تلجأ الدول التي لا تطل علي بحار أو محيطات إلي مشروعات الاستزراع السمكي بغرض تعويض النقص فيما تصلها من أسماك عن طريق الاستيراد وبغرض توفير منتج محلي بدلاً من انفاق جزء من احتياطها النقدي من العملة الصعبة وكانت مشروعات المزارع السمكية في العراق ابان حكم صدام حسين من انجح هذه التجارب في الدول العربية كانت ورغم أن العراق بنهريه دجلة والفرات كان غنياً بثروته السمكية وتنوعها إلا أن صدام لجأ للمزارع السمكية كوسيلة لتوفير احتياجات المواطن العراقي ولضرب مافيا تجارة الأسماك التي كادت تطل برأسها في ثمانينيات القرن الماضي كانت المزارع السمكية كلها في العراق تخضع لإدارة المصايد والأسماك التابعة لوزارة الزراعة والغريب أن العمل في هذه المزارع كان حكراً علي المصريين الذين شدوا الرجال إلي العراق بحثاً عن الرزق وأملاً في تحقيق أوهام الغربة. وقد شاهدت بنفسي وشاهد الكثير غيري من المصريين الذين زاروا بغداد أن نهر دجلة الذي يشق العاصمة انتشرت علي ضفتيه هذه المزارع. كان إنتاج هذه المزارع التي تشرف عليها الدولة تباع في الأسواق بالتسعيرة الجبرية ولا يمكن لتاجر أن يتلاعب فالدولة كانت قوية والحاكم كان باطشاً وعيونه المتمثلة في حزب البعث تراقب الأسواق والأفراد وحتي الأسماك في نهر دجلة. اكتسب المصريون العاملون في هذه المزارع خبرة عظيمة فقد سمعت من أحدهم في إحدي الزيارات حديثاً طويلاً عن نوع الذريعة وأنواع العلف المقدم للأسماك بل حدثني عن الأمراض التي تصيب الأسماك في الحوض الذي يشرف عليه علي ضفة نهر دجلة حديث خبير رغم أنه غير متخصص وقليل من التدريب يؤهل لمثل هذه الوظيفة أغلب الأسماك في تلك المزارع كانت من نوعي البني والشبوط والسمكة الواحدة يكفي عائلة حيث إن وزنها لا يقل عن أربعة كيلو جرامات وتنقل إلي الأسواق في أحواض مليئة بالماء ويختار الزبون وهي حية هذه النوعية من الأسماك لها طريقة معينة في الطهي وهو ما يطلق عليه العراقيون اسم "السمك المسكوف". تجربة العراق من الممكن نقلها بالمسطرة إلي مشروع الاستزراع السمكي في محور قناة السويس الجديد ومن الممكن استقدام أنواع جديدة من الأسماك بدلا من البلطي والبوري المنتشران في مزارع مصر وكما قضي صدام علي مافيا السمك في العراق فمن الممكن القضاء عليها في مصر وفي خلال ست شهور فقط من القاء الزريعة في المزارع السمكية الجديدة وتنخفض أسعار السمك في مصر التي لا ينخفض فيها سعر سلعة إلي النصف.