وصلت المستشفيات الجامعية التابعة لجامعة الاسكندرية إلي حالة يرثي لها أفقدت المريض آدميته وجعلته ساخطا علي رسالة الطب التي تدنت داخل أروقتها بسبب نقص الامكانيات الطبية اللازمة للمرضي وقلة أفراد التمريض بها مما يسفر عن عدم إسعاف الحالات والاعتناء بها في الوقت الذي تعاني منه من كثرة الضغط عليها من المصابين والمرضي ويوميا من أبناء المحافظات المختلفة سواء الاسكندرية أو البحيرة أو مطروح أوكفر الشيخ وذلك لتقديمها جميع الخدمات الطبية بالمجان. قامت "المساء" بجولة علي المستشفيات للتعرف علي معاناة المرضي بها ورصد احتياجات ومشكلات المستشفيات الجامعية خاصة بعد زيارة الدكتور سيد عبدالخالق وزير التعليم العالي لمستشفي الاميري التابع لجامعة الاسكندرية وقرار اللواء طارق مهدي محافظ الاسكندرية بإحالة مدير المستشفي وجميع العاملين بقسم الاستقبال للتحقيق بسبب سوء المعاملة والخدمة الطبية المقدمة للمرضي والمصابين. تشمل مستشفيات الجامعة المستشفي الرئيسي الجامعي "الاميري" وهو المستشفي الام لمسشفيات جامعة الاسكندرية وينبثق منه مستشفيات أخري منها مستشفي الشاطبي للأطفال. مستشفي الشاطبي لأمراض النساء والتوليد. مستشفي الحضرة للعظام والامراض النفسية والعصبية. المستشفي الجامعي التخصصي. كان من اللافت للنظر بمجرد وصولنا لمستشفي الاميري الجامعي هو تعامل أفراد الامن الخاص الذين يقفون علي بوابات مداخل قسم الاصابات والطوارئ بعنف ويدخنون السجائر في وضح نهار شهر رمضان جهارا وعدم مراعاة حقوق المرضي في عدم التدخين بجوارهم فضلا عن تعاليهم وسخريتهم من أهالي المرضي البسطاء خلال دخولهم لزيارة ذويهم ولا يستطيع أحد الدخول من بوابة القسم قبل "المعلوم".. وبمجرد دخولنا للقسم فوجئنا بصور صارخة للإهمال بكافة أشكاله ومنها مجموعة من القطط تلهو وتلعب وسط أسرة المصابين وفوقها والقمامة متناثرة بكافة جوانب العنابر والطرقات فضلا عن النفايات الطبية من الشاش والقطن الملوث بالدماء بالاضافة إلي العجز في الاسرة مما يدفع المرضي والحالات بالتسطح علي بلاط المستشفي. بجوار مدخل عنبر الرجال بقسم الطوارئ كان يرقد علي السرير عادل مصطفي خليفة الذي لفت انتباهنا صوت تألمه ولا أحد من الممرضات أو الاطباء بجواره حيث أكد لنا أنه في انتظار وصول طبيب متخصص في جراحة الاوعية الدموية منذ يومين وذلك بعد ان جاء إلي المستشفي متأثرا بجراحة عقب اصابته بطلق ناري بذراعه خلال مشاجرة بمنطقة العصافرة بالاسكندرية. لافتا إلي انه منذ وصوله للمستشفي لا يقوم أحد من هيئة التمريض أو الاطباء بالكشف عليه أو إجراء الاشاعات اللازمة لتحديد مكان الطلق الناري بالذراع وكل ما قاموا به هو ربط الجرح بمجموعة من القطن الطبي والشاش لوقف النزيف. وبالسرير المجاور لعادل كان يرقد محمد الصافي 37 سنة من محافظة البحيرة ويقف بجوار سريره والده يرتدي ملابس ريفية ويردد نداءات للأطباء دون رد منها "ياجماعة ابني هيروح مني حد يجي يعمله حاجة" أكد لنا محمد أنه يعمل بورشة زجاج بالبحيرة وجاء من محافظته إلي المستشفي الاميري بالاسكندرية بواسطة سيارة إسعاف عقب سقوط أحد الالواح الزجاجية علي يده خلال عمله بالورشة مما اسفر عن قطع في أوتار ساعد يده منذ ثلاثة أيام تقريبا وطوال هذه الفترة لم يتلقي أية رعاية طبية سوي قيام أحد الاطباء بوقف نزيف الدم باستخدام بعض الشاش والقطن الطبي. لافتا بأنه لايشعر بالامان علي نفسه داخل المستشفي في ظل حالة الاهمال واللامبالاة التي يشعر بها من جميع العاملين بالمستشفي تجاهه. مشيرا إلي انه جاء للمستشفي لكي يلقي الرعاية الطبية اللازمة لحالته وليس للموت بها. يضيف حمدي فاروق 43 سنة من سكان محافظة كفر الشيخ أنه جاء للمستشفي عقب إصابته بجروح قطعية بالرأس نتيجة مشاجرة. لافتا إلي أن أحد الاطباء قرر احتجازه داخل قسم الاصابة والطوارئ للاشتباه في إصابته بارتجاج في المخ بعد ان قام بعمل الاسعافات الاولية للجرح ومنعه من النزيف مشيرا إلي انه بالمستشفي منذ أكثر من أربع ساعات وطال هذه الفترة لم يقوم أحد الاطباء بعمل الاشاعات للتأكد من عدم إصابته بالارتجاج مشيرا إلي أنه يعاني من قلة الرعاية الطبية والنظافة بالعنبر وكثرة الحشرات التي تقف علي دماء المصابين لانعدام النظافة بالعنبر. تشكو إيمان صلاح طبيبة امتياز من انعدام الامكانيات الطبية بالمستشفي سواء من الادوات الطبية أو اجهزة الاشعة بالاضافة إلي انعدام النظافة داخل العنابر والطرقات مما كان يجبر أطباء الامتياز علي القيام بأعمال التمريض والعمال. مشيرة إلي ان هناك عددا كبيرا من مباني المستشفي آيلة للسقوط وتهدد حياه المرضي والاطباء التي توجد بها ومنها مبني الباطنة القديم ومبني الامراض الصدرية ومبني الوحدة الثالثة للعناية المركزة. بينما أكد الدكتور يسري عماد رئيس قطاع المستشفيات الجامعية بالاسكندرية أن المستشفيات الجامعية تخدم ما يقرب من 60% من عدد سكان إقليم الاسكندرية الذي يضم أربع محافظات وهي الاسكندرية ومطروح والبحيرة وكفر الشيخ وبرغم هذا الاقبال الكبير إلا أننا نواجه تحديات كبيرة منها اعتماد المستشفي علي أموال المتبرعين في تقديم الخدمة الطبية لعدم استطاعة المستشفيات الجامعية علي توفير الاموال اللازمة لتشغيلها وتطويرها خاصة ان المستشفيات تقدم جميع الخدمات الطبية مجانا للمرضي والمصابين مما يسفر عن النقص الشديد في إمكانيات المستشفي لعدم توافر السيولة ولكنها تحاول علي تقديم الخدمات الطبية علي قدر الامكانيات المتاحة فمثلا جميع مستشفيات الجامعة لاتملك سوي سيارة إسعاف واحدة مما يضيق نطاق إسعاف الحالات والحوادث ويجعلنا نضطر إلي تكبد إجراءات روتينية طويلة من خلال التنسيق والاتصال بمديرية الصحة لإرسالة سيارات الاسعاف اللازمة لنقل حالة من أو إلي المستشفيات. كشف يسري أن المستشفيات الجامعية تعمل بأقل من ثلث أعضاء هيئة التمريض التي تحتاجها وذلك بعد عزوف التمريض عن العمل بمستشفيات القطاع العام بعد الاغراءات المادية التي تقدمها مستشفيات القطاع الخاص لأعضاء التمريض التي يصعب علي المستشفيات الجامعية توافرها لتقديم الخدمة الطبية الموجودة للمرضي في ظل قلة ميزانية المستشفيات لافتا إلي أزمة التمريض تعتبر من أهم المشكلات التي تؤرق العمل داخل المستشفيات الجامعية لغياب أحد العناصر الاساسية في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية. أكد الدكتور طارق خليفة مدير قسم الاصابات والطوارئ بالمستشفي الاميري الجامعي أن قسم الطوارئ بالمستشفي هو القسم الوحيد الذي يستقبل الحالات طوال ساعات اليوم وطوال أيام الاسبوع دون راحة وبصورة مستمرة وذلك لغياب معظم التخصصات الدقيقة في المستشفيات التي توجد بمحافظات أقليم الاسكندرية. لافتا إلي ان ذلك أسفر عن تكدس الحالات علي المستشفي وخاصة قسم الطوارئ والاصابات. أضاف ان القسم يستقبل يوميا ما يقرب من 350 حالة وينفذ أكثر من 280 عملية طوارئ علي مدار ساعات اليوم مضيفا أن أغلب أنواع الاصابات خلال الفترة الحالية أصبحت أكثر شراسة عن الماضي كالطلقات بالاعيرة النارية التي تحتاج إلي تدخل جراحي دقيق. وأكد خليفة أنه طالب الدكتور سيد عبدالخالق وزير التعليم العالي خلال زيارته السابقة بالمستشفي بضرورة زيادة الميزانية السنوية المخصصة للمستشفيات الجامعية. فضلا عن توفير منظومة أمنية رشيدة لديها القدرة علي احتواء المواقف مع المواطنين وليس الاشتباك معهم وفرض السيطرة الامنية من قبل رجال الشرطة بالمستشفي خاصة بعد انشاء نقطة خاصة للشرطة بالمستشفي.