لا أعتقد علي الإطلاق أن وزارة التربية والتعليم لديها نقص في العمالة.. بل إن شأنها شأن بقية الوزارات والمصالح الحكومية فيها فائض من العاملين يمكن توزيعه علي وزارتين أو أكثر ويكفي لخدمة المترددين عليها وتلبية طلباتهم. لكن الوزارة أبت إلا أن تجعل المترددين عليها يذوقون العذاب ألوانا تحت وهج الشمس الحارقة في هذا الصيف الذي لم نشهد له مثيلا من قبل. أسكن بجوار الادارة العامة للامتحانات وأمر عليها يوميا فأجد أمامها ارتالا من الطلبة والطالبات يقفون مستظلين بهذه الشمس وهذا الجو لا يستطيع أن يقبله أي مسئول ولو كان في بلاد الماو ماو!! أري الصفوف المتراصة من هؤلاء الشباب وكل منهم يمسك في يده بورقة يحاول ان يبعد بها حرارة الشمس عن وجهه وجسمه.. وهيهات له ذلك.. فذلك الجو الخانق لا ينفع معه مثل هذه الأوراق ولا غيرها. يقف الشباب طوابير متراصة تمتد ل 50 أو 60 مترا بخلاف الذين خرجوا من الصفوف زهقا واحتجاجا علي هذه المعاملة السيئة من الوزارة.. هؤلاء الشباب الذين لا أعرف ماذا يريدون من هذه الادارة التي خلت من مديرها وموظفيها الروح الانسانية التي يصعب علي "الكافر" ان يراهم فيها تتعامل معهم من خلال شباك واحد ضيق مثل شبابيك السجن.. وفي كل مرة أراهم فيها لا أجد أن واحدا منهم تزحزح عن الشباك ليأتي الدور علي من خلفه.. وكأن الرجل أو الموظف الذي يخدمهم أو يأخذ منهم الطلبات أو غير ذلك ليس لديه أدني شعور انساني بحيث يصعب عليه وعلي مدير الادارة ان يري هؤلاء الشباب يتعذبون بعذاب جهنم قبل ان يتقبلهم الله برحمته. المنظر يتكرر يوميا كلما نزلت إلي الشارع وأنا أري هؤلاء الطلاب والطالبات يكتوون بنيران العذاب الذي ارتضاه لهم مدير هذه الادارة ومن فوقه من المسئولين حتي منصب الوزير.. وإن كنت لا أعلم اذا كان الوزير الدكتور محمود أبوالنصر يدري شيئا عن معاناة هؤلاء الطلاب والطالبات أم أن أحدا لم يستطع أي ينبهه إلي ذلك؟! يا سيادة الوزير: ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء.. والله لو أن هؤلاء الشباب اجسامهم قدت من حديد لما استطاعوا ان يتحملوا هذا العذاب الذي لا نهاية له. يا سيادة وزير التربية والتعليم.. هل مكتوب علي وجه كل طالب وطالبة قدر له ان يقف أمام هذه الادارة يوميا ان يلقي العذاب ألوانا حتي يأخذ العبرة ليتعظ من عذاب جهنم في الآخرة. يا سيادة الوزير.. في الوزارة آلاف العاملين الذين لا عمل لهم إلا قراءة الصحف وشرب فنجان القهوة أو الشاي والقيام للصلاة اذا حان وقتها ولا يعودون لمقار أعمالهم إلا بعد ساعة أو أكثر ولا تزيد مدة عملهم عن 28 دقيقة يوميا كما ذكرت بعض الدراسات.. أليس من الأولي أن نخفف عن هؤلاء الشباب هذا العذاب الأليم. الرأفة والرحمة يا سيادة الوزير.. فوالله العظيم لو ساقتك الظروف لتجد هذا المنظر المؤلم يتكرر يوميا لاخذتك الرأفة بهم حتي ولو كنت قاسي القلب؟! هناك مديرون ووكلاء وزارة وموظفون يجلسون في مكاتب مكيفة أو علي الاقل بها مراوح.. فلا تتركوا أولادكم يذوقون هذا العذاب يوميا!!