الأضحية شعيرة من شعائر الإسلام التي تقرب المؤمن من خالقه سبحانه وتعالي يقول تعالي "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم" .. ومقصودها شكر الله جل شأنه علي نعمة الحياة كما أنها إحياء لسنة الخليل إبراهيم عليه السلام حينما أمره تعالي بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه السلام. والأضحية سنة مؤكدة في حق القادر المستطيع وتكون من الأنعام كالإبل أو البقر أو الجاموس أو الضأن والماعز .. إلا أن لها شروطا فصلها الفقهاء يوضحها لنا الشيخ منصور الرفاعي عبيد وكيل وزارة الأوقاف الأسبق فيقول إن الأضحية سنة عن سيدنا إبراهيم عليه السلام حيث أمره الله سبحانه أن يذبح ولده إسماعيل فاستجاب لذلك ونادي علي ولده يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري هنا رد الولد المؤدب الذي تعلم مكارم الأخلاق وعاش علي علاقات اجتماعية أصلها الحب بين الولد وأبيه والأدب مع من كان أصلا في وجوده إلي هذه الحياة "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين" وهذا درس نقدمه لشبابنا كيف تكون علاقة الابن بأبيه والأسلوب المهذب في حوار يؤصل القيم الأخلاقية. وهم إبراهيم بذبح ولده إسماعيل وأعد العدة التي تتخذ في هذه المواقف وأعد شفرته وجاء بحبل ليربط يديه مع رجليه وعندما رفع يده بالسكين وإسماعيل صابر محتسب يقول "يا أبت نفذ أمر الله ولا تأخذك بي شفقة" وهوي إبراهيم يده بالسكين فنودي من خلفه "يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا". وهكذا يتبين لنا أن في اختباراته حكمة قد لا ندركها ولا نعرف أسرارها لكن الحكيم الخالق العليم الخبير يعلم كل شيء لذلك كان الجزاء لإبراهيم "واتخذ الله إبراهيم خليلا" فعوضه بكبش لذبحه وصارت سنة من يومها .. فلما بعث سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم أكد علي هذه السنة بشرط أن تذبح بعد صلاة العيد وأيام التشريق ما عدا ذلك لا يجوز ذبح الأضاحي وإنما تذبح كصدقة أو لإقامة وليمة أو ما شابه ذلك. وقد سئل سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم فقال سائله ما لنا في هذه الأضاحي قال "سنة أبيكم إبراهيم ولكن بكل شعرة حسنة" .. ولقد كان الرسول ينادي علي ابنته ويقول لها قومي فانظري إلي ذبيحتك فإنه يغفر لك عند أول دفقة من دمها" .. ومن هنا يستحب للمضحي أن يحضر ذبح أضحيته وأن يكبر عليها بنفسه ويقول اللهم إن هذا منك وإليك فتقبل من عبدك الواقف بين يديك , اللهم إن هذا عن أولادي وأهلي .. فيغفر له إن شاء الله إن كان صادق النية طاهر الطوية ليس في نفسه حقد محب للناس جميعا فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا. وقد اشترط العلماء في الذبيحة التي تقدم كأضحية أن تكون خالية من العيوب ليس بها عرج ولا إسهال ولا برص ولا هي عوراء وإنما تكون سليمة تماما .. والأفضل أن يضحي الإنسان بالضأن ولكن في زماننا هذا لوحظ أن لحم الضأن ثقيل علي المعدة وقد يضر بشرايين القلب .. لذلك لا مانع من شراء البقر والجاموس وفي الإمكان أن يشترك في البقر سبعة وفي الجاموس كذلك والجمال. ثم وأنت تقدم اللحم إلي الفقير تخير أطيبه وأحسنه والأماكن الممتازة في الذبيحة لقول الله تعالي "لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون" وعلينا أن نعلم أن الله تعالي لا ينتفع بأي شيء في الأضحية ولا هو محتاج إليها لأنه مالك الملك وإنما ينظر إلي فعل الإنسان فيما يقدمه من لحم إلي الفقير الذي قد يجوز أنه لا يأكل هذا اللحم إلا في هذا الموسم ولهذا قال الله "لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوي منكم".