لن نصنع الأمل بالنوايا الحسنة ولن نتقدم ونحن واقفون.. لن نحصد إلا إذا زرعنا ولن نجني إلا إذا عملنا.. البلد تعيش حالة نوم جماعي. وكل من فيها تفرغوا للقيل والقال.. يحللون أمور الوطن وكأنه منتخب الكرة.. كل واحد يلوم غيره وكأنه وحده الصالح.. وحده من يعمل.. المقاهي تسهر حتي الصباح وتروس الإنتاج صدأت من توقفها الطويل. لسنا بلدا فقيرا علي الإطلاق وقد زرت بلادا تنطلق في عالم الاقتصاد بسرعة الصاروخ وتعجبت أن غناها لا يستند إلي شيء سوي العمل وسواعد أبنائها.. ليس لديها نيل مثلنا ولا شمس كشمسنا ولا سواحل تمتد بطول البلاد وعرضها ولا تلك الخضرة التي تسري في ربوع الوطن كالشريان.. لدينا مناجم خفية لكننا عازفون فقط عن طرق بابها أو أن نقول حتي "افتح يا سمسم". كنا نأمل ان يستيقظ الناس في السادسة فإذا هم ينامون في السابعة صباحاً. والمكاتب والهيئات تزخر بالعاطلين والكسالي وفاتحي الأدراج الذين ظنناهم قد اختفوا.. الفساد ضارب في جذور الوطن.. نحن من يصنعه ويغذيه ونحن من يشكو منه.. يدفع الواحد منا لانجاز مصلحة ويعود إلي بيته يفاخر بأنه عرف الطريق ويشكو من فساد الموظف. نحن بحاجة إلي ثورة بداخلنا.. تزيل تلك الغشاوة عن عيوننا وقلوبنا لنري مصر التي نسيناها.. مصر التي أرهقناها ومزقناها وحاربناها.. مصر الصابرة.. مصر الطاهرة.. مصر التي مازالت رغم فساد المفسدين وإرهاب الخائنين تعطينا.. تقف في انتظارنا منذ عقود.. تبكي لأن أبناءها يرونها ولا ينشدون إليها سبيلا.. يطنطنون فقط بالأغاني لتستريح ضمائرهم.. الوطن لديهم أغنية وليس ترسا وفاسا وعرقا يحيي تلك الأرض العطشي. الحكومة أيضاً عليها مسئولية.. عليها أن تشحذ الهمم وتفتح النوافذ علي المستقبل.. أن تسبقنا بألف خطوة.. أن تفكر داخل وخارج الصندوق .. أن تدهش شعبها. علي كل فرد في الحكومة أن يدرك أنه من صفوة هذا البلد وأن يفكر ويبتكر وفق هذا المفهوم وألا ينتظر كل صباح ليفتح دكانه ثم يسأل صبيانه ماذا لدينا وماذا سنفعل.. نحتاج إلي "سوبر مان" في كل موقع أما أولئك المتحجرون النائمون الذين تجاوزهم الزمن فلا نريدهم.. مصر ليست فقيرة.. نحن من أفقرناها ونحن من يرفض أن يأخذ بيديها إلي الغني وإلي واقع يليق بها بدلا من هذا التردي وخيبات الأمل. مصر التي تئن في بيت الموظف المسكين وتجاور سائق التاكسي وترافق الفلاح في حقله والعامل في مصنعه وتجلس مع المرضي علي سلالم المستشفيات في انتظار "سوفالدي" لا يعبجها ما آلت إليه لكن أبناءها تيبست سواعدهم من نوم ثقيل.. بإمكاننا أن نخفف عن مصر.. فقط لو عملنا.. فقط لو أدركنا ان اليد هي أداة الإرادة وأن الغد لا يصنعه العاجزون. ** ما قبل الصباح: البشر أصل الثروات والحب يصنع المعجزات