مع اقتراب الذكري الرابعة لثورة 25 يناير عادت بأحداثها ووقائعها لتتصدر المشهد من جديد وتحدث حالة من الزخم والجدل حول أسبابها ونتائجها والسلبيات والإيجابيات التي حصدتها. "المساء الأسبوعية" ناقشت شباب الميدان فيما تبقي من الثورة وخبراء السياسة حول الإيجابيات والسلبيات.. الفريق الأول انقسم علي نفسه فمنهم من يشعر باختطاف الثورة وأننا لم نجن منها سوي أسماء الشهداء والمصابين والشعارات التي انطلقت في الميادين مع وجود اتجاه عام لهدم رموز الثورة والصاق التهم بهم.. وهناك من يؤكد أن الثورة يكفيها أنها وضعت أقدامنا علي الطريق لبناء دولة مدنية حديثة وأنها كسرت حاجز الخوف. أما خبراء السياسة فيرون أنها كحدث كبير لها سيئات وحسنات وأن إيجابياتها تمثلت في إسقاط الأقنعة عن تجار الدين وأصحاب الأجندات الخارجية وأن الشعب أصبح صاحب القرار. أشاروا إلي أن أبرز السلبيات تمثلت في الخلط بين الحرية والفوضي وسيطرة مرتزقي الثورة علي المشهد لفترات طويلة. * محمد أنيس الباحث السياسي وعضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير يري أن هناك أسبابا رئيسية كانت تقف وراء الثورة الشعبية التي شهدتها مصر وهي التوريث والفساد الاقتصادي والسياسي الذي كان موجوداً في عصر مبارك وتمت إزالتها في النظام السياسي الحالي وهذا هو في رأيي أبرز وأفضل ما تبقي من ثورة يناير فنحن الآن في طريقنا لبناء دولة مدنية حديثة تلبي أماني الشعب وتطلعاته. أضاف هناك بالتأكيد اخفاقات حدثت بعد الثورة وتحديداً في ال 13 يوماً التالية لها وكان سببها الرئيسي هو أن الثورة كانت انتفاضة شعبية بلا أي تنظيم سياسي وبلا أي قيادة حقيقية ومن ثم اصطدمنا بالإخوان التنظيم الحقيقي الموجود علي الأرض وهو ما ساعدهم علي القفز علي الثورة وهو ما جعلنا نعاني طوال فترة امساكهم بالحكم وأخر تنفيذ الكثير من متطلبات الثورة وهي العدالة الاجتماعية التي كانت المطلب الثالث للثورة. استطرد قائلاً: رغم أننا نسير في الطريق الصحيح إلا أنني كنت أتمني أن تنفذ مطالب الثورة بصورة أكثر سرعة وليس مطلوباً أن نلتزم بما تم في مسيرة الثورات الأخري مثل الثورة الفرنسية ودول أوروبا الشرقية من استغراق وقت طويل لتحقيق أهدافها في بناء نظام سياسي وطني عادل ولا أعفي الإخوان أيضاً من التسبب في هذه المشكلة بل وأكثر من ذلك أنهم الآن في حرب ضد الدولة المصرية. عنصر فعال * محمود عادل عضو ائتلاف شباب الثورة وعضو الأمانة العامة للجمعية الوطنية للتغيير يؤكد أن المكسب الأهم الباقي من ثورة 25 يناير هو كسر حجز الخوف بعد 30 عاماً من حكم مبارك الذي زرع نظامه في نفوس الناس استحالة تعديل الوضع القائم ولكن الشعب تجاوز ذلك وأثبت أنه يستطيع أن يكون عنصراً فاعلاً ويواجه القمع والانتهاك للإنسان وبالمناسبة هذا ما حدث في 25 يناير وأيضاً في 30 يونيو التي أري أنها مكملة ليناير وليس هناك فارق بين نظام مبارك ونظام الإخوان فالأول تاجر بالوطنية والوطن والثاني تاجر بالدين. أضاف في ال 4 سنوات التي أعقبت الثورة تخبطنا كثيراً وحققنا مكاسب وحصدنا خسائر ولكن بصفة عامة لم تكن النتائج النهائية علي المستوي المتوقع ليس فقط للذين شاركوا في الثورة ولكن للشعب المصري الذي قام بالثورة ومن أهم السلبيات من وجهة نظري حالة الفوضي التي عشناها لفترات طويلة رغم أن هناك فرقاً بين الفوضي والحرية فالأولي يحاسب عليها القانون والثانية ينظمها القانون. أكد أن الثورة رفعت 3 شعارات رئيسية هي العيش والحرية والعدالة الاجتماعية وهذه النقاط اختلفت الآراء بشأنها كثيراً وهذا هو الطبيعي لأن الثورة حدث بشري من المنطقي أن تحدث حوله خلافات ما بين التأييد والمعارضة ويجب أن نضع في اعتبارنا في نفس الوقت أننا نعيش وسط الشرق الأوسط الذي يموج بأحداث وتطورات هائلة وأيضاً وجود قانون تنظيم التظاهر لا يعني عدم وجود حريات فهناك أشكال كثيرة للحرية . * عمرو عز عضو ائتلاف شباب ثورة يناير وعضو اللجنة التأسيسية لجبهة شباب الجمهورية الثالثة يري أن الثورة هي حدث استثنائي يهدف إلي حالة من التغيير السريع بعد الوصول إلي حالة من السوء لا يمكن احتمالها كما حدث أثناء حكم مبارك ويتطلب أن يحدث هذا من خلال تكاتف وآليات جديدة للتنفيذ ولكن للأسف حدثت أخطاء كثيرة من جانب الجميع ولكن يتحمل الجانب الأكبر منها المجلس العسكري والإخوان. أضاف أن ما يتبقي من الثورة هو الفشل في احداث التغيير السريع بصورة غير تقليدية والاعتماد علي ذلك علي الشكل التقليدي وهو ما يجعل الأوضاع لا تتحسن بالشكل المرجو. أوضح أنه نتج عن ذلك أننا كشباب لم يعد أمامنا إلا أن نملك الشكل التقليدي في التغيير من خلال خوض العمل السياسي باحتراف وقد قررت أنا ومجموعة من الشباب تشكيل تحالف لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة والاحتكام إلي الشعب وإن كنت أعتقد أن الفرصة الأكبر أمامنا هي انتخابات المحليات القادمة حيث ستكون هناك كوتة الثلث بما يوازي 13 ألف شاب وستكون البداية للتغيير الحقيقي من أجل أن تحقق يناير أهدافها علي أرض الواقع. الثمن الغالي * رانيا بدران الناشطة السياسية وعضو ائتلاف شباب ثورة 25 يناير تؤكد أن الشيء الوحيد الباقي من الثورة هو أسماء وذكري الشهداء والمصابين الذين يعانون المرض والألم فالثورة لم تحقق ما قامت من أجله ودفع الشعب فيها ثمناً غالياً من أرواح شبابه الذين كانوا يحلمون من أجل حياة أفضل لمصر. أضافت: للأسف الثورة لم تكمل مسيرتها وليس معني إزالة مبارك وبطانته من سدنة الحكم أن الأمور سارت إلي الأفضل ففي رأيي أن مبارك كان بمثابة كبش الفداء الذي تم التضحية به لتظل نفس خطايا النظام الذي يمثله قائمة. أوضحت أن المسئولية عن ذلك مسئولية مشتركة بين المجلس العسكري الذي تولي الحكم بعد الثورة وشباب الثورة أنفسهم.. فالفريق الأول لم يدير الأمور كما ينبغي وكنت أشعر بذلك منذ لحظة نزول الدبابات إلي الشوارع فرغم فرحة الناس بذلك شعرت بالإحباط لأنني تأكدت لحظتها أن الثورة لن تسير في الطريق المرسوم لها وهو إدارة شئون البلاد. والمسئول الثاني شباب الميدان أنفسهم الذين تشتتوا وتشرذموا فمنهم من قام بتشكيل أحزاب هامشية لا قاعدة لديها بين الجماهير ومنهم من القي بنفسه في أحضان السلطة رغبة في المكسب الشخصي. تراجع الديمقراطية * محمد القصاص عضو ائتلاف 25 يناير وعضو الهيئة العليا للتيار المصري يبدو أكثر رفضاً لما حدث بعد 25 يناير مؤكداً أنه لم يتبق من هذا الحدث الكبير سوي شعاراته وأنه لم يتحقق أي نجاحات علي جميع المستويات فمن وجهة نظره هناك انتهاك للحريات وملف الديمقراطية يتراجع والعدالة الاجتماعية لم تتحقق بدليل استمرار ارتفاع الأسعار والدعم الذي لا يصل لمستحقيه. أضاف ويبقي أيضاً من ثورة يناير سعي العديد من المنابر الإعلامية الآن التي تسعي لاختزال كل الزخم الذي أحدثته ثورة يناير في الهجوم علي رموز الثورة والصاق كل التهم بهم بداية من تلقي الأموال من الخارج وانتهاء بالعمالة للجهات الخارجية. أشار إلي أنه رغم ذلك لن يفقد الأمل في أن تتحسن الأحوال إلي الأفضل لأن ثورة يناير رغم ما تعرضت له من هجوم بل وسب وقذف من العديدين زرعت في نفوس المصريين استمرار الحلم بالتغيير وعدم السكوت علي الأوضاع الخاطئة وأن الصمت لن يستمر طويلاً أمام عدم تحقيق أحلامه. .. ورجال السياسة يرصدون الإيجابيات والسلبيات * د.عماد جاد عضو مجلس الشعب سابقاً ونائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية يري أن أبرز إيجابيات 25 يناير هي أنها كسرت حاجز الخوف لدي المصريين ووضعت قدم الشعب علي أول طريق الديمقراطية وفتحت الطريق ومهدته لقيام أحزاب سياسية حقيقية غير مصنوعة وأصبح لدينا رئيس منتخب في انتخابات نزيهة تتم لأول مرة بعيداً عن التزوير وتتميز بشفافية كبيرة.. ونجحت الثورة في رفع سقف حرية الإعلام الذي كان هناك مطالبات به منذ زمن طويل. أضاف: وهذا لا ينفي وجود العديد من السلبيات تمثلت في استيلاء جماعات الإسلام السياسي علي مقاليد الحكم وتصدر المشهد ومن أبرز هؤلاء جماعة الإخوان كما تم اختراق مؤسسات الدولة عن طريق أجهزة خارجية واستهدف ذلك تدمير مؤسسات الدولة باسم الدين في إشارة واضحة للخلط بين الحرية والفوضي. كما تمت أخونة العديد من مؤسسات الدولة ومن أبرز السلبيات ظهور شخصيات غامضة ليس لديها دوافع وطنية وإن كان هذا لم يخل من شيء جيد في نفس الوقت وهي إظهار قدرة المواطنين علي الفرز بين الغث والثمين وعدم استمرار تصدر هؤلاء للمشهد. طفرة كبيرة * د.مجدي عبدالسلام القيادي بحزب النور وعضو مجلس الشوري سابقاً يري أن 25 يناير نجحت في جعل طوائف الشعب علي اختلاف طوائفها تهتم بالعمل السياسي بعد أن عشنا حالة من العزوف عن الاهتمام بالشأن العام لعهود طويلة مما حقق طفرة كبيرة في الثقافة السياسية بوجه عام لدي جموع المواطنين كذلك من أبرز الإيجابيات أن الدولة لم تعد تنظر نظرة سلبية لاهتمامات ومشاكل المواطن البسيط وشهدت أجواء الحرية انفتاحاً كبيراً وهو ما أكد أيضاً ارتفاع الوعي لدي المواطن وأن القادر علي التغيير هو الشعب وليس النخبة. أضاف: ولكن الثورة خلقت حالة من الصراع بين جميع طوائف المجتمع دون النظر للمصلحة العليا للبلاد بسبب صغيان الانتماء الايديولوجي علي المصالح الوطنية وحدث تراجع اقتصادي كبير أثر علي معظم القطاعات وللأسف تحمل تبعاته السلبية المواطن البسيط الذي قامت من أجله الثورة. استعادة المكانة * د.محمد محيي الدين عضو مجلس الشعب سابقاً يري أن الثورة جعلت لكل إنسان صوته وأصبح قادراً علي النقاش وإبداء الرأي بحرية تامة حتي لو كان مخالفاً لمن يتولون قيادة الأمور وانتهي عصر تكميم الأفواه واستعاد الشعب قوته ومكانته التي غابت علي مدار حكم مبارك وما قبله وأصبحت هناك خطوات لإنشاء دولة حقيقية لها دستور وقوانين حاكمة وحرية في الرأي والتعبير. أوضح أن من أهم سلبيات الثورة ظهور مرتزقي الثورة المعروفين إعلامياً بالثوار وهم الذين شوهوها وأساءوا إليها رغم أنها من أنقي وأطهر الثورات ولم تكن مؤامرة كما يروج البعض. لذلك فالصحيح أن بعض هؤلاء من كان بمثابة خيوط المؤامرة الذين سريعاً ما اكتشف الشعب حقيقتهم وأيضاً شهدنا انفراط عقد الشباب الطاهر الذي كان له مكانة متميزة في المقدمة وساهم في ذلك الوضع عدم وجود قيادة للثورة تنظم وتخطط وتقود. غياب الأمن * مارجريت عازر الأمين العام المساعد للمجلس القومي للمرأة وعضو مجلس الشعب سابقاً تؤكد أن ثورة يناير كسرت حاجز الخوف ونجح الشعب في استرداد حقه في أن يكون صاحب القرار وإسقاط الأقنعة عن الوجوه التي تاجرت بالدين وخلطته بالسياسة. أضافت: أن هذا الحدث المحوري في التاريخ المصري الحديث ظهرت له العديد من السلبيات تمثلت في انتشار حالة من الفوضي في الشارع ورغم محاولات الداخلية إعادة إصلاح الشارع وتحقيق الاستقرار لكننا لا نستطيع أن ننكر أنه مازال هناك العديد من الحالات الصارخة لهذه الفوضي. أيضاً عانينا من ظهور نخب جديدة ليس لديها وعي أو خبرة بالعمل السياسي والعام وهم ما يسمون بالحقوقيين والنشطاء والأحزاب الورقية التي وصل عددها إلي رقم غير مسبوق وغير طبيعي وهو 103 أحزاب ليس لديها احتكاك أو دراية بالناس أو قدرة علي العمل الجماهيري بل ساهمت بشكل كبير في الإساءة لحرية التعبير. حزب الكنبة * ناجي الشهابي رئيس حزب الجيل يري أن من أبرز إيجابيات 25 يناير إنهاء ثقافة التوريث التي أوجدت حالة من البلبلة والضيق لدي السواء الأعظم من المواطنين وتحول ما يعرف بحزب الكنبة من المواطنين الصامتين إلي حزب فاعل يحرك المياه الراكدة في المجتمع ويمتلك القدرة علي تكوين رأي عام حول قضايا الوطن. أوضح أن هناك سلبيات لا يمكن التغاضي عنها وهي صعود الإخوان إلي مقدمة المشهد وانتشار القيم السلبية وسيطرة حالة من عدم اللامبالاة والفوضي لدي قطاع كبير من المواطنين واختفاء العديد من القيم التي ارتبطت بالشخصية المصرية. المكانة اللائقة * نبيل زكي المتحدث الرسمي لحزب التجمع يؤكد أن من أبرز إيجابيات الثورة أن الشعب أصبح منذ سنوات طويلة قادراً علي صناعة مقدراته وأصبحت مصر مستقلة ولا تدور في فلك أي دولة ولا تقبل إملاءات أو تدخلا في شئونها أو علاقاتها الدولية وعادت مصر لمكانتها اللائقة علي جميع المستويات. أوضح أنه أصبح هناك اهتمام حقيقي بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية رغم عدم إغفال وجود مشاكل جمة كذلك كشفت الثورة المتاجرين باسم الدين وحقيقتهم وأسقطت الأقنعة عن أشخاص كانت الناس تعتقد في وطنيتهم. أشار إلي أن من أبرز السلبيات تفتت القوي السياسية والأحزاب وصعود تيار الإسلام السياسي ممثلاً في الإخوان وانتشار التطرف والإرهاب والتراجع الثقافي والتعليم مما أدي في النهاية إلي تراجع الخطاب الديني ورغم سقف الحرية إلا أن الكثير من وسائل الإعلام أساءت لهذه الحرية مما يستدعي وجود ضوابط. ثورة بيضاء * د.كاميليا شكري عضو الهيئة العليا لحزب الوفد تصف الثورة بأنها الأنصع في تاريخ البشرية وقادها الشعب بالكامل وليس فصيلا محدداً ورغم وجود شهداء إلا أنها كانت ثورة بيضاء جمعت كل طوائف الشعب بهدف التغيير والإصلاح وروح الإيجابية التي طغت علي كل شيء وإن تراجعت بعد الأيام الأولي للثورة.. ومن الإيجابيات أيضاً ظهور الشباب في مقدمة من قادوا الثورة رغم أنهم كانوا من الفئات المهمشة. أضاف أن الثورة كان لها سلبيات أبرزها أنها أظهرت عدم خبرة المجلس العسكري في المجال السياسي وإدارة شئون البلاد وسيطرة الإخوان علي مفاصل الدولة وظهور ائتلافات متعددة أضعفت من القوي الشبابية التي كان لها دور كبير في نجاح الثورة. كذلك وجدنا ظهور من ارتدوا الأقنعة وحصلوا علي تمويلات من الخارج ويعملون وفق أجندات ومصالح خارجية وإن كان تم إسقاطهم فيما بعد.