التصريح الذي أطلقته السفيرة ميرفت التلاوي رئيس المجلس القومي للمرأة مؤخراً وذكرت فيه أن المرأة المصرية تتعرض لأنواع مختلفة من الإرهاب في المجتمع أثار جدلاً بين الكوادر النسائية. البعض أيد "التلاوي" وأكد أن المرأة تتعرض بالفعل لظلم اجتماعي وقهر قانوني وأن ذلك تجلي في ارتفاع معدلات العنف ضدها بصورة حادة بينما عارض البعض الآخر تصريحات رئيسه المجلس القومي للمرأة مؤكداً أنه لا يوجد ما يرهب المرأة المصرية وانها حصلت علي مكاسب كثيرة لم تكن تحلم بها ولم تتحقق من قبل في أي عصر. في البداية تقول الدكتورة اميمة أبوبكر نائب رئيس جمعية المرأة والذاكرة: القول بأن المرأة المصرية تتعرض للإرهاب.. مبالغ فيه جداً صحيح أن هناك مشاكل تعاني منها المرأة مثل التحرش والتعرض للعنف ولكنها مشاكل موجودة في كل دول العالم وليس في مصر وحدها.. وهناك تحرك نسائي ومجتمعي قوي في مصر لمواجهة هذه المشكلة وأن من خلال الاجراءات الأمنية أو الاجراءات القانونية التي تستهدف تغليظ العقوبة علي جرائم التحرش والاغتصاب تصل إلي الاعدام. أوضحت أن هناك ظلما تتعرض له المرأة في المجتمعات الريفية حيث إن العادات والتقاليد هناك تحرم البنت من التعليم ومن الخروج للعمل إلا أنه في المجتمعات الحضرية فإن المرأة تحصل علي كل حقوقها في التعليم والعمل وغيرها. اشارت إلي ضرورة تحرك المنظمات النسائية والجمعيات الأهلية المعنية بحقوق الانسان وشئون المرأة للعمل في المجتمعات الريفية والعمل علي تمكين المرأة هناك من الحصول علي كامل حقوقها. العنف والتحرش أما السفيرة نائلة جبر مستشارة الأممالمتحدة لحقوق المرأة: فتري أن د.ميرفت التلاوي تقصد بتعرض المرأة المصرية للإرهاب هو ما يحدث لها من تحرش وعنف بدني في الشوارع أو داخل المنزل مشيرة إلي أنه نتيجة الأزمة الاقتصادية الحالية التي تعاني منها العديد من الأسر المصرية أدت إلي وجود قهر للمرأة المصرية داخل منزلها من زوجها نتيجة المتاعب الاقتصادية. اشارت إلي أن الحكومة حددت 25% من مقاعد المجالس المحلية للمرأة بينما رفضت تحديد كوتة للمرأة في البرلمان القادم واكتفت بالوعد بوجود مناسب للمرأة في مجلس النواب القادم. اكدت السفيرة علي ضرورة العمل علي تغيير صورة المرأة في المقررات التعليمية حيث أن الصورة الحالية تهظر المرأة علي انها تتفرغ لأطعام اسرتها وتزيين أولادها فقط ولا تظهر دورها في المجتمع ولا تشير كثيراً إلي الشخصيات النسائية الناجحة منذ حتشبسوت حتي العصر الحالي رغم أن هناك الكثير من السيدات الناجحات مثل نبوية مرسي وعزيزة حسين وأم كلثوم وغيرهم في جميع المجالات. لا توجد إحصائية وتقول الدكتورة سميحة نصر استاذ علم النفس بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية: إنه لم يتم اجراء أي دراسة حتي الآن بالمركز حول حقيقة تعرض المرأة المصرية للإرهاب مشيرة إلي أن الدراسات التي تم اجراؤها دارت حول تعرض المرأة للعنف البدني أو اللفظي أو المعنوي أو العنف الجنسي. اشارت إلي أن المرأة المصرية خلال السنوات الماضية ومنذ ثورة 25 يناير تعرضت للعنف البدني سواء في الشارع أو في مواقع العمل أو في المنزل من زوجها.. وذلك نتيجة لعوامل كثيرة علي رأسها الانفلات الأمني والأخلاقي وزيادة الأعباء الاقتصادية. اكدت ان الزوجة هي التي تتحمل مسئولية تعرضها للعنف من الزوج لأنها تصمت علي ذلك وترضي بذلك بدعوي أنها "عاوزة تعيش" كما أن هناك مثلاً شعبياً يقول "ابنك علي ما تربيه وزوجك علي ما تعوديه". اشارت د.سميحة إلي أنه رغم ذلك فإن المرأة حصلت علي العديد من حقوقها مثل حق التعليم وحق العمل وغيرها كما أنها تبوأت العديد من المناصب القيادية ولكن مازالت نسبة السيدات اللاتي يتولين مناصب قيادية محدوداً نتيجة طبيعة المرأة المصرية التي تفضل التفرغ لأسرتها ولتربية أولادها. أكدت علي ضرورة تغيير ثقافة المجتمع الذكوري التي نجدها بين السيدات أنفسهم اللاتي يفضلن الذكر علي الأنثي. المرأة السبب وتري الدكتورة ماجدة سليمان مدير مشروع التنمية الاجتماعية لمؤسسة قضايا المرأة: أن المرأة نفسها تعتبر أحد العوامل الرئيسية لبعض أنواع العنف والاضطهاد وذلك لتقبلها له واعتبار التسامح والخضوع أو السكوت عليه كرد فعل لذلك مما يجعل الآخر يأخذ في التمادي والتجرأ أكثر فأكثر وقد تتجلي هذه الحالة آكثر عند فقد المرأة من تلجأ إليه ومن يقوم بحمايتها. اشارت إلي أن هناك افكاراً وتقاليد متجذرة في ثقافات الكثيرين والتي تحمل في طياتها الجاهلية لتمييز الذكر عن الأنثي مما يؤدي ذلك إلي تصغير وتضئيل الأنثي منذ الصغر وتعويد الأنثي علي تقبل ذلك وتحمله والرضوخ إليه اذا انها لا تحمل ذنباً سوي انها ولدت أنثي. قالت إن الاقوال والأمثال والتعابير التي يتداولها الناس في المجتمع عامة بما في ذلك النساء أنفسهم حيث تعطي للمجتمع الذكوري الحق في التمادي ضد الإناث مثل قول المرأة عند ضربها من قبل زوجها ظل راجل ولا ظل حيطه. قالت إن تهميش المرأة مازال مستمراً في المجتمع وخاصة في مراكز صنع القرار وهذا ما نراه في المجالس المحلية أو البرلمان حيث يكون التمثيل هزيلاً. أما سمية الألفي خبيرة في مجال الطفل والأسرة: فإنها تتفق مع ما قالته السفيرة ميرفت التلاوي هو تعرض المرأة المصرية للإرهاب ولكن في مناطق معينة مثل الأحياء العشوائية والفقيرة وخاصة في المحافظات النائية.. تري أن العنف ضد المرأة قضية مجتمعية لها أبعاد اقتصادية وثقافية ونفسية متعلقة بحقوق الانسان وليس قضية تتعلق بالنساء فقط مؤكدة أن العنف ضد المرأة المصرية يرجع بالاساس للموروثات الثقافية الرجعية المتفشية في المجتمع باللاضافة للأوضاع الاقتصادية السيئة. الانتهاكات الزوجية وتقول الدكتورة إيناس ابويوسف استاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة: ان الدرسات التي اجريت مؤخراً كشفت عن الانتشار الواسع للانتهاكات الزوجية في مصر فقد أفاد اكثر من ثلاث من كل 5 نساء متزوجات بأنهن تعرضن بشكل ما من أشكال العنف الاسري النفسي كما أقر ما يقرب من أربعة من كل خمسة رجال متزوجين بأنهم مارسوا شكلاً من اشكال العنف النفسي والجسدي علي زوجاتهم. اشارت إلي أن المشكلة الحقيقية وراء العنف ضد المرأة المصرية ترجع إلي عدم وجود تشريعات وقوانين كافية تحفظ حقوق المرأة بالاضافة إلي الموروثات الثقافية والمجتمعية التي رسخت للنظرة الدونية للمرأة والتي تقف حائط صد أمام تطبيق هذه التشريعات. اشارت إلي أن "تجار الدين" يقدمون خطاباً يحض علي العنف ضد المرأة وهذا الخطاب يجد ترحيباً من جانب الجملاء. قالت إن تغيير هذه الثقافة يحتاج إلي نضال طويل حتي يحدث هذا التغيير!!. وتختلف المحامية هالة عبدالقادر رئيس جمعية تنمية الأسرة: مع تصريح السفيرة ميرفت التلاوي مؤ كد أن ارهاب كلمة سيئة السمعة وتعني النيل من المرأة واغتصاب حقوقها. نقول إ السبب الرئيسي للعنف ضد المرأة يعود إلي الخلل الفادح في موازين القوي بين الرجال والنساء في المجتمع لا سيما أن المرأة المصرية مازالت بعيدة عن مناطق صنع القرار وأن الثقافة السائدة هي الثقافة الذكورية التي تعبر عن نفسها تشريعات لصالح الرجال علي حساب النساء مرحبة بدور منظمات المجتمع المدني والإعلام في فضح وكشف تلك الجرائم. اشارت إلي أن مجهودات السنوات الماضية أثمرت أن العديد من ضحايا العنف والتحرش والاغتصاب يقومون بالتقدم ببلاغات ضد الجناه ويلاحقهن جنائياً بعد أن ظل صمت الضحية هو العنوان الرئيسي أمام تلك الجرائم خوفاً من الفضائح مما يبشر بتناقص تلك الجرائم مستقبلاً.. انتقدت وجود تشريعات تنتهي إلي بدايات القرن العشرين تفيد الحريات ومازالت سارية حتي الآن بالرغم من أن الدستور الجديد حمل آفاقاً لتطور حقوق الانسان وفي القلب منها حقوق المرأة وعدم التمييز ولأول مره ينص الدستور الجديد علي انشاء مفوضية لمكافحة التمييز ولذلك فنحن بحاجة إلي ترجمه تلك المباديء الدستورية إلي قوانين تدخل حيز التنفيذ علي أرض الواقع. وتقول نجوي جمال الدين المسئولة عن المرأة بمحافظة الجيزة: إن مقولة المرأة ضعيفة لم يعد لها الآن محل من الأعراب فالمرأة حصلت علي مكاسب عديدة وتولت العديد من المناصب القيادية.. اشارت إلي أنه بالرغم من هذا إلا أن هناك تحديات كبري مازالت قائمة لتغيير الثقافة المجتمعية التي تبرر للعنف والاعتداء الجنسي ضد النساء ومن جانب آخر مازال هناك عنف يقع من الدولة علي المرأة مثل حالات خطف النساء من ذوي المطلوبين في بعض مناطق الريف والصعيد لإجبار المطلوبين في القضايا علي أن يسلموا أنفسهم كما اشارت إلي أن هناك دراسات تؤكد أن نحو 50% من النساء اللاتي يتعرض للعنف الأسري غير مقتنعات انه جريمة بالرغم من عدم نص القانون عليها إلا أنهم يعتبرونها مجرد عمل عنيف غير مرغوب ضدهم ولكن لا يصل لوضعه بالاعصاب!!. أوضحت أن قانون الاسرة المصري به العديد من الاشكاليات التي تضر بحقوق الاسرة المصرية عند الخلاف القضائي وبخاصة الاجحاف بحق المرأة بها التي مازالت تعاني الكثير والكثير حتي تنال حقها بالطلاق لصعوبة اثبات الضرر الواقعة عليها وليس لديها طريق آخر سوي أن تتنازل عن كل حقوقها المالية حتي تستطيع أن تحصل علي حقها بإنهاء العلاقة الزوجية. مع السيدات تقول ليلي محمود ليسانس آداب جامعة القاهرة إن الارهاب التي تتعرض له الفتاة أو المرأة بالفعل داخل العشوائيات.. فهناك بحث قمنا به اثناء الدراسة داخل العشوائيات.. وجدنا أن الفتاة بداخلها تتسرب من التعليم بل حرمانها منه نهائياً.. وتزويجها في سن صغيرة وتصاب بمشاكل صحية لها ولأبنائها الصغار.. فهو بالفعل ارهاب تتعرض له الفتاة!!. وتضيف زميلتها سلوي عبدالوهاب ليسانس فلسفة: أن المرأة يقع عليها عنف سواء في الشارع أو المنزل.. اما بالتحرش أو حصرها في انها تقوم بخدمة اشقائها الذكور لأنهم مجرد ذكور فقط وعليها أن تنفذ أوامر الأم تجاههم.. ويمكن أن تترك مذاكرتها في سبيل أن تقوم بعمل كوب شاي أو كي ملابسه وهكذا فهذا ارهاب للبنت من الاسرة ولكن لابد أن تتيغر هذه الصورة من خلال وسائل الاعلام بدءاً من البرامج السياسية التي تذاع علي جميع القنوات وتستبدل بها أو تخصص مساحة للبرامج الخاصة للمرأة في نفس التوقيت. وتضيف أمل عبدالرازق مدرسة لغة عربية: أن زميلتها تعرضت للأذي البدني من زوجها والعنف يومياً لأتفه المشاكل الزوجية.. ولكنها رفضت الخلع ورفضت المطالبة بالطلاق من أجل أولادها الثلاثة ولكنها دفعت هذا ثمناً لحياتها.. فأصيبت بمرض "خبيث" وتواجهه بمفردها وأن العلاجات نتائجها بطئية.. وأن أهلها لم يستطيعوا التأثير عليه بالإصلاح من منهج حياته.. وهو الآن تزوج بأخري وترك لها الأولاد!!.