تابعت الفلسطيني الشيخ وهو يتحدث عن المذابح التي صنعها الاحتلال الإسرائيلي في غزة. إنهم يصدعوننا بجرائم الهولوكست في ألمانيا. ويطالبون بمحاكمة من يقف مبتسماً في معسكرات الاعتقال النازية. أو يحاول التهوين من الجرائم التي قدروا ضحاياها ببضعة ملايين من اليهود. قال الشيخ: إنهم يتحدثون عن هولوكست لم نره. لكننا في غزة نعيش هولوكست حقيقياً. قتل - علي مدي سني الاحتلال - دمر وشرد مئات الألوف. هذا هو الهولوكست الذي نعرفه! الهولوكست اليهودي - كما تؤكد كتابات غربية كثيرة -مجرد اختراعات صهيونية. اختلفت. أو دفعت بكرة الثلج الصغيرة من أعلي الجبل. فتحولت إلي كرة هائلة ترهب. وتقتل. من يواجهها. والقول بأن انتقادنا المبالغة في تصوير أحداث المحرقة. وملابساتها. وظروف وقوعها. يسقطنا تلقائياً في حفرة الصراع غير المتكافئ مع القوي الصهيونية.. ذلك القول ينفيه أن الحديث عن الهولوكست النازي يأتي مرادفاً للهولوكست الصهيوني. لا أتصور أن العالم يستكين إلي دعاوي غير مؤكدة من إعلام محدد الهوية. في مقابل حقائق أبعادها الجغرافيا والتاريخ ومئات الألوف من البشر الذين عوملوا بوحشية غيرو مسبوقة تاريخياً. حين زار ساراماجو فلسطينالمحتلة. فإن الانطباع الذي خرج به من مشاهداته. أن المواجهة ليست بين قوتين متكافئتين . لكنها بين جيش يمتلك ترسانه مسلحة هائلة. وبين شعب أعزل يعبر عن رفضه بقذف الحجارة "حتي أقصي ما لجأ إليه الفلسطينيون من سلاح. وهو الصواريخ لا تستحق اسمها. لأنها لم تصب أحداً!" وشبه ساراماجو ما يحدث في أرض فلسطين بأنه محرقة حقيقية صنعها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني. إنه نسخة أشد قسوة من معسكر أوشفيتز النازي إن ما يحدث هنا هو جريمة ضد الإنسانية. وإذا كانت كلمة أوشفيتز تغضب الإسرائيليين. فإن عليهم أن يختاروا كلمة أخري للتعبير عما أشاهده هنا. ليس ثمة كلمة أخري تصف ما يحدث هنا. أقل بشاعة من وصف المحرقة النازية! وكما يري إدوار سعيد فإن هناك جهداً مركزاً بتحويل الهولوكست إلي نوع من الدين الدنيوي. "ولجعله موضوعاً للدراسة العملية. بمعني خصوصيته. باعتبارة جزءاً من التجربة اليهودية. ومقصوراً فقط علي التجربة اليهودية". الهولوكست - في تقدير إدوار سعيد - جزء من ظاهرة أوسع بكثير. تشمل الهنود الحمر في بدايات إنشاء الولاياتالمتحدة والأفارقة المجلوبين عباداً من بلادهم . نقلاً عن ضحايا النازي في ألمانيا وبولندة. ثم ضحايا الصهيونية من أبناء الشعب العربي في فلسطين. مسلسل القتل اليومي لأبناء الشعب الفلسطيني جزء من مخطط إسرائيل لمنع الخطر المتوقع بغلبة العنصر العربي - المسيحي والمسلم- في أفق المستقبل . ولعلنا نذكر قول بن جوريون إنه لو لم تحدث مذبحة دير ياسين ما قامت دولة إسرائيل. نتذكر - بالطبع - وقائع مذبحة دير ياسين. مثلما نتذكر مذابح كفر قاسم وصبرا وشاتيلا وقانا وغيرها. والقائمة طويلة