تعاقب علي وزارة التعليم أو التربية أو وزارة المعارف في مصر عظماء تركوا بصمات لا تنسي علي نهضة هذه الأمة. فالتعليم الحقيقي الذي يلبي احتياجات أي مجتمع هو الدعامة الأساسية للدولة المدنية الحديثة. لقد شغل منصب وزارة التربية سعد زغلول وطه حسين مروراً بكمال الدين حسين وحلمي مراد وغيرهم كانت المدارس في أيامهم تهتم بتقديم تعليم حقيقي وتربية فائقة يكتشفها المواطن العادي من الوهلة الأولي سواء في سلوك الطلبة أو أحاديثهم وحتي هندامهم.. ثم تحول الأمر إلي تهريج كما ذكرنا من قبل. مدارس بلا تلاميذ ومدرسون يعملون في مراكز تعليمية ومليارات الجنيهات ينفقها أولياء الأمور مرغمين علي الدروس الخصوصية والناتج صفر كبير مثل صفر المونديال التي حصلت عليه مصر منذ سنوات. والحقيقة أن هناك كبوات في تاريخ الأمم فيما يخص التعليم والمدارس والمدرسين وهناك أيضاً تجارب ومحاولات بذلتها دول بعينها من أجل إصلاح التعليم فيها وعودته إلي سابق عهده لتخريج مواطنين صالحين قادرين علي دفع الأمم إلي الأمام. وقد ذكرنا من قبل وفي هذا المكان تجارب ماليزياوبريطانيا وحتي أمريكا في إصلاح نظمها التعليمية ولم تجد هذه الدول غضاضة في استيراد نظم ومناهج تعليمية من دول أخري وعندما اكتشفت الولاياتالمتحدة بجلالة قدرها أن مناهج الرياضيات والفيزياء التي تدرس في مدارسها متخلفة مقارنة بالمناهج اليابانية علي سبيل المثال. قامت بالاستعانة بالنظم اليابانية والمناهج التي تدرس هناك وخلال سنوات قليلة أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أن مناهج الرياضيات والفيزياء والعلوم الطبيعية أصبحت لا تقل عما يدرس في المدارس اليابانية. وفي إنجلترا حدث نفس الشيء ولكن بطريقة مختلفة حيث قدمت تقارير حول أحوال التعليم كان قد طلبها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير والذي كان قد وعد بإصلاح المنظومة التعليمية في برنامجه الانتخابي وتم تقديم التقارير.. التقارير الحقيقية التي توضح أنهيار المنظومة التعليمية في بريطانيا وبدأ توني بلير في ولايته الثانية في وضع اللمسات السحرية لإصلاح هذا النظام الذي كانت بريطانيا تتباهي به بين الأمم. وكان توني بلير قد شغل منصب رئيس الوزراء لثلاث فترات متتالية منذ عام 1997 حتي .2007 كانت هناك مدارس حكومية ومدارس تتلقي دعماً حكومياً وهناك مدارس جاليات أجنبية ومدارس دولية ومدارس للصفوة ومدارس إسلامية ولكل مدرسة منهج مختلف باستثناء المواد الأساسية كان النظام التعليمي في بريطانيا قريب الشبه بما يحدث الآن في مصر. خليط عجيب من المدارس. يفرق ولا يوحد المواطنين. بينما التعليم في أساسه بوتقة لصهر كافة مقومات المجتمع. قام توني بلير والقائمون علي التعليم في بريطانيا أولاً علي توحيد المناهج في كافة المدارس واذابة مدارس الجاليات الأجنبية في المدارس الحكومية أو المدارس التي تتلقي دعماً حكومياً ووضع شروطاً في غاية الدقة والأهمية لاختيار المعلمين الذين يعملون في هذه المدارس وللحديث بقية.