حين يفقد "الإنسان" آدميته ويترك نفسه لشيطانها وشهواتها يتحول إلي ما هو أسوأ من "الحيوان" وينزلق إلي هوة سحيقة لاقرار لها وبطل قصة اليوم نموذج واضح لنوع من الناس سار وراء شهواته حتي ارتكب جرائم حقيرة يستحق العقاب عليها ألف مرة. نشأ "سيد" في حي شعبي من أحياء القاهرة وكان أبوه موظفا بسيطا في احدي المصالح الحكومية وأمه ربة منزل تفرغت لتربيته والعناية به هو وشقيقته الكبري "هالة".. حاول الوالد أسعاد أسرته الصغيرة بشتي الطرق فرغم دخله الحكومي المحدود إلا انه كان يحرص دائما علي الخروج مع أسرته مرة أخري علي الأقل كل شهر وارتياد الحدائق العامة المنتشرة في كافة أرجاء المحروسة أو زيارة برج القاهرة أو القلعة.. حتي لا يشعر أبناؤه بالحرمان أو يتهمان والدهما بالتقصير. مرت الأيام وكبر الفتي وصار شابا في العشرين من عمره. وأنهي تعليمه بالحصول علي دبلوم فني صناعي بينما تخرجت شقيقته "هالة" في كلية الحقوق وتزوجت من أحد زملائها بالجامعة وسافرت معه إلي احدي الدول العربية ليبنيا مستقبلهما في الخارج. أما "سيد" فقد عاش مع والديه وساعده والده في العمل بأحد المصانع بالمنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر.. وبدأ الشاب عمله باجتهاد ودأب حتي وصل إلي مرحلة الاتقان وصار يضرب به المثل في مهارته وسرعته في انهاء ما يطلب منه من أعمال وكان هذا من دواعي فخر والده. لكن وكما يقال "الحلو ما يكملش".. كان العيب الخطير في "سيد" هو "ولعه بالنساء" والتفنن في التعرض لهن ومعاكستهن في الطريق أو بأي مكان يتاح فيه أن يمارس هذه العادة البغيضة. منذ وصوله لمرحلة البلوغ بدأت تظهر علي "سيد" صفات سيئة لم تعرف عنه من قبل فبدأ يتعرض للفتيات في الحي ويغازلهن بصورة تكررت كثيرا وأزعجت أهالي البنات الذين عاتبوا والد الشاب لكن الأب قابل ذلك بابتسامة وقال "طيش شباب". عندما زاد "طيش الشباب" عند سيد وبدأ والده يشعر أن الأمر قد يخرج عن السيطرة بادر ليخطب له احدي قريباته بعد ان وافق عليها الشاب وتمت الخطوبة سريعا وكان السبب الرئيسي في إقدام الأب علي هذه الخطوة هو ما وصل اليه من أحد معارفه في المصنع الذي يعمل به ابنه أن سيد بدأ يتردد علي أحد بيوت الدعارة ويصاحب الساقطات .. خشي الأب علي ولده الوحيد من عاقبة هذا المسلك ورأي بعد تشاور مع "أم سيد" أن الحل الوحيد هو الزواج حتي لا يجلب لهما ابنهما فضيحة تمس بسمعتهما في الحي. باعت الأم "ذهبها" وأنفق الأب "تحويشة العمر" حتي تمكنا من اتمام زفاف "سيد" وكانت ليلة لن ينساها أهل الحي الذين سهروا حتي الساعات الأولي من الصباح في أجواء من السعادة والحب والغناء. فرح "سيد" بعروسه الجميلة "نجلاء" وانتقل العروسان للعيش في احدي الشقق بمدينة 6 أكتوبر وتركا الحي الذي تربيا فيه.. ولم تدم لهما السعادة أكثر من عام واحد رزقا خلاله بطفلة جميلة "مني". بعد العام الأول من الزواج لاحظت "نجلاء" بعض الأمور علي "سيد" لكنها لم تناقشه فيها واكتفت بملاحظتها فقط.. لاحظت "نجلاء" علي زوجها أنها كان يطيل النظر إلي اختها "نجوي" عندما تأتي لزيارتها في المنزل. وكان يمكث في البيت أثناء وجود "نجوي" ولا يخرج كعادته للجلوس مع أصدقائه علي المقهي.. ولاحظت أيضا علي زوجها ولعه بالكلام مع النساء في المرات التي كانا يخرجان فيها سويا لشراء ملابس لطفلتهما الصغيرة. ففي هذه المرات كان "سيد" مولعا بالحديث مع البائعات. حتي مع النساء المتواجدة في المكان. ودائما ما يبدأ حديثه معهن بأمر طريف يثير ضحكهن ويبدأ بعدها في فتح باب للكلام مع من تتجاوب مع كلامه. ولا تنسي "نجلاء" أنها شاهدت زوجها مرة أثناء رجوعها من السوق بصحبة احدي السيدات وعندما استوقفته وسألته عنها قال انها زوجة أحد زملائه في المصنع قابلها بالصدفة وعرض عليها توصيلها ووافقت. وهكذا بدأت ملاحظات "نجلاء" تتزايد وتتراكم حول زوجها واشتكت إلي أمها التي نصحتها بالصبر وعدم الاستسلام لشكوك قد تكون كاذبة.. ومرت سنة أخري علي الزوجين وكانت سنة حزينة مات فيها والد "سيد" ووالدته.. كما ماتت والدة "نجلاء" وكانت السنة في مجملها مغلفة بالحزن والشجن. بعد هذا العام تغيرت طباع "سيد" وظهرت عليه اشياء جديدة فاعتاد تدخين "الحشيش والبانجو" وحضور "جلسات المزاج" برفقة بعض أصدقائه. ساءت أخلاقه وبدأت المشاكل تزداد بينه وبين "نجلاء" بسبب ادمانه المخدرات التي لم يعد يستطيع الابتعاد عنها وتستنزف جزءا كبيرا من دخله... كما عاد لسيرته الأولي في التردد علي "بيوت الريبة" ومصاحبة الساقطات وبائعات الهوي.. مما أثر علي سمعة زوجته في المنطقة التي تقطن بها. عبثا حاولت "نجلاء" إثناء زوجها عن أفعاله لكنه كان يقابل نصائحها باستهتار ويصفها بالمرأة الكئيبة التي لا تريد الاستمتاع بما تحمله الحياة من ألوان المتع العديدة التي لا ينبغي للعاقل أن يضيعها. في تلك الأثناد انفصلت "نجوي" شقيقة "نجلاء" عن زوجها ولم يكن لها مكان تلجأ اليه سوي بيت شقيقتها ولو لفترة حتي تستطيع تدبير أمورها. رحبت نجلاء بأختها وعملت كل ما تستطيعه حتي تزيل عنها مأساتها.. ورغم خوف "نجلاء" من زوجها الا انها فوجئت ب "سيد" مبتهجا بوجود "نجوي" في المنزل مما أثار في نفسها بعض الشكوك تجاهه وصممت أن تكون عيونها مفتوحة تماما لمراقبة زوجها حتي لا يحاول ارتكاب أي فعل طائش مع أختها الوحيدة.. وكانت "نجلاء" لا تنام إلا بعد اطمئنانها إلي نوم شقيقتها واغلاق الحجرة عليها.. وكانت لا تخرج لشراء احتياجات المنزل الا في أوقات خروج زوجها لعمله في الصباح. اعتقدت الساذجة أنها بهذا تغلبت علي "الذئب" الذي يعيش معها لكنها اكتشفت أنها لا تعرف شيئا عن الانسان الذي تعاشره.. ففي أحد الأيام لمحت شقيقتها وعيونها "محمرة" من أثر البكاء واعتقدت "نجلاء" ان بكاء "نجوي" يرجع لطلاقها ووحدتها لكن الصدمة كانت شديدة عندما أخبرتها شقيقتها بعد إلحاح كبير أنها ستترك الشقة وتمضي وعندما سألتها عن السبب أخبرتها نجوي بالدموع تملأ عينها أنها فوجئت منذ أسبوع بزوج "نجلاء" يقتحم غرفة نومها في الثالثة فجرا ويتحسس جسدها بطريقة حيوانية وعندما أرادت أن تصرخ فوجئت به يخرج سكينا ضخما ويضعه علي رقبتها ويهددها بالاستسلام له أو قتلها دون رحمة ولما حاولت استعطافه وافهامه أنها محرمة عليه ضربها بيده وألقاها علي السرير ثم اغتصبها بوحشية. وأعاد الكرة مرة ثانية بنفس الطريقة. صممت "نجلاء" علي الانتقام من زوجها وبالفعل رسمت خطتها مع أختها نجوي واتفقتا علي ان تقنع "نجلاء" زوجها بأن تكون جلسات المزاج داخل الشقة حتي تقوم علي خدمته بنفسها وفي نفس الوقت قامت نجوي بالابلاغ عنه في قسم الشرطة وبالفعل بمجرد جلوس "سيد" ورفاقه في الشقة والبدء في تناول "الحشيش والبانجو" اذا برجال الشرطة فوق رءوس الجميع وتم ضبطهم متلبسين في جناية تعاطي مخدرات. أحست "نجلاء" بالراحة بعد القبض علي زوجها وان كانت لاتزال تفكر حتي الآن.. كيف تنتقم منه علي خيانته لها واعتدائه علي شقيقتها ومازالت نجلاء تنتظر اليوم الذي تحقق فيه الانتقام الكامل لتبرد نارها.