تفتحت عينا "نجوي" علي الحياة منذ بلوغها السابعة عشرة من عمرها وأحست بأنها ملكة تحتاج إلي من يقدم لها عرشاً لتجلس عليه. ولم لا وهي فتاة جميلة مكتملة الأنوثة لا تقع عليها عينا رجل إلا وتري بريق الاعجاب يلمع في العينين. كما أن خطابها ومن يطلب ودها لا يمكن حصرهم من كثرتهم. ورغم إلحاح والديها لإتمام ارتباطها بأحد الراغبين في الزواج منها إلا أن "نجوي" رفضت هؤلاء جميعاً ورأت أنها تستحق أفضل من ذلك. وكثيراً ما ضحكت وهي تتذكر كلماتها عندما تسألها أمها عن رأيها في العرسان الذين تقدموا لطلب يدها. فهذا "تخين" وآخر غير أنيق. وثالث أسمر اللون. كما رفضت الطويل والقصير لدرجة أن أحد أشقائها قال لها يوماً في تهكم: "أجيب لك لبن العصفور أسهل من إني أجيب لك عريس". دخلت "نجوي" الجامعة بعد حصولها علي مجموع متوسط في الثانوية العامة وانتسبت لكلية الآداب جامعة عين شمس. وطوال فترة دراستها كانت موضع إعجاب شباب الجامعة لأناقتها واهتمامها البالغ بنفسها. لكنها تعالت علي الجميع ولم تبد اهتماماً بأحدهم واقتصرت في علاقتها بالشباب علي زمالة الدراسة وظلت طوال عامين كاملين تسير علي هذا المبدأ. خلال هذه الفترة تقدم إليها أحد أقاربها يطلب يدها ووجدته "نجوي" شاباً محترماً ورصيناً ومع ذلك لم توافق عليه في البداية. لكن ضغوط الأسرة خاصة من جانب والدها أتت بثمارها ووافقت علي الخطوبة بشرط أن تكون هناك فترة للتعارف. وبالفعل تم التعارف وكان هذا الشاب عند حسن ظنها وعاملها بحب. وكان يؤثرها علي نفسه في كل شيء ويخطب ودها ويحرص دائماً علي رضاها. ولكنها رغم إعجابها به وبشخصيته لم تشعر نحوه بجاذبية الحب وظلت تعامله بتحفظ. بعد أشهر من خطبة "نجوي" حدث لها ما لم يكن في الحسبان. فأثناء لقائها بأصدقائها في الجامعة عرفها رفاقها علي زميل جديد انضم إليهم. وبمجرد أن نظرت إليه أحست بدقات قلبها تتزايد وفوجئت بالزميل الجديد يصافحها بدفء وحنان وظل طوال الوقت يتابعها بنظراته الجريئة. وبعد عودتها للبيت لم تستطع أن تفكر في أحد إلا في زميلها الجديد الذي اكتشفت في الفترة القليلة التي تعرفت عليه فيها كم هو لطيف وجذاب وسريع البديهة بجانب خفة دمه وتلقائيته المدهشة. كما علمت أيضاً أنه من أسرة ميسورة الحال. وفي اللقاء الثاني فوجئت "نجوي" بهذا الزميل واسمه "أمجد" يطلب الحديث معها علي انفراد. حاولت أن تهرب منه لكنها دون أن تشعر انساقت وراء مشاعرها الوليدة نحوه واستجابت لدعوته وظلا معاً يتحدثان دون أن يشعرا بالوقت. لا شعورياً بدأت "نجوي" تقارن بين خطيبها "حسام" وزميلها "أمجد" فوجدت أنها بدأت تقلل من أوقات خروجها مع خطيبها. وأن قلبها منحاز إلي زميلها الجديد الذي بدا وقتها كأنه هبط من السماء لإسعادها. وكان من الضروري أن تتوقف مع نفسها لتتخذ القرار الحاسم حتي تريح نفسها مما تشعر به من تأنيب الضمير. لكنها خافت من والدها وحرصت علي مشاعر خطيبها في ذات الوقت. فقررت أن تؤجل قرارها لعدة أشهر حتي تنهي دراستها الجامعية التي لم يبق منها سوي سنة التخرج. الأحداث تسارعت وتطورت علاقتها بزميلها بشكل خطير حيث تعددت لقاءاتهما في كل مكان في مدرج الكلية وفي كافيتريا الجامعة وفي السينمات المختلفة والمطاعم الشهيرة في وسط العاصمة. حتي أتي اليوم الذي وجدت فيه نفسها في شقة حبيبها وعلي فراشه وقد سلبها أعز ما تملكه الفتاة! بكت "نجوي" بحرقة لكن "أمجد" هدأ من روعها ووعدها بالتقدم لخطبتها في أسرع وقت. صدقت كلامه وظلا يتواعدان لفترة حتي انتهي العام الدراسي. وكانت خلال هذه الفترة تناشد حبيبها أن ينجز وعده لها ولكن مرت الأيام و"أمجد" يسوق لها الحجج الكاذبة للتهرب منها. حتي كشف في النهاية عن وجهه القبيح وأخبرها بأنه لن يستطيع الارتباط بها رغم حبه لها لأن والديه لن يوافقا علي هذا الزواج وأنهما مصران علي زواجه من ابنة عمه خوفاً علي الميراث. اسودت الدنيا في عيني "نجوي" ولم تدر ماذا تفعل. وزادت القتامة في وجهها عندما طلب منها خطيبها "حسام" تحديد موعد قريب للزفاف. فمن صدمتها لم تستطع الرد عليه ودخلت غرفتها مسرعة وفسر والدها ذلك بقوله "السكوت علامة الرضا". وتم تحديد موعد الزفاف لكن الفتاة صرحت لخطيبها بما حدث لها وناشدته أن يستر عليها ولا يفضحها أمام أهلها وأن يتزوجها ولو صورياً لمدة قليلة ثم يطلقها. ووعدته أن تكون خادمة له طوال عمرها وأن تحفظ جميله وكرم أخلاقه معها. وافق "حسام" علي الزواج منها خاصة أنه كان يحبها فعلاً كما أنها قريبته ولم يرد الفضيحة لأقاربه. كما شعر أن الفتاة وقعت فريسة لذئب حقير استغلها وخدعها بالكلام المعسول. تم الزفاف وبمرور الأيام تناسي الزوجان ما حدث فاعتبرت "نجوي" أن ماضيها قد ولي إلي غير رجعة وأن اعترافها بالخطيئة قد طهر نفسها للأبد. وظن حسام أن معاملته الكريمة لزوجته ستجعله الملك المتوج علي عرش قلبها وسارت الحياة بهما في سعادة إلي حين. وفي أحد الأيام تلقت "نجوي" اتصالاً علي هاتفها المحمول وفوجئت بأن "أمجد" هو المتصل.. ردت عليه بقسوة ووصفته بأسوأ الألفاظ لكنه امتص غضبها وطلب لقائها ليخبرها بالحقيقة. ورغم أن العقل والمنطق والتجربة المريرة مع هذا الإنسان كانت تفرض عليها عدم الإنصات إليه لكن نفسها أمرتها بالسوء ووافقت علي لقائه وأبدي اللئيم ندمه وأسفه علي ما فات وأخبرها بأنه طلق ابنة عمه لأنه لا يحبها. وبث لها غرامه وطلب منها الصفح ووعدها بالزواج منها فوراً إذا انفصلت عن زوجها لأنها كما يعرف لاتحبه. فعلت كلمات "أمجد" فعل السحر في نفسها بعد أن علمت أنه لم يحب سواها وبدأت تفتعل المشاكل مع زوجها وتمردت علي حياتها معه حتي جاء اليوم الذي أصرت فيه علي الطلاق ولما رفض عايرته بأنه تزوج منها رغم علمه بما اقترفته من خطيئة. أحس "حسام" بالإهانة فطلقها علي الفور بعد أن علم أنه تزوج من إنسانة "نمرودة" لم تحفظ جميله ولا حسن عشرته لها. بعد الطلاق عاد الوئام بين "نجوي وحسام" لكن هذه المرة لم يدم أكثر من أسبوع فقط حتي علمت أن الحبيب مازال يخدعها وأنه لم يطلق ابنة عمه ويتسلي بها فقط لتحقيق نزواته. حاولت الانتقام لكرامتها وقررت قتل هذا المخادع لكنها لم تستطع تنفيذ الفكرة ولم يطاوعها قلبها علي القتل. أحست أن الندم سيقتلها فحاولت العودة إلي طليقها لكنه كان قد تعلم من الدرس السابق وقال لها "إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين" وطردها من البيت بطريقة مهينة. صارت "نجوي" تقضي لياليها في حزن متواصل وذكريات مريرة ما بين زوج سابق كانت تأمل أن يرحم دموعها ويغفر لها مرة ثانية. وحبيب ماكر خدعها مرتين وجعلها تتمرد علي حياة سعيدة كان يمكن أن تحياها. ولكن تمردها علي خطيبها في البداية ثم تمرد عليه مرة أخري بعد الزواج. وانسياقها وراء الحب الزائف ونزوات لا تنتهي كانوا سبب حرمانها من السعادة في الدنيا والآخرة لولا رحمة من الله.