تنسيق الجامعات.. البرنامج المكثف في التمريض بجامعة حلوان    محافظ أسوان يكلف معاونه ومسئولي الوحدات المحلية بمتابعة تجهيز 190 لجنة انتخابية    محافظ الجيزة يتابع ميدانيًا إصلاح عطل كهربائي تسبب في توقف محطة مياه جزيرة الدهب    كل ما تحتاجه الأسرة من منتجات غذائية ولحوم وخضار بسوق اليوم الواحد بالجمالية    وزيرة التخطيط ونظيرتها بجنوب أفريقيا تؤكدان أهمية التوسع بمشروعات البنية التحتية بالقارة السمراء    السيسي يتابع الموقف التنفيذي للمشروعات الصناعية وتوفير المواد الخام اللازمة للعملية الصناعية    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    عمرو السولية: "القاضية" البطولة الأهم في مسيرتي مع الاهلي.. بيراميدز استحق التتويج الأفريقي    حركة تنقلات الداخلية 2025.. اللواء أيمن حمزاوي مديرا لأمن البحر الأحمر    وزير التعليم يعتمد جدول امتحانات الثانوية العامة دور ثان 2025    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    الأحزاب فى اختبار الشعبية بالشارع    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    بعد انتهاء معسكر تونس .. الأهلي يتجه إلى مطار قرطاج لبدء رحلة العودة للقاهرة    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    وزارة الصحة توجة نصائح هامة للمواطنين بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    العودة إلى الجذور.. البابا تواضروس يفتتح ملتقى لوجوس الخامس للشباب    وزير خارجية إسبانيا: المجاعة في غزة عار مخز.. و40 ألف رضيع مهددون بالموت    موعد جنازة زياد الرحباني    وزير الثقافة: نقل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر    استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة آخرين جراء قصف خيام واستهداف منتظري المساعدات بغزة    حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت في البرلمان من أجل الاعتراف بدولة فلسطين    وزارة التربية والتعليم تعلن بدء تحويلات المدارس الدولية IPS    ضبط 118.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    عامل وراء حرق مطعم يعمل به لإخفاء جريمة سرقة    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    محافظ أسيوط يتفقد أعمال إنشاء أول مصنع متكامل لمنتجات الرمان بالبداري - صور    شوبير: الزمالك يعلن عن 3 صفقات خلال ساعات.. وحسام عبد المجيد يغلق صفحة الرحيل    بورسعيد تودع "السمعة".. أشهر مشجع للنادى المصرى فى كأس مصر 1998    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    مقتل 6 أشخاص جراء تدافع في معبد هندوسي شمالي الهند    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بالطريق الأوسطى    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    القاهرة الإخبارية: المساعدات لغزة تحمل كميات كبيرة من المواد الغذائية والطحين    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية»| الأحد 27 يوليو    حياة كريمة.. افتتاح جزئى لمستشفى دار السلام المركزى بسوهاج اليوم    القصة الكاملة لحادث انهيار منزل في أسيوط    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «تجاوزك مرفوض.. دي شخصيات محترمة».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على مصطفى يونس    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    "سنلتقي مجددًًا".. وسام أبوعلي يوجه رسالة مفاجئة لجمهور الأهلي    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: "التفاهم بينا كان في منتهى السهولة    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأبنودي ل«الصباح»: مفيش حاجة اسمها نعمل ثورة ونخلصها ونمشى
نشر في الصباح يوم 10 - 01 - 2013

شاعر مرت عليه العصور، ويحمل بين خصلات شعره البيضاء ذكريات أربعة رؤساء: عبدالناصر، والسادات، ومبارك، وأخيرا الرئيس مرسى. التقته «الصباح» لتحاوره عن مصر وهمومها، بينما يتكئ على عصاه، ويرتكن إلى كرسيه المفضل بجوار مكتبته التى تضم خلاصة فكر وثقافة العالم فى رفوف منزله بالإسماعيلية، حيث ترك القاهرة وساستها ومؤامراتها فارًا إلى الريف بحثا عن الحقيقة وهربا من الواقع الأليم.. تبقى كلماته التى انغمست فى طين نشأته لتبقى مدى الدهر منقوشة فى دفتر الخلود.. بعدما كانت قصيدته «الميدان» مما تغنى به الثوار فى التحرير.. وكانت مثل نبوءة كشفت عن ما بعد الثورة، عندما حذّر من انقلاب حلفاء الثورة على شركائهم.. وإلى نص الحوار.
ما حصاد 2012 من وجهة نظر الخال عبدالرحمن الأبنودى؟
انهيار الاقتصاد وازدياد عدد الفقراء وتطويق الحرية وحصار الإعلام والقضاء، وضياع سيناء، وبيع مقدرات الوطن، والدعوة لعودة اليهود، وتحويل الديمقراطية والحرية، إلى شعارات خادعة، وممارسة النظام المتمثل فى التيار الحاكم، كل أنواع الكذب والخداع والتزييف.
وماذا عن الحرية ومستقبلها؟
الآن الجميع يتآمر على قضيه الحرية، وتطويقها يتم بأساليب كثيرة جدا، بعضها ظاهر وبعضها خفى، ونسوا أن الحرية كانت أحد شعارات الثورة المرفوعة: عيش، حرية، عدالة اجتماعية.. وقضية الحرية مرتبطة بقضية الديمقراطية التى أصبحت لعبة للإسلام السياسى، والآن هم يمارسون كل أنواع الزيف والخداع مثلما كان النظام السابق يمارسها، ولكن بشكل أسوأ، لأنهم يرتدون عباءة الدين، وحين نواجهم يقولون أنتم من طالبتم بالحرية والديمقراطية، والصناديق هى ناتج الديمقراطية، وفى الواقع هم يسفهون الشعار العظيم للحرية، ويحولونه إلى علبة صفيح صدئة لا معنى لها، ويحاولون أن يجعلوها، بلا طعم فى لسان الوعى، لدرجة عندما نتحدث مع الناس فى الشارع عن الديمقراطية، يقولون لم تأتِ الديمقراطية بهؤلاء، فهم يعبثون بالشعارات المقدسة الكبيرة، ويحولونها إلى ما نرى الآن سواء الحرية أو الديمقراطية أو المشاركة الشعبية أو مشاركة الأحزاب إلى آخره، وهم فى حالة نفى إلى كل هذه الأشياء ومصادرتها وإبعادها بل ومصادرتها لصالحهم بصورة مزيفة، والإخوان لا يطيقون أحدا غيرهم، وحتى بالنسبة للسلفيين، فهم لا يطيقونهم أيضا، فهم عاشوا فى السرداب المظلم مدة ثمانين عاما، ولم يروا أفكارًا أخرى غير أفكارهم، ولم يقرأوا غير كتبهم، ومن هنا أصبح مجرد وجودنا شيئًا مزعجًا وغير مرغوب فيه.
وكيف تنظر إلى ازدياد الفقر فى الفترة الماضية؟
فى الفترة القصيرة التى تولى فيها الإخوان الأمور تحطم الرقم القياسى فى عدد الفقراء بصورة غير طبيعية، والناس تئن أنينًا غير مسموع، ولولا خداعهم بالرشاوى الانتخابية مثل النظام السابق، ولولا الأخوات المنتقبات على علاقة بالنساء الريفيات ويدخلن بيوتهن ويعطوهن دروسًا فى الدين وفى الانتخابات والاستفتاءات يشحنوهن فى عربات كما يعلم الجميع، ونعلم كيف تكدسن فى العربات ليحضروهن إلى اللجان، ولذلك أنا لم أرَ إهانة للشعارين: الحرية والديمقراطية مثلما يحدث الآن، لدرجة أننا نحس بالعار عندما نتحدث مع البسطاء عن فضائل الحرية والديمقراطية والناس ترى ما صنعته بهم الحرية والديمقراطية من قِبل هذا التيار.
وأين دور قادة الرأى والأدباء والمثقفين فى مواجهة الظلام الفكرى الذى أصبح ظاهرة؟
الأدباء والمثقفون لا يكفون عن ممارسة دورهم ومواجهة هذا الظلام الفكرى، والأدباء والمثقفون بالنسبة للأدب والإبداع، وبالنسبة للمثقفين والمبدعين أعتقد أنهم القناديل المضيئة فى طريق الحقيقة، ومنذ قامت الثورة بل وقبل أن تقوم لم يوجد لدينا مثقف حقيقى لم يسجن، كما أن هؤلاء المثقفين يتمتعون بعداء الإخوان والسلفيين بصورة مخيفة، وبرغم ذلك يكتبون بصورة يومية، نحن منابرنا قليلة، أما الكتابة فى الصحف أو الكتب التى لا يقرأها أحد، وحتى الصحف بعيدة عن الشعب المصرى العادى، ولا ينزل تأثيرها إلى الناس لأنه لا يوجد منابر حقيقية، وألاحظ الآن أن الأحداث المتلاحقة للثورة وغيرها أوقفت الإبداع الكبير، فالروائى لا يكتب رواية الآن ولا يستطيع أن يغلق آذانه وعينيه عما يدور فى البلد ويجلس ليكتب رواية، حتى الشعراء أنا أرى أن صوتهم خفت جدًا لكن يلعب الإعلاميون والمثقفون اليوم دورا أساسيا فى مسيرة الثورة وتنوير عقول الناس وكشف الحقائق.
هل تعتقد أن الإخوان سيحاولون السيطرة على وزارة الثقافة لاستكمال تمكنهم من مفاصل الدولة؟
رغم أن على رأس الوزارة رجل فاضل هو الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة، إلا أننا تعلمنا بالتجربة فى الفترة الماضية أن الإخوان «يأخونون» كل شىء ويستولون على كل مفاصل التأثير فى الأمة، وبالطبع وزارة الثقافة منها، ولو كان الاستيلاء عليها مؤجلا فسيستولون عليها قريبا لأنهم لن يتركوها تفلت من قبضتهم بقدرتها على التأثير من خلال قصور الثقافة، كما لم يتركوا غيرها بدءا من النوادى الرياضية فى القرى وغيرها، فهذه هى طريقة الإخوان منذ نشأتهم ومنذ رأيناهم ونحن صغار حيث كانوا يفتحون المقرات للألعاب والمعارض لجذب الشباب من هذا الجانب لنشر فكرهم.
وبماذا ترد على من يقولون إن الثورة اختطفت؟
خالنا صلاح جاهين كان يقول الثورة باقية، والكفاح دوار، ومفيش حاجة اسمها نعمل ثورة ونخلصها ونمشى، حتى لو أنجزت الثورة نفسها لابد من حراستها، نحن نريد أن نصنعها ثورة، وهم يريدون أن يحولوها إلى نظام حكم الإخوان، ونحن نريدها ثورة لإنقاذ هذه البلاد، وتحقيق أهدافها، ونحن نرى حالة من الدفاع المصرى الحقيقى، ليس دفاعا عن قضية القضاء، لكن عن كرامة مصر، وليفعلوا ما يفعلوا لكننا لن نتوقف عن الكفاح، ومبارك بعد انتشاره فى كل عروق الأمة، الناس ذهبت به للمكان المناسب له فى السجن، فالشعب المصرى فيضان ومحيط من البشر يبتلع أى قوى موجودة لو أراد، وعلى الليبراليين والمدنيين والسياسيين والثوار والتقدميين أن ينزلوا ويحتموا بالناس.
هل وصل قطار الثورة لنهاية المطاف؟
لماذا سقط الشهداء؟ وسالت الدماء الطاهرة على أسفلت الميادين والشوارع؟ فكل هذا محطات فى قطار الثورة، حتى يصل إلى غايته وسوف يسقط شهداء آخرون أكثر ممن سقطوا، وستسيل الدماء أنهارا قبل أن نستطيع تحقيق آمالنا، ولن يتركنا هؤلاء ببساطة، هؤلاء الناس لهم 80 عاما يحلمون بهذه اللحظة، ولذلك المعارك ستظل مستمرة ونحن أمامنا هدف بعيد جداً، لابد أن نصل إليه، وهم يشوهوننا ويسيئون لنا فى كل مجال وعبر الخطب فى المساجد واتهامنا بالإلحاد والكفر، وكل الألفاظ المخيفة، لكنهم لم يسيئوا لنا فقط بل أساءوا إلى الإسلام، ولو دفعت إسرائيل أو أمريكا مليارات لكل المعادين للدين الإسلامى، لكى يسيئوا إليه ما استطاعت كما تفعل هذه القوى، فحين جاء الإخوان والسلفيون اعتقد الناس أنهم الطيبون، وكما نقول نحن (بتوع ربنا) ولكن فى وقت قصير اكتشفت الجماهير أن هؤلاء الناس لا يعرفون إلا مصالحهم وأنا أعتقد أن الجزء الباقى الذى يشحنونه فى الأتوبيسات وغيره من تسويد بطاقات الانتخاب سيستيقظ ويعلم أن حبة الأرز وكيس السكر وزجاجة الزيت ليست ثمنا لوطن أريقت من أجله الدماء.
كيف ترى الصورة الآن وهل تشعر بالخوف؟
أنا لا أخاف، وكل يوم أكتب مربعى، وأقول بمنتهى الصراحة والقوة انا دخلت السجن فى عهد عبدالناصر وقدمت أيام السادات الى المدعى العام الاشتراكى بمقتضى قانون العيب وغيره، وانا دائما أحمل كفنى على يدى دون خوف، ومن يخاف عليه ان يلزم بيته، لكن من ينظر الى شباب مصر وما يفعله من أعاجيب فى النضال، يؤمن بأن هذا الشباب سيصل بمصر إلى غايتها مع القوى الثورية والقوى المستنيرة، وأيضا الجماهير رأت ما فعله الإخوان المسلمون والسلفيون عند قصر الاتحادية، وحرق الخيام وهذه الوحشية كأنهم يحاربون اليهود فى خيبر، بينما علاقتهم باليهود سمن على عسل، وكلها غزل واشواق لدرجة ان احدهم يطالب بعودة اليهود لمصر، ولكن اليهود هناك اهانونا وقالوا كيف نذهب الى بلد اقتصادها منهار ويسكن معظمهم فى المقابر، وهى اهانة ما بعدها اهانة وفى نفس الوقت يطالبون بالمليارات التى اعطاهم الحمقى الفرصة لتقديرها والمطالبة بها.
هل ترى ان الازهر له دور الآن أم انه مهمش؟
بالعكس انا حييت الطيب شيخ الأزهر فى المربع الذى اكتبه، لأنه وقف ضد الصكوك الإسلامية، التى كانوا يريدون ان يمرروها، وهى اكبر عملية لبيع الوطن بكل مقدراته، وبمنتهى الصراحة، هم لو طالوا يبيعوا البشر لن يترددوا، لأنهم بالأساس تجار و«بقالين»، وثانيا لا يوجد لديهم انتماء لهذا البلد فهم انتماؤهم دولى، وبالأساس يحتقرون فكرة الوطن، وفكرة الانتماء للوطن، ولذلك حين يفرطون فى اشياء الوطن أو يبيعونها أو يؤجرونها أو حتى يلقون بها إلى العدو لا يهمهم فى كثير أو قليل، هؤلاء الذين يقولون القدس قضيتنا ويريدون ان يقاتلوا او يحاربوا سيقاتلوننا نحن، ولم تأت سيرة القدس فى كلمة منذ جاءوا منذ أن تولوا الحكم، وكل المعجزة التى حققوها هى المصالحة بين غزة واسرائيل، وطبعا لتنفيذ المخطط الخاص بسيناء، وجعل سيناء امتدادا لغزة والوطن البديل، وهذه قضية معروفة وواضحة، ولابد أن نقف ضدها بكل ما أوتينا من قوة، وهذا التمزق الذى يصيب الأمة العربية، وتعمل عليه أمريكا واسرائيل سواء فى تونس او سوريا، والعراق والسودان، ونحن عندما يأخذون منا سيناء سنحشر فى الوادى، كما أن النوبيين قلقون، وهذه الأوضاع كلها تحتاج إلى بطل فى حجم جمال عبدالناصر ذا رؤية ووعى يتنبه للأعداء، ويجيش الأمة ويوقظ الضمير الوطنى ويشحن الانسان بالكرامة للدفاع.. كل هذه الاشياء التى يعمل الاخوان والسلفيون ضدها.
ما شعورك حيال الاقتصاد المنهار؟
هل نحن لدينا الآن اقتصاد؟ انا قلت «اللى يقول السلف تلف ناس حاقدة واخدة على الاستكانة، احنا اقتصادنا ولينا الشرف نصه استدانة، ونصه إعانة».
قلت ان الكتابة هى المبرر الوحيد لوجودك، وأنها تفضح المسافة بين الغنى والفقير، فهل الكتابة فضحت المسافة بين الرئيس وشعبه؟
لست انا فقط، ولكن معظم المبدعين يعيشون من اجل ابداعهم، ويعيشون بمبرر ابداعهم، لأننا نأكل ونعيش وننجب بأموال الفقراء، لذلك يجب ان نسدد لهم الديون المتراكمة، ويجب أن نعبر عن همومهم وقضاياهم ونضحى من أجلهم، لأنهم لا يعرفون اننا نعيش على حسابهم ومن عرقهم فنحن لا نعمل بأيدينا، ولا نشقى مثل ما يشقون، فلابد للمبدع الشريف النقى أن يحمل قضيتهم على أكتافه ويضحى من أجلها، وعلينا ان نفضح اللصوص الذين جعلوا شعبنا فى هذه الحالة التعيسة، فالأمية تنتشر وكم الفقر أصبح بلا حدود، والناس لا تجد حاجاتها اليومية البسيطة، ولذلك علينا ان ننبه الجماهير لحقوقها، ومواجهة الاغنياء غير الشرفاء والذين يرتدون عباءة الدين، وهذه هى وظيفة المبدع، إلى جانب اننا وعينا كل ما أبدع الآخرون سواء قديما أو الآن، ونعرف اين موقعنا، ولا نضحى بقيم الادب والشعر والفنون جميعا لكى نرضى الفقراء، ولكن نحن نبحث عن صيغة بين الفن الرفيع، وبين مخاطبتنا للبشر وكل مبدع له اتجاهه طبعا.
وهل شملت قصائدك وكتاباتك كل ما عاصرته مصر؟
أنا اعتقد ان قصيدة الميدان من أوائل الاشعار التى كتبت، واعتقد انها قصيدة كتبت نفسها، لأنها نتاج صبر ونضال طويل فى انتظار فجر الثورة، فخرجت القصيدة تسبقنى، والقصيدة كان لها رؤية، وعينان، بمعنى انها نبهت مبكرا إلى هذه القوى المعادية التى تشارك فى الثورة.. «وحاسبوا من الديابة اللى فى وسطيكم، واللا تبقى الخيانة منكم فيكم»، ثم فيما بعد كتبت لسه النظام مسقطش، وهى ملحمة شعرية تنبه الى ان اجهزة الدولة كما هى، وان القادمين سيحكمون بأجهزة الدولة القديمة، ونبهت وقلت «إنت اللى واقف معايا فى عركة التغيير، بكرة ستقتلنى بأيديك فى ميدان التحرير»، وكنت أعلم اهداف هذه الفئات التى تدعى الاسلام وترتدى عباءته، ثم كتبت ضحكة المساجين، حين كان الشباب يسجن بالآلاف ويحاكم محاكمة عسكرية، وعلى الحجار غنى منها جزئين، ثم بدأت اكتب مربعاتى اليومية، فى هذه الفترة التى أظن أن الناس فيها لم يعودوا قادرين على قراءة الأشياء الثقيلة، وهذا الشكل الفنى الصغير المشحون بالشعر وبالمشاعر وبالوعى، هو الصلة الآن بينى وبين الناس لأنه حقق رواجا لدرجة ان بعض الصحف بدأت تقلده.
هل تعتقد أننا نعيش فى تصحر قيمى وعصر تجريف للغة؟
بالطبع اللغة تتصحر، وليس اللغة فقط، لكن أيضا القيم تتصحر، وموروثات الانسان المصرى وتقاليده، وكذلك الابداع يتصحر، واللغة انعكاس لكل هذا، فانحطاط التعليم ودخول المدارس الأجنبية جعل الناس تلجأ إليها لتعليم الأولاد، وكل هذا يؤدى الى هجرة ابنائنا للغة.
وهل عاصرت مرحلة مرت بمصر مثل التى نمر بها اليوم؟
الحال الذى نحن فيه هو الأسوأ، ونحن نعيش فى نفق طويل مظلم، وفترة قاسية جدا، لأن من يتحكمون فى الأمور يتآمرون علينا، ويحولون مصر إلى قطاع خاص بهم، ويمارسون كل قسوة الرأسماليين على فقراء مصر الذين أصبحوا خارج رحمة المسئولين، لكن نحن عرفنا لحظات يأس أشد قسوة، وأنا اذكر فى نكسة 76 أن الناس كانت لا ترى من هول القضية وشدة الظلمة، ولا تتكلم مع بعضها البعض، وكل شخص يحمل همه كأنه يحمل قدره، وكتبت انا موال النهار «عدى النهار والمغربية جايه»، «واحلف بسماها وبترابها»، وفجأة الناس انتعشت وادركت الامل وهذه هى القيمة الحقيقية للفن، وما زلت أرى انه فى اخر النفق المظلم ثمة ضوء، لن يستطيع احد ان يحجبه، أو يضع مصر فى جيبه، والصبر جزء من النضال، فهم أناس علمتهم الحياة السياسية السرية ان يكذبوا طول الوقت على كل الناس حتى على أنفسهم.
لكن الشعب أنّ من الألم؟
رغم الحروب الكثيرة التى خضناها، إلا أن هذه الحروب كانت دائما فى سيناء ولا نراها، ولذلك الناس لم تتمرغ فى فكرة النضال او ان ترى الشهيد وتحمله بأيديها، لأن شهداءنا كانوا فى سيناء على الرمال ودفنوا هناك، ولذلك علينا ان نتعامل مع الدم كشيء طاهر، وليس كشيء بشع، وانا دائما فخور بهؤلاء الذين يحملون الشهداء وتغرق ملابسهم بالدماء، ودون الدماء لن تروى ازهار الحرية، ولن يسطع فجر هذه الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.