أكد خبراء الاقتصاد والطاقة أن الزيادة المتوقعة في أسعار منتجات البترول والكهرباء ابتداءً من أول يوليو وفق المعدلات المقترحة بين 85 إلي 110% لها إيجابيات تصب في سد العجز الموجود بالميزانية العامة للدولة ولكنها في نفس الوقت سوف تمس محدودي الدخل حتي إن كانت الزيادة المتوقعة عبارة عن شرائح تراعي الفقراء. أضاف الخبراء أن الطاقة تبتلع فاتورة الدعم بما لا يقل عن 60% وهذا غير موجود في أي دولة أخري بالعالم والغريب أن هذا الدعم لم يكن يصل لمستحقيه حيث كانت تستفيد منه الشرائح الأعلي دخلاً سواء بالنسبة لبنزين 90. 92 وأيضاً في المصانع الكبري التي تستهلك كهرباء بنسب عالية. يقول د.صلاح الدين فهمي أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر إن قرارات رفع الدعم علي الطاقة المنتظر صدورها أول يوليو لها إيجابيات وأيضاً لها سلبيات.. فالإيجابيات تتمثل في سد العجز في الموازنة العامة للدولة التي تشهد عجزاً كبيراً يؤثر بشكل كبير علي قدرة الدولة في مواجهة الأعباء الملقاة علي عاتقها.. منوهاً إلي أن الاتفاقيات والجهات الدولية النقدية تشترط ألا يزيد الدعم عن 60%. أشار د.فهمي إلي أن المواطن هو الذي يتحمل عبء القرار لأنه يعني بالنسبة له انخفاضاً في مستوي المعيشة حيث ثبات الدخل النقدي مع زيادة في مصاريفه وبالتالي كل هذا يؤثر علي رفاهية المواطن. طالب د.فهمي الدولة برفع الأسعار بشكل متدرج حتي يستطيع المواطن توفيق أوضاعه منوهاً أن تحديد عدد معين من لترات البنزين للسيارة مدعوماً وما زاد يكون دون دعم سوف يجعل المواطن يسير بحساب وقد يدفعه هذا أيضاً إلي "ركن" سيارته واستخدام المواصلات العامة وهذا في حد ذاته لصالح تسيير المرور. أضاف أنه علي الدولة عند المطالبة بالترشيد أن تدعو المواطنين إلي العمل والإنتاج وعمل خطط قصيرة وطويلة الأجل لتتنمية السياحة والزراعة والصناعة لزيادة إيرادات الدولة بدلاً من الضغط علي المواطن الغلبان. المهندس أيمن هيبة عضو مجلس الشوري السابق وخبير الطاقة يري أن إيجابيات قرار زيادة أسعار الطاقة تتمثل في تقليل الفجوة الموجودة في الميزانية العامة للدولة التي تزيد فيها المصروفات علي الإيرادات بشكل كبير وبما أن الطاقة والمحروقات بصفة عامة تبتلع الدعم فكان يجب إعادة النظر في هذه الأسعار. أضاف أن أسعار الطاقة حتي بعد الزيادة المقترحة مازالت هي الأرخص بين دول العالم وأيضاً الدول المجاورة.. منوهاً إلي أن الغريب في الأمر أن حوالي 20% من المستفيدين من دعم البنزين من الطبقات الأكثر ثراءً. أشار هيبة إلي السلبيات التي قد تنعكس علي المواطن "الغلبان" خاصة أنه قد تزيد أسعار المواصلات وهذا بالتأكيد سوف يمس محدودي الدخل وبالتالي مطلوب مراقبة من الدولة ومتابعة علي مدار الساعة مع مراعاة هذه الشريحة من الشعب في زيادة المرتبات وتوجيه الدعم العيني لهم.. منوهاً إلي زيادات أخري متوقعة في المحروقات العام القادم حتي تقترب من الأسعار العالمية. أسامة عبدالخالق الخبير الاقتصادي بجامعة الدول العربية والأستاذ بجامعة عين شمس يقول: إن رفع أسعار الطاقة سواء بشكل مباشر من الحكومة أو بزيادة تكلفة الاستخدام علي الشركات الصناعية سوف ينتج عنه رفع أسعار منتجات هذه الشركات وبالتالي زيادة الأعباء علي المواطن وانخفاض ما يحصل عليه من دخل نقدي وانخفاض مستوي معيشته. يشير إلي أن هناك مردوداً إيجابياً يتمثل في ضخ المزيد من الأموال للخزانة العامة وخفض كمية المستهلك من الطاقة وبالتالي انخفاض عبء الدعم علي الموازنة العامة.. مؤكداً أنه بالرغم من صعوبة هذه القرارات إلا أنها ضرورية. أمجد غنيم رئيس قطاع التعدين بوزارة البترول سابقاً يقول إن عجز الموازنة يمثل كارثة يجب تداركها وهذا لن يتحقق إلا برفع أسعار الوقود ويجب علي فئات المجتمع التي تمتلك سيارة وتستهلك بنزيناً في الشهر بأكثر من 500 جنيه أن تساهم في حل المشكلة.. فمن المعروف أن المواطن لن يفكر في الإدخار أو الترشيد طالما أن المنتج متوافر بكثرة لكنه إذا شعر بزيادة في السعر أو بنقص في الكميات فسوف يتعامل بإيجابية أكثر.. موضحاً أن مصر تستورد منتجات بترولية بما يعادل 77 مليار جنيه سنوياً. يقول د.سعيد توفيق أستاذ الاستثمار والتمويل الاقتصادي بجامعة عين شمس إن مشكلة كل الحكومات المتعاقبة هي عدم تعريف محدودي الدخل أو الفئة التي يجب أن يطبق عليها الدعم بشكل صحيح.. فنحن دائماً نعمل دون تحديد لأهدافنا!! فقبل تطبيق القرار يجب حماية محدودي الدخل والطبقات الفقيرة حتي لا تكون هي كبش الفداء لسد عجز الموازنة. فارتفاع أسعار السولار سيؤثر في كافة النواحي ويرفع أسعار السلع والخدمات والنقل فهل تترك الحكومة المواطن البسيط يجابه كل هذا؟ يشير د.صلاح الدسوقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إلي أن رفع أسعار الطاقة سيكون مقدمة لموجة من ارتفاع الأسعار لكافة السلع التي تمس محدودي الدخل.. مؤكداً أن الأفضل كان البدء برفع الدعم عن الطاقة للمصانع والشركات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل مصانع الأسمنت والحديد والسيراميك التي تستهلك 70% من الدعم الموجه للطاقة في حين أنها تبيع بالأسعار العالمية ونسبة أرباحها تتراوح بين 200 - 300%.