أحدث تقرير عن القضية الفلسطينية نشرته صحيفة "الأخبار" يوم الثلاثاء الماضي بمناسبة مرور 21 عاماً علي توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.. وقد تضمن هذا التقرير العديد من الحقائق التي توجع القلب.. وأول الحقائق أن القضية الفلسطينية تراجعت كثيراً عما كانت عليه عند توقيع الاتفاقية في سبتمبر ..1993 وصار الفلسطينيون أكثر انقساماً وتمزقاً بينما ابتلعت إسرائيل مزيداً من الأرض وزرعت مزيداً من المستوطنات في الضفة الغربية وزاد عدد الأسري الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ولم تتقدم مفاوضات الحل النهائي خطوة واحدة للأمام. عنوان التقرير يقول "الأكاذيب التي صدقها الفلسطينيون".. أما المضمون فيعرض للنصوص الكاذبة الخادعة التي وضعت في اتفاق أوسلو كأمنيات مضللة كي تكسب إسرائيل مزيداً من الوقت لتنفيذ مخططاتها دون أن ينفذ نص واحد من هذه النصوص علي أرض الواقع.. بل بالعكس جرت الريح دائماً في الاتجاه المعاكس. ومن هذه الأكاذيب النص علي إقامة سلطة حكومية ذاتية انتقالية فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية يتم خلالها إنهاء الاحتلال بحلول عام 1999 والوصول إلي تسوية دائمة وهو ما لم يحدث بالطبع.. علي العكس توسعت إسرائيل في بناء المستوطنات في الضفة الغربيةوالقدسالشرقيةالمحتلة وزاد عدد المستوطنين من 262 ألف مستوطن عام 1993 إلي حوالي 600 ألف مستوطن وزادت نسبة الوحدات السكنية غير القانونية في الأراضي المحتلة بنسبة 62% ناهيك عن التدمير الذي أحدثته إسرائيل في الأراضي المزروعة والمنازل ومصادرة الممتلكات. وينص الاتفاق علي انسحاب إسرائيل من 88% من مساحة الضفة الغربية في غضون السنوات الخمس لكن إسرائيل لم تنسحب طبقاً للمراحل المتفق عليها حتي أصبحت السلطة الفلسطينية تسيطر اليوم علي 17.2% فقط من مساحة الضفة الغربية. وقس علي ذلك كل ما يتعلق بالممر الآمن بين الضفة وغزة الذي تحول إلي حصار للضفة وغزة وجدار الفصل العنصري وابتلاع القدس.. وفي النهاية يتضح أن أوسلو كانت أكذوبة كبري.. أكذوبة وانتهت. والآن.. ماذا بإمكان الشعب الفلسطيني أن يفعل؟! مطلوب وعلي وجه السرعة أن تنتهي الثنائيات الفلسطينية وتحقق المصالحة وتتسع منظمة التحرير لتضم كافة الفصائل وأن يتخذ أبومازن قراراً شجاعاً إزاء استمرار السلطة الفلسطينية بدون أرض وبدون سلطة.. وأن يتكامل الدور التفاوضي مع المقاومة وتبدأ مرحلة جديدة بانتفاضة جديدة لأهداف جديدة لإنهاء الاحتلال وحق العودة. ولكي يتحقق ذلك لابد من إنهاء أكذوبة أوسلو وما جرته من ويلات علي الشعب الفلسطيني.. لابد من إنهاء التبعية الاقتصادية لإسرائيل وإنهاء التعاون الأمني. هل يتطلب ذلك وجوهاً جديدة غير الوجوه الحالية التي احترقت مع أوسلو؟! من مأثورات المناضل الفلسطيني غسان كنفاني: "عندما يفشل المدافعون عن القضية فعلينا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية".