علي مدار عشرين يوما من شهر رمضان شهدت دبي فعاليات جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم والتي تعد من كبري المسابقات القرآنية رغم حداثة نشأتها في دول العالم العربي والاسلامي. تهدف الجائزة إلي الارتقاء بمستوي الأداء القرآني للشباب المسلم خاصة في المراحل العمرية تحت العشرين والجدير بالذكر ان الجائزة شهدت خلال 18 عاما تقدما وتطورا كبيرين جعلها محط تقدير واهتمام الجميع داخل وخارج دولة الامارات فمنذ أول سنة انطلقت فيه تأتي كل عام بالجديد الذي تحرص اللجنة المنظمة علي تقديمه في إطار عملها الانساني ودورها اللا محدود في الحفاظ علي القرآن الكريم وعلي صحيح الدين. ولأن ليالي رمضان هي ليالي تدبر وتفسير القرآن فقد التقي علي أرض دبي حوالي 85 متسابقا من الدول العربية والاسلامية والجاليات الاسلامية في العالم من الشباب الذين لم تتجاوز اعمارهم ال 21 عاما منهم متسابقان يبلغ احدهم 8 سنوات من بنجلاديش والثاني 11 عاما من استراليا. ** هذه الكوكبة المتميزة من حفظة كتاب الله اضاءت سماء وأمسيات رمضان بالروحانيات في أجواء من المنافسة والتفوق حفظا وتجويداً وتلاوة تحت اشراف لجنة تحكيم دولية مكونة من خمسة محكمين من مصر والامارات والسعودية والاردن ولبنان. كما انها استطاعت ان تجتذب المئات من الحضور علي الرغم من انتهاء الفاعليات قبل صلاة الفجر. تعود نشأة المسابقة إلي عام 1997 بناء علي أوامر من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الامارات حاكم دبي بهدف الارتقاء بالمستوي العام للأداء القرآني وإبراز الوجه الاسلامي للامارات وتأكيدا للقيم الاسلامية السمحاء وأهمية دورها في الحياة وكذلك تحفيز الشباب والاجيال الناشئة علي الالتزام بدينها وادراك مسئولياتها تجاه عقيدتها ورسالتها الاسلامية. بدأت الجائزة بفرعيي المسابقة الدولية للقرآن والشخصية الاسلامية ثم استحدثت 7 أفرع جديدة حتي وصلت في العام الحالي إلي 12 فرعا. وقد سبقت بفروعها المتنوعة الكثير من المسابقات والجوائز المماثلة مما ساهم في ذيوع صيتها في كل أنحاء العالم وأدي إلي ارتفاع حجم أعمالها وزيادة عدد المتسابقين سنويا مما يؤكد حرص الدول علي ارسال حافظيها والمتقنين والمجودين حتي انهم استطاعوا خطف ابصار واسماع الحضور بإجادتهم لمخارج الحروف والنطق بلغة صحيحة خاصة من المشاركين من الجاليات الاسلامية ولا يعرفون العربية مما ساهم ايضا في تحفيز الشباب العربي علي المنافسة والمشاركة. بلغت قيمة الجوائز الثلاث الاولي 250 ألف درهم و200.000 و150.000 درهم أما باقي المتسابقين فقد منحوا مكافآت تراوحت بين 65.000 درهم و20.000 درهم. جاء في المركز الاول متسابق من نيجيريا والثاني من السعودية والثالث من اليمن والرابع من قطر والخامس من الكويت والسادس من بنجلادش والسابع من ليبيا والثامن من موريتانيا والثامن مكرر من أمريكا والعاشر من البحرين. علي هامش برنامج المسابقات المتعددة لم تغفل الجائزة المحاضرات الثقافية والندوات والامسيات الدينية لكبار الدعاة وعلماء المسلمين والتي تميزت بالتنوع في طرح العديد من القضايا المعنية بالشئون الاسلامية والانسانية بهدف بناء جسور التواصل بين المسلمين والثقافات والديانات الاخري وكذلك للتأكيد علي أن الدين الاسلامي هو دين السلام والمحبة والعدل والتسامح والمساواة ودين الحضارة والعلوم. تميزت برامج وليالي الجائزة بالاعداد والتنظيم الجيد وتضافر وتكافل جهود كل الجهات لانجاح هذا الحدث العالمي مما اعطاها زخما كبيرا مقارنة بغيرها من الجوائز واستطاعت ان تعكس وجها انسانيا حضاريا لدبي في شهر رمضان. من المشروعات الجديدة التي تضاف إلي رصيد نجاحها هو مركز الشيخ محمد بن راشد للمخطوطات والذي يضم مجموعة نادرة من المقتنيات الشخصية له من المصاحف والمخطوطات النادرة وكذلك للعديد من الشخصيات العربية التي تبرعت بما لديها من مجموعات من اقدم المصاحف وباحجام مختلفة تم جمعها من سائر دول العالم وكذلك ابداعات التراث الاسلامي في المخطوطات وتم تجهيز المركز وفق المعايير العالمية في الأمان لحفظ هذه المجموعات النادرة ويعد من أكبر وأضخم المراكز علي مستوي الشرق الاوسط إلي جانب ذلك المشروع الانساني العالمي الخاص بالرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم بهدف التعريف برسالة الاسلام السامية وهذا المعرض بدأ في المملكة العربية السعودية ثم توالي فتح فروع أخري في العديد من دول العالم ويشتمل علي قسمين الاول الموسوعة التي تضم كل ما ورد في القرآن الكريم والسنة النبوية عن الله عز وجل واسمائه وصفاته ورسول الله محمد وكل تفاصيل حياته منذ ميلاده بمكة إلي هجرته وحياته بالمدينة المنورة وحتي وفاته. أما القسم الثاني هو مشروع المتحف ويضم كل ما استعمله الرسول من اثاث وسلاح وملابس وعملات ومقتنيات بهدف التوثيق الكامل لعصر النبوة بكل ابعاده واشكال الحياة فيه. ختام الجائزة كان باختيار د. أحمد الطيب شيخ الأزهر في احتفالية كبري وجاء الاختيار بإجماع اعضاء اللجنة المنظمة للجائزة وموافقة الشيخ محمد بن راشد وذلك لمنزله الطيب ومكانته في قلوب المسلمين فالامام الاكبر يمثل مرجعية دينية ويمتاز بالوسطية والاعتدال وقدم خدمات واعمالاً خالدة لخدمة الاسلام ونشر رسالته وهو أيضا يعبر عن مكانه الأزهر الشريف ومدي ما يسره لابناء المسلمين من مجال دراسة العلوم وما وفره من امكانيات مادية ومعنوية.