلل الكيان الاقتصادي والحضاري للمدينة. بحيث تراجعت عوامل التنمية وتقلصت وظائف كثيرة كانت القناة تمثل لها داعماً أساسياً وحينما فكرنا في إحداث تنمية تعيد للمدينة والميناء نشاطها العالمي أنشأت المدينة الحرة وكانت مشروعاً اقتصادياً "ريعياً" لم يضف للاقتصاد القومي ماكان منتظراً من المدينة الحرة. يشير الخبير الاقتصادي سمير معوض إلي أن ازدواج المجري الملاحي لقناة السويس بما يرتبط به من أنشطة استثمارية ذات طابع عالمي سيعيد لمنطقة قناة السويس من بورسعيد شمالاً إلي السويس جنوباً قدرتها الفائقة في التحول إلي مولد قوي للاقتصاد القومي. فمن المعروف أن المحور المائي للقناة ومايحيط به من مساحات جغرافية. يملك خصائص ذات طبيعة متفردة فالماء والأرض والقوي البشرية المنتجة رأس مال. وكذلك فإن الفكر التخطيطي والإداري الاستراتيجي يعتبر ركيزة للتطوير المستدام وعلينا أن ندرك أن التفكير بنظرة "عين الطائر" و"عين الدودة" معاً لازمان لإعادة الدور المصري لما هو مؤهل له بحكم الموقع البؤري الذي يربط ما بين قارات عدة تحيط به من كل اتجاه يضاف إلي ذلك أن نسبة البطالة التي تراكمت علي مدي نحو 40 عاماً. وأحالت القوي المنتجة إلي عبء ينخر في القدرات الاقتصادية لمصر. عن المشروعات الاستثمارية الدولية يقول معوض انه سيتم توفير نحو مليون وظيفة للشباب العاطل في مصر. ثم سيجعل من مصر ركيزة انتاجية في منمطقة وسطي علي سطح الكرة الأرضية فكثير من المشروعات الدولية التي ستأتي إلينا ستكون قواعد انتاجية للمستثمرين الدوليين وستوفر "الوقت والجهد والتكلفة" لأن القواعد الاستثمارية لدينا ستلبي متطلبات الأسواق العالمية في أوروبا وأمريكا وآسيا وستعيد هيكلة الفكر الذي أصيب بتراجع أثر علي هيكل الاقتصاد المصري بصفة عامة فمن المعروف أن كل وظيفة متاحة في الميناء توجد من خلفها في الظهيرين المباشر وغير المباشر ثلاث وظائف أخري مساعدة.