العنوان لفيلم تسجيلي من اخراج رونين برلوفتش وهو ضابط احتياط يهودي أمضي فترة طويلة من حياته في الجيش الإسرائيلي! الفيلم بنفس العنوان The sionist story موجود علي الانترنت. يصاحب الشريط تعليق بصوت المخرج نفسه. وما يلفت النظر هنا وجود عمل تسجيلي إسرائيلي موضوع ومدعوم بالوثائق وبالشهادات الأكاديمية لاساتذة في جامعة أريزونا الأمريكية واكستر البريطانية فضلاً عن الشرائط الأرشيفية التي تتابع قصة الصهيونية ودورها في مشروع الاستعمار الاستيطاني والتطهير العرقي وسياسات التمييز العنصري والابادة العرقية للسكان الأصليين في فلسطين. يبدأ الفيلم بسؤال : لماذا بدأ العرب واليهود يكرهون بعضهم البعض. وبينما نسمع السؤال بصوت المخرج من خارج الصورة تظهر الصورة نفسها لدبابات ومدافع مشرعة تحتل. المقدمة بما يعني بصرياً أن الكراهية بدأت حين بدأ الاحتلال ومعه العدوان علي الشعب الفلسطيني. ويتساءل صانع الفيلم : هل الكراهية بسبب الإسلام؟.. هل بسبب النزاع علي البترول؟ هل بسبب النقود؟؟ إن هذا كله غريب فاليهود والمسلمون عاشوا في انسجام ثقافي وديني كامل منذ "1300 سنة" كان كل شيء علي ما يرام في المدن التي عاشوا معاً فيها في اسبانيا في جنوب افريقيا.. في.. وهنا تظهر طائرة محلقة في الجو وكأنها نذير شؤم.. علامة وعدوان سافر وبعدها تتوالي مشاهد حية للاشتباكات مع أبناء الشعب الفلسطيني العىزل في الشوارع يُطاردون ويطردون من منازلهم. ومن علي البعد يظهر الجدار العازل ثم ينزل عنوان الفيلم "قصة الصهيونية". يريد المخرج أن يقول إن الصهيونية وراء كل الكوارث التي جرت وتجري علي الأرض. وبتتبع بداياتها منذ مؤتمر بازل في سويسرا "1897" حيث بدأت الحركة الصهيونية بقيادة مؤسسها والأب الروحي لها تيودور هرتزل كحركة سياسية استعمارية تتلاقي أهدافها مع أهداف الاستعمار الغربي. ويستحضر الفيلم صورة كبيرة لزعيم الصهيونية هرتزل باعتباره المؤسس الحقيقي للصهيونية ثم يمر علي أساطين الصهاينة في إسرائيل بن جوريون. واسحق شامير وحتي شارون.. إلخ .. يقول رونين برلوفتش : لقد اختارت الحركة الصهيونية أرض فلسطين. فماذا عن الناس الذين يعيشون في هذا البلد وهم اناس ليس لديهم فكرة واضحة عن المسألة اليهودية ولا الوطن القومي. ولا.. إنه استعمار فعلي لأرض فلسطين وعلي الناس فوق هذه الأرض أن يرحلوا. علي اعتبار أن الأرض حصرياً لليهود ولأنهم وعدوا بها. ومن ثم مارسوا كافة الانتهاكات. فهدموا البيوت. وأحرقوا الأرض وطردوا السكان ومارسوا العنف بشتي أشكاله حتي بلغ اليأس منتهاه وصار الرجال يفجرون أنفسهم.. فالاستعمار كما يؤكد الفيلم وسياسة العنصرية تهدف في الأساس إلي خلق دولة يهودية خالصة.. ويقول إن كل الأحزاب في إسرائيل صهاينة سواء كانت أحزاب يمينية أو يسارية ومن يطالب بدولة فلسطينية لابد من استئصاله!! ويشهد الفيلم أن الإعلام مارس دوراً مضللاً حول المذابح التي ارتكبها اليهود الصهاينة في دير ياسين والمدن الفلسطينية الأخري.. وبالذات الإعلام الغربي الذي مازال يلعب نفس الدور! وأهمية الفيلم ليس فقط في مادته الموضوعية التاريخية ولا في المشاهد المصورة التي تشهد علي كون إسرائيل استعمارا استيطانيا لا يعرف الرحمة ولا القوانين الدولية الملزمة لها ولا يعترف بالحقوق المدنية لشعب يعيش في قبضة الاستعمار فالقضية ليست استعمارا فقط وإنما تطهير عرقي واضح وتغيير قصري متعمد لطبيعة الأرض والسكان. أقول إن الأهمية الأكبر إن هذا الفيلم صناعة إسرائيلية وشهادة دامغة تفسح المجال أمام حقائق يعرفها الناس ولكن لا يعترف بها الإسرائيليون الصهاينة ومن يقويهم ويمنحهم شرعية دولية من دول الغرب الاستعماري ومن يدور في فلكه ويأتمر بأمره. يقول رونين برلوفيتش Ronea Berlovich : لقد قدمت قصة الصهيونية ليس بدافع رصد التاريخ الخاص بالصراع العربي الإسرائيلي ولكن لسبب تحديد السبب الجوهري وراء هذا الصراع وهو تحديداً الايدولوجية الصهيونية وأهدافها السياسية في الماضي والحاضر رافضا الإشارة إلي قبضتها القوية ليس فقط علي المجتمع الإسرائيلي وإنما علي كل الديمقراطيات الغربية في تعاطيها وفهمها لقضايا الشرق الأوسط. نجح المخرج في الجمع بين المادة الارشيفية المصورة وبين القراءة الموضوعية لتاريخ الحركة الصهيونية وفي الطرح العملي للمفاهيم النظرية للصهيونية العالمية. والمدهش أن يطالبنا المخرج في حالة إعجابنا بالفيلم أن نتشارك فيه مع آخرين لأنه أخرجه بهدف تعليمي وبدون ميزانية تقريباً بالرغم من اجتهاده في أن يحقق مستوي جيدا ويقول "أتمني أن يجد هذا العمل اهتماما لدي المشاهدين" فإن هذه المفاهيم التي طرحتها سبق عرضها وتناولها وبطريقة ممتازة في الفيلم التسجيلي الممتاز بعنوان "الاحتلال 101" الذي أخرجه عبدالله عميش وسفيان عميش ولكن أهمية عملي التوثيقي هذا أنه يتناول الموضوع من منظور شخصية إسرائيلية وجندي احتياطي أمضي معظم حياته في ظلال الصهيونية!!؟؟