من أهم أسباب الانتصار في المعارك وقضايا الحياة في كل المجالات وحدة الصف والكلمة والإخلاص في الفكر والقول والعمل وقد كان المسلمون الأوائل في مقدمة الصفوف التزاماً وتقديراً لأمانة المسئولية تحت قيادة سيد الخلق محمد بن عبدالله صلي الله عليه وسلم. فقد يشحذ همم أتباعه بالكلمة الطيبة والأسوة الحسنة في كل شئون الأمة. ولذلك كان هؤلاء الرجال في منتهي اليقظة لكل ما يدبره أهل الشرك من مؤامرات وحيل ماكرة وخادعة فكان النصر حليفهم. وقد تجلي ذلك بوضوح في أعقاب غزوة بدر حيث قتل في هذه المعركة الفاصلة كبار رجال أهل الشرك وقريش بمكة.. فقد اجتمع عمير بن وصب الجمحي مع صفوان بن أميه ودار بينهما حوار حول أسري بدر وقتلي المشركين. وقال صفوان والله ما في العيش خير بعد هؤلاء الرجال الذين سقطوا علي أيدي المسلمين في بدر. فقال عمير: صدقت ثم أردف قائلاً: والله لولا دين علي ليس عندي أي شيء للسداد كما أنني أخشي الضياع علي عيالي. ولولا هذين الأمرين لانطلقت إلي محمد لأقتله. خاصة أن في قلبي غصه من هؤلاء لأن ابني أسير لديهم. وعقب انتهاء عمير من كلامه مباشرة قال له صفوان: إنني أتعهد بسداد دينك وأولادك مع أولادي ولا تحملن هما. بعد هذا اللقاء تجهز عمير بكل المعدات التي تساعده في أداء مهمته في قتل محمد والانتصار علي رجاله وقبل أن ينطلق طلب من صفوان أن يظل هذا الأمر سراً بينهما في محاولة لخداع الرسول والمسلمين من حوله. لكن عندما وصل عمير إلي المدينةالمنورة لمحه عمر بن الخطاب ففطن إلي مؤامرة هذا الرجل القادم من مكة وقال: هذا الكلب عدو الله ما جاء إلا لشر. ثم أخبر الرسول بالأمر فقال صلي الله عليه وسلم ادخله علي فاستجاب عمرو أخذ عميراً مجماله سيفه في عنقه وقال لرجال كانوا معه ادخلوه علي الرسول واحذروا هذا الخبيث فإنه غير مأمون الجانب وتم الاستجابة لطلب عمر بن الخطاب. عندما أدخل عمير علي الرسول فلما قال لعمر: دعه ثم قال اقترب مني يا عمير.. ثم كان هذا الحوار. الرسول: ما جاء بك. جئت لهذا الأسير في أيديكم. خداعاً ومراوغة. لماذا السيف في عنقك؟ لعن الله السيوف فماذا أغنت عنا في يوم بدر. أصدقني القول يا عمير. أخذ يردد ما قاله من قبل مكراً وتحايلاً. لكن الرسول أخبره بكل ما دار بينه وبين صفوان بن أمية في تلك اللحظات بهت عمير حيث إن الرسول أخبره بأنه جاء لقتل محمد بن عبدالله فازادت دهشة الرجل وقال أشهد أنك رسول الله لقد كنا نكذبك بما كنت تأتينا من خبر السماء ووالله أن أمر رحلتي إلي المدينة لم يدر به أحد غيري أنا وصفوان.. ثم أعلن عمير إسلامه. وهنا بكل الود والرحمة قال الرسول لأصحابه: ترفقوا بأخيكم وعلموه أمور الدين وأطلقوا له أسيره. لقد تكشفت حقيقة هذا الخداع وذلك التآمر برعاية الله وفضله علي رسوله صلي الله عليه وسلم فقد قال ربنا في سورة الانفال "وأن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين" 62 الانفال. وأيضاً يقظة وذكاء الصحابة الذين من الله عليهم بالتوفيق.