تنشر "المساء" بالاتفاق مع جريدة الرأي الكويتية مقال الكاتب الصحفي الكويتي جاسم مرزوق بودي رئيس مجلس إدارة جريدة الرأي. لا يمكن للحياة السياسية في أي بلد أن تسير علي قدم واحدة.. أو أن يكون الحديث فيها بصوت واحد.. هو صوت السلطة.. أو الحكومة.. ومن يؤيدونها.. بينما يختفي صوت المعارضة.. وإذا حدث وخرج هذا الصوت المعارض فلابد أن يتهم بالخيانة والعمالة.. أو يتهم بالإرهاب. قطعاً.. هناك فارق كبير بين المعارضة السياسية السلمية وبين الخيانة والعمالة والإرهاب.. والقوانين قادرة علي أن تميز هذا عن ذاك كما يحدث في كل الدول.. ولا تصدق أبداً أن نظاما سياسياً يمكن أن ينجح ويستمر وهو يقهر المعارضة السلمية ويتهمها بالخيانة.. ويجبر مواطنيه أن يقفوا في طابور واحد.. ويتبنوا أفكاراً ورؤي واحدة.. ويتحدثوا بصوت واحد. كل التجارب التاريخية أثبتت ذلك.. حتي أصبح وجود المعارضة من ثوابت الحياة السياسية.. بل ومن ضرورات بقاء النظم واستمرارها.. وقد قيل في ذلك إن كل نظام سياسي يصنع المعارضة التي تناسبه.. والتي هي بالضرورة المعادل الموضوعي.. فالنظام الاشتراكي تكون معارضته رأسمالية.. والعكس صحيح.. وإذا أردت أن تعرف جوهر النظام وطبيعته فانظر إلي معارضيه. النظم الشمولية والفاشية وحدها هي التي تتبني منطق الحزب الواحد.. أو التحالف الواحد.. أيا كانت الأسماء مادامت الحقيقة هي انفراد السلطة وأنصارها باحتكار العمل السياسي في البلاد. هل نحن في حاجة للعودة إلي الجذور لإدراك هذه الحقيقة التي أصبحت معلومة بالضرورة لكل من يقترب من الوعي والإدراك في الساحة السياسية؟! نعم.. لم تعد القضية في حاجة إلي مزيد من التجارب حتي نصل إلي النتيجة المعروفة للكافة دون مناقشة.. كل الشعوب صارت تتعامل مع هذه القضية باعتبارها من ثوابت العمل السياسي.. فوجود المعارضة يعني الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. والعكس صحيح. لذلك.. عندما خرج الأستاذ هيكل يدعو منذ عدة شهور إلي قيام تحالف وطني من الأحزاب القائمة ليكون هذا التحالف ظهيرا شعبيا يساند النظام السياسي في الشارع وفي البرلمان حذرنا من ذلك.. وقلنا إنها محاولة جديدة لإنتاج نسخة عصرية من "الاتحاد الاشتراكي".. الذي اعترف عبدالناصر نفسه في آخر أيامه بأنه كان كارثة.. وأنه دمر الحياة السياسية وكان سببا في تعميق الديكتاتورية التي ظلت اتهاما يلاحق عبدالناصر ويخصم من رصيده الوطني الكبير. والآن.. حين نتابع الاستعدادات الحزبية للانتخابات البرلمانية القادمة نلاحظ اتجاهاً محموماً صوب تشكيل تحالفات.. كما نلاحظ تنافسا بين تلك التحالفات علي أيها سيكون ظهيرا للسلطة والحكومة.. بينما لم يخرج صوت من تلك التحالفات يقدم نفسه كمعارض. لم يقتصر الأمر علي ذلك.. بل هناك من يستنكر أساساً أن تكون في مصر معارضة للنظام.. لأن المعارضة خيانة للوطن.. فمن ذا الذي يرضي علي نفسه أن يكون معارضاً وأن يكون خائنا؟! رئيس تحرير إحدي الصحف الكبري كتب في مقاله يقول: "المعارضة اليوم هي معارضة للوطن.. ليست معارضة لنظام أو رئيس أو حكومة أو حزب".. ثم يستدرك ويقول: "ورغم ذلك أهلاً بالمعارضة الحرة البناءة الموضوعية.. وليست المعارضة المأجورة". هو ينفي من الأساس وجود المعارضة لأنها معارضة للوطن.. أي خيانة.. ورغم ذلك فهو يرحب بالمعارضة الحرة البناءة الموضوعية وليست المعارضة المأجورة "الخائنة". ومن المهم في هذا الصدد أن ننبه إلي خطورة هذا المنطق.. فالتخوين الوطني هو الوجه الآخر للتكفير الديني.. إذا أعطيت نفسك الحق لتخون هذا أو ذاك لأي سبب.. فهناك من سيعطي لنفسه الحق في أن يخونك في ظروف أخري.. وهناك من سيعطي لنفسه الحق في أن يكفرك دينياً.. وهذا وذاك من علامات ضعف الوعي السياسي ولا أقول تخلف الوعي السياسي. وقد كان من المفترض بعد كل التجارب والتقلبات التي مرت بنا أن ننسف من قاموسنا السياسي باتفاق غير مكتوب أية كلمة أو مفردة تشير إلي تخوين الآخر أو تكفيره.. وأن نتوافق علي أن من لزوميات العمل السياسي قبول الآخر المختلف عنا.. سياسياً وفكرياً وأيديولوجياً ودينياً.. الخ. لابد أن نعود إلي الجذور لندرك أن السياسيين علي مستوي العالم جعلوا المعارضة جزءاً من النظام.. فلا نظام بدون معارضة.. ومن مصلحة أي نظام أن يعمل معارضوه في العلن بدلا من أن يعملوا من تحت الأرض.. لأن العمل في العلن تحكمه ضوابط وقوانين أما العمل تحت الأرض فلا يؤدي إلا إلي الكوارث. واسوأ أنواع المعارضة هي المعارضة الشكلية.. المستأنسة.. التي يضعها النظام كديكور فقط يتجمل بها.. أما المعارضة القوية الحقيقية فهي التي تحفظ النظام وتضمن بقاءه.. وكل الذين تصوروا أنهم ضحكوا علي الشعوب بمعارضة شكلية مستأنسة ضحكت عليهم شعوبهم.. وكانت نهايتهم مأساوية. إشارات * توزيع صكوك الوطنية باسم الوطن مرفوض.. وتوزيع صكوك الإيمان باسم الله مرفوض أيضا.. الوطن لم يفوض أحداً للحديث باسمه.. والله سبحانه وتعالي لم يفوض أحداً للحديث باسمه. * غريبة.. الفاسدون هم أكثر الناس حديثاً عن الوطنية والشرف. * الأب مناويل مسلم راعي إحدي كنائس رام الله بالضفة الغربية يقول لإخوانه المسلمين: "إذا هدموا مساجدكم ارفعوا الأذان من كنائسنا". هذه هي الروح العربية الأصيلة التي لم تتلوث.. لا سامحكم الله يا أبناء داعش.. يا من تطردون إخواننا المسيحيين من ديارهم وتشوهون صورة الإسلام والمسلمين.. اللهم إنا برءاء مما يفعل هؤلاء. * عارضة الأزياء والممثلة الإسرائيلية أورلي فينرمان أعلنت علي الملأ إدانتها للمجازر الإسرائيلية في غزة.. قالت إنها تخجل من دولتها.. وأنها سئمت جهنم إسرائيل وتؤيد المقاومة الفلسطينية. فلا نامت أعين الجبناء. * الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك كتب يقول: إن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني لن ينتهي إلا بإنهاء حصانة إسرائيل.. وان الحقيقة التي لا يعترف بها أحد أن العالم لا يهتم بموت الفلسطينيين.. وإلا فلماذا لم يتحرك العالم لمنع أسلحة إسرائيل التي تحصد أرواح الأبرياء. * رؤوفين ريفلين رئيس إسرائيل الجديد "74 عاماً" ينتمي إلي صقور الليكود.. وأكثر تشدداً من شارون ونتنياهو.. كان رئيساً للكنيست في ..2003 وهو واحد من الأسماء الكبيرة التي شاركت في قتل الأسري المصريين أحياء عام 1967 وفقاً لما جاء في فيلم "روح شكيد". اعرف عدوك.