للمرة الأولي تأتي الذكري السنوية لوفاة خالد سعيد قتيل الداخلية دون وجود ما يرهب أهله وأصدقاءه من المطالبين بالقصاص العادل من قتلته. وقد تقرر إقامة وقفة لشباب يناير من أعضاء الحركة السياسية والأحزاب علي كورنيش الإسكندرية في السابعة من مساء اليوم لإحياء ذكري وفاة خالد سعيد السنوية. وسيرتدي الشباب أعلام مصر وسيحملون الشموع في أيديهم. أضاف هذا العام قررت محكمة الإسكندرية حجز قضية قتل خالد سعيد للحكم في نهاية الشهر الجاري وهو ما طال انتظاره. "المساء" التقت مع أسرة خالد حيث أكدت الحاجة ليلي أم خالد شكرها للعلي القدير الذي قدر قيام ثورة يناير حتي تري بعينيها عدالة الله تتحقق في الأرض رغم أن الثمن كان غاليا إلا أن الحرية لا تأتي بالسهل. وتضيف حتي اليوم لا تفارق عيني صورة خالد بعد أن فارق الحياة. لقد كان مشوها مكسور الأسنان وبه سحجات كثيرة بمناطق متفرقة في جسده لقد كانت صورته تقشعر لها الأبدان. لقد أخبرني الجيران بالشارع أنهم المخبرين اخذوا يضربونه في السلالم الرخام عدة مرات وضربوه ضربا مبرحا. لم يرحموا خالد رغم صراخه فيهم قائلا "أنا بموت.. حرام عليكم" لكن الرحمة لم تكن تعرف طريق قلوبهم فأصروا علي أفعالهم حتي أردوه قتيلاً!!! حملوه وذهبوا به بعيداً وعادوا بعد فترة ليلفقوا رواية تعاطيه للمخدرات ولم يكن ابني في يوم من الأيام مثل هذا أبداً لم يتعاط خالد المخدرات. بل كان شابا مثقفا يهوي الحياة ويهوي الكمبيوتر والبرمجيات ويعشق الموسيقي ويقوم بتأليف العديد من المقطوعات الموسيقية. الدكتور علي قاسم عم خالد يضيف كان خالد منذ صغره قريبا من أبيه المرحوم محمد سعيد محمد قاسم وكان أخي محمد يعمل مهندسا بشركة راكتا للورق وفي 27/1/1982 رزقه الله بخالد وكان يحبه بشدة. فكان ظلا لأبيه إلي أن توفي محمد في الرابع من أبريل 1991 ومن يومها أخذ خالد يحلم بأن يصبح مهندسا مثل أبيه ولكن شخصيته الأبية رفضت أنظمة التعليم المصرية. وحصل علي دبلومة في البرمجيات من أمريكا وهي شهادة غير معترف بها في مصر وقبل حصوله عليها كان دائما ما يدهشنا بابتكاراته. فذات يوم ابتكر سبيكر للتليفون المحمول كان ذلك قبل البدء في استخدم السبيكر في أي مكان في العالم كما ابتكر مولد كهرباء يعمل في حال انقطاع التيار الكهربي وذلك حتي لا يغلق جهاز الكمبيوتر الخاص به نهائيا. ويتذكر أحمد قاسم شقيق خالد كان أخي يقف دائما علي الكورنيش يتأمل منظر البحر ويحلم ويفكر. وفي اليوم المشئوم عاد خالد للبيت وكان بصحبتي. حيث كنت اصطاد من الحبر. لتتلقفه أيدي الطغاة من مخبري النظام البائد.. لقد كان شديد الإحساس وكان محبا للحياة وصديقا للحيوانات لقد كان يربي ثماني قط شيرازي في البيت وكان يحرص علي تقديم وجبات يوميه لكل الحيوانات بالمنطقة. لقد كان ظهور خالد في الشارع علامة علي قرب ظهور العديد من الحيوانات الأليفة التي تأتي مسرعة لتتناول طعامها من يد خالد. ولكن القدير شاء أن يكون خالد هو الدافع لميلاد الحرية لكل الشعب فكان استشهاده. يشدد عبدالرحمن الجوهري منسق حركة كفاية ومحامي خالد سعيد أن ثورة أوجدها القدير بين الكاف والنون. وكان مفجرها خالد سعيد. لولا صلابة أسرته وتماسكها وإيمانها الشديد لضاعت القضية لقد قتل الكثير قبل خالد وبعده وربما بشكل أبشع ولكن إصرار أسرته كان هو الأساس في البحث عن الحقيقة والمطالبة بالقصاص. ويضيف الجوهري لقد أثبت في آخر جلسة أن لفافة البانجو المزعومة عبارة عن ورقة بيضاء بها بقايا نبات بني اللون ولا هي بطول سبعة سنتيمترات أو بقطر يشابه ما جاء في تقارير الطبيب الشرعي. ان كشف الحقيقة أصبح قاب قوسين ولقد اقترب وقت القصاص من قتلة خالد. فلم تعد القضية هي مقتل خالد سعيد إنما هي قضية وطن. محمد مجدي أحد قيادات شباب يناير بالإسكندرية يؤكد كان الشهيد خالد هو المفجر الأول لثورة يناير ولكن يجب الآن أن نتذكر وإذا خالد سئل بأي ذنب قتل؟ لقد كان هذا التساؤل الاستفهامي الاستنكاري الذي رفعه المنددون بالمقتل البشع للمواطن خالد سعيد علي أيدي مخبري الداخلية من العاملين بقسم شرطة سيدي جابر! خالد ضحية الحزب الوطني وسياساته.. ضحية "من أجله هو"!! ومن حاول أن يفرضه علينا "هو" ورجاله! وهو ضحية "مخبرين" أحزاب الأمن في أحزاب المعارضة. خالد.. ضحية قانون الطوارئ.. الذي يجعل من أي "مخبر سلطة لا راد لها.. تكاد تعلو علي سلطة رجال التشريع.. والبرلمان.. فمصر تحولت من بلد يحكمها القانون إلي بلد محكومة بمنطق الغاب. لم تكن حالة خالد سعيد استثناء عن الأصل. فالأصل هو العنف في مواجهة المواطنين.. هل سقط من الذاكرة.. ما حدث مع محمد مرسي صياد الدخيلة المقتول من ضابط المسطحات المائية؟! الأصل هو التلفيق والكيدية والاستقواء علي المواطن الغلبان. فلم يكن مقتل خالد مجرد حادث فردي عابر. بقدر ما حمل الدلالات الكاشفة عن الانحدار الذي وصلت إليه مصر. بأي ذنب قتل؟.. وبأي ذنب كان يقتل أي مواطن ويمثل بجثته كل هذا التمثيل الشنيع؟! حتي لو كان بحسب بيان الداخلية غير المسئول "مسجل خطر" أو مجرماً حتي الإجرام ليس من حق أحد كان هذا. ولا من وظيفة جهاز الشرطة ممارسة هذا القدر اللا إنساني في معاقبة مجرم أو مسجل خطر أو خارج عن القانون. وخالد لم يكن أيا من هؤلاء. كان خالد "في حاله" ككثير من المصريين. الذين لا تشغلهم السياسة ولا يشغلون أنفسهم بها لم يكن مجتهداً إلا في عمله "صاحب شركة استيراد".. ومحباً للفن.. يلعب موسيقي مع إحدي الفرق الموسيقية.. هذا التكوين الرقيق.. وملامح وجهه البريئة كيف يكون حسب البيان الكاذب لوزارة الداخلية مجرماً؟! لم يجرم خالد سعيد. سوي أنه جرب لمرة. مرة واحدة فقط. أن يتصدي لفساد في الجهاز المنيط به حماية أرواح الناس وسلامتهم. صدمة الفيديو الذي استطاع الحصول عليه. وهو يري الصدمة أن يكون "كده.. وش" حاميها.. مفسدها. لقد كانت مصر محكومة برجال المافيا في "الأمن والصحة وكافة المجالات".. وراحوا ينهبون الثروات القومية.. والثروات الطبيعية.. فعشنا أشد عصور الاستنزاف. قتل خالد لأنه شذ عن القاعدة.. وهي "الفساد" الذي عم! لم يقتل خالد سعيد.. عوض المخبر ولا زميله ولا الضابط.. بل قاتله الحقيقي هو نظام سياسي فاسد.. تحولت مهمته من السهر علي صيانة واحترام كرامة وكيان الإنسان. وهي وظيفة أساسية لكل نظام سياسي ديمقراطي محترم إلي سحل وتدمير وقتل كرامة الإنسان وشخصيته.. وهي علامات كل نظام سياسي متسلط.. لذلك فإن من حق خالد وكل الشهداء علينا نحن شباب مصر وكل شعبها أن نكمل الطريق ونحقق كل أهداف الثورة.. حتي لا يقتل بيننا خالد سعيد مرة ثانية.. ولنعلم أن كلنا خالد سعيد.