«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدعم الضائع يعوق تحقيق العدالة الاجتماعية
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 02 - 05 - 2014

أزمة الدعم مشكلة مزمنة تتحدى التنمية. وقد احتارت الحكومات أمامها دون أن تستطيع اتخاذ قرارات جريئة لتنحاز للغلابة، بسبب سطوة الأغنياء والمنتفعين من الدعم .
وتأتي المنتجات البترولية كأحد الموارد التي تلتهم مليارات الجنيهات. والمنتجات البترولية يتم دعمها بنسب مختلفة من 22٪ إلى 93٪، فالسولار يستحوذ على الجانب الأكبر من الدعم بنحو 45٪، والمازوت 24٪، يليه البوتاجاز 14٪، ثم البنزين 13٪، ويحصل على الغاز الطبيعي، والمازوت 24٪ من الدعم والسولار يستحوذ على 50٪.
ربما تكون هذه الأرقام تقريبية لكنها من المؤكد تخفي وراءها فسادا وهدرا وتزيد في بعض الأحيان أضعافا مضاعفة، وهناك عدم توازن بالنسبة للاستهلاك وتكلفة الدعم، فالمنتجات التي تحظي بنسبة أكبر من الدعم ليست هي الأكثر استهلاكا. ودعم الوقود تفاقم مع الوقت لزيادة الأسعار العالمية، ففي عام 2007 كان دعم الوقود حوالي 60 مليار جنيه، ووصل حاليا الي 521 مليار جنيه. ودعم الطاقة له تأثير سلبي علي الاقتصاد فمصر تأتي في المرتبة الخامسة بعد دول ثروتها النفطية أعلي بكثير. وأكبر مشكلة تعاني منها مصر الآن هي تراجع الاستثمارات وتبرز ملامح تؤكد أن المستفيد من دعم المواد البترولية هم الأكثر ثراء بنسبة 33٪ من الدعم بينما الشريحة الأشد فقرا تستفيد بنسبة 3.8٪ فقط، بما لا يتفق مع العدالة الاجتماعية.
الأخبار تناقش سبل إصلاح هذا الخلل في منظومة دعم الطاقة
حيث أكد المهندس شريف إسماعيل وزير البترول «للأخبار» أنه لابد من تصحيح الوضع وضبط منظومة الدعم لوضعه في الإطار الإيجابي السليم ليعود مباشرة علي المواطن الغلبان بالنفع بعيدا عن المزايدات الرخيصة. وقال إن هناك آلية لضبط وضع المنتجات البترولية وتحويل جزء من المبالغ التي يتم توفيرها لشراء منتجات بترولية تضخ في السوق لتلبية الاحتياجات مع مراعاة تخصيص جزء من تلك الأموال لقطاع التعليم والصحة والخدمات لتقديم خدمات ملموسة تفيد المواطنين ويشعرون بها. وقال إسماعيل إن الاقتصاد المصري لم يعد يحتمل هدر الأموال في الدعم ولابد من الترشيد فلو وضعنا خطة للوصول إلي نمو بنسبة 6٪ فلابد من رفع معدلات إستهلاك الطاقة إلي 9٪ وهنا لابد من تساؤل .. هل لدينا القدرة علي زيادة هذه الطاقة في ظل منظومة الدعم الحالية . فلا يمكن تحقيق معدلات نمو حقيقية في ظل عجز الطاقة. وقال وزير البترول إن الكروت الذكية ستسهم في تحديد قاعدة بيانات سليمة لإستهلاك الوقود ونمطه لتحديد من يستحق الدعم الحقيقي للمواد البترولية. مضيفا أن الزيادة في سعر استهلاك الغاز للمنازل سيوجه مباشرة لتطوير منظومة توصيله لبيوت جديدة ورفع طاقة التوصيل لضمان وقف هدر البوتاجاز. مضيفا أنه لابد من الاستغناء عن المساعدات البترولية بالتدريج لأنه من غير المعقول الاستمرار في الاعتماد علي تلك المعونات ولن تستطيع هذه الدول الشقيقة الاستمرار في ذلك إلي مالا نهاية.
وقال إن سياسات الدعم الحالية لا تخدم المواطن كما تؤثر علي معدلات النمو مشيرا إلي أن الدولة تدعم السولار بمبلغ 180 مليون جنيه والبنزين ب 100 مليون جنيه يوميا. مضيفا أن الحكومة بدأت في اتخاذ إجراءات جدية للتعامل مع ملف الدعم حفاظا علي موارد الدولة من الهدر وضمانا لوصول الدعم للمواطن من خلال خطوات تدريجية تستغرق من 5 إلي 7 سنوات. واضاف أنه تم اتخاذ عدة خطوات لضبط عمليات التهريب مع مراعاة تغذية الأماكن الأكثر إستهلاكا وجار تحديد أنماط الاستهلاك ببقية مناطق الجمهورية مع اكتمال منظومة كروت البنزين والسولار. مؤكدا أن ترشيد دعم المنتجات البترولية سيسهم إيجابيا في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وسيكون له تأثير إيجابي علي قدرة قطاع البترول في توفير السيولة وسداد مستحقات الشركاء الأجانب وتشجيعهم علي ضخ المزيد من الاستثمارات في أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج. مضيفا أن مصر تحتاج إعادة تشكيل توليفة الطاقة و يجب أن تشهد مراجعة لإعادة استراتيجية استخدامات مصادر أخري مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية، واستخدام الفحم مع مراعاة البعد البيئي، لتخفيف الضغط علي الوقود البترولي والغاز الطبيعي وتوجيهه إلي استخدامات تحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري وتوفر العديد من فرص العمل.وقال شريف إسماعيل إن الحكومة تولي قضية دعم المنتجات البترولية أهمية كبري وتتعامل معها بمنتهي الجدية للوصول لنتائج إيجابية. مؤكدا أن الشعب هو صاحب القرار وصاحب الموارد البترولية ولابد من تحقيق الاستخدام الأمثل لها، وتحقيق المعادلة المتمثلة في استمرار توافر هذه المنتجات، وتحقيق معدلات نمو مناسبة للاقتصاد القومي في نفس الوقت. وقال إن الزيادة الكبيرة في قيمة دعم المنتجات البترولية أصبحت عبئًا ليس فقط علي قطاع البترول وإنما امتد تأثيره إلي قطاعات الدولة المختلفة مثل الصحة والتعليم والنقل مما يستدعي التعامل مع هذا الملف باهتمام كبير.مشيرا إلي أن الدعم يتأثر بعدة عناصر منها سعر الصرف والأسعار العالمية للمنتجات البترولية ومعدلات الاستهلاك وأسعار البيع في السوق المحلي وإنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعي محليًا، وهي كلها عناصر متشابكة استدعت عمل دراسات مكثفة ونماذج حسابية، للوصول إلي أفضل صيغة تعود بالنفع علي شعب مصر والاقتصاد القومي. وقال شريف إسماعيل إنه تم الانتهاء من استخراج 2.2 مليون كارت لتطبيق منظومة ترشيد الدعم الجديدة.مؤكدا أن هناك خطوات جادة في التعامل مع ملف الدعم وأن الرؤية الخاصة بإصلاح منظومة دعم المنتجات البترولية تعمل علي محاور أبرزها تنظيم وضبط عمليات التوزيع من خلال نظام الكروت الذكية للمنتجات البترولية.وتطوير وسائل النقل العام وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد الاستهلاك بما يهدف إلي توصيل الدعم لمستحقيه وتلافي التأثيرات السلبية لتفاقم قيمة الدعم الحالية علي معدلات النمو الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن .وأشارالوزير إلي أن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل يعد أحد الحلول حيث تم خلال الخمسة شهور الماضية التوصيل إلي 200 ألف وحدة سكنية و الاتفاق علي توفير التمويل اللازم للإسراع باستكمال الخطة التي تستهدف التوصيل إلي 800 ألف وحدة سكنية كما تم البدء في مراجعة شاملة لمنظومة تداول المنتجات البترولية بالسوق المحلي والتي تتضمن تسهيلات الموانئ ومستودعات التخزين وخطوط نقل المنتجات وشبكات التوزيع.
الاعتماد علي المعونات
قال خبير الطاقة المهندس محمد شعيب مصر أكبر من أن تستمر في العيش علي المعونات ولابد
أن يكون لدينا رؤية محددة بحوار مجتمعي يتفق فيه الجميع من أجل الصالح العام. وقال إن مصر بها 20 مليون أسرة 70 منهم يستحقون الدعم ولو اعتبرنا كل من يملك بطاقة تموين يستحق الدعم فهناك 14 مليونا يملكون بطاقات ولو أعطينا كل أسرة 500 جنيه في الشهر أي 6 آلاف جنيه للأسرة سنويا فإجمالي الدعم سيصبح 84 مليار جنيه. والأفضل توجيه الدعم للمستحقين وكل أسرة تحدد أولوياتها فدعم البوتاجاز يصل للمواطنين ولكن لا تستفيد الأسر الفقيرة من دعم البنزين ولا السولار أو المازوت. وعندما يتم توزيع الدعم النقدي ستحدد كل أسرة أولوياتها وفي المقابل تكون هناك خطة متكاملة آمنة لمواصلات محترمة تدفع المواطنين لترك سياراتهم واستخدام المواصلات العامة مما يوفر مليارات .وأوجه شكري للإخوة العرب الذين ساعدونا بالمواد البترولية. لكنني اتمني ان تدعمنا الدول الشقيقة الامارات والسعودية والكويت أن نطلب مليار دولار منهم سنويا لمدة 5 سنوات توجه بالكامل للاستثمار في النقل الجماعي لنضمن وسيلة محترمة للمواطنين تعوضهم عن استخدام سياراتهم الخاصة. والخطوة الأخري المهمة التركيز علي النقل النهري ليعود نهر النيل الوسيلة الآمنة لنقل البضائع والأفراد كما كان ونقضي علي زحام الشوارع. وقال شعيب إنه لابد من مصارحة الشعب لأن الخزانة لاتحتمل. بإختصار الدعم في مصر يذهب للقادرين وعادم سياراتهم يذهب للغلابة ليستنشقوه فيزدادوا مرضا وفقرا وعندما يذهبون للمستشفي لا يجدون سريرا ولابد أن نعترف بأن لدينا نقصا في الطاقة ويشارك الشعب في اتخاذ خطوات جادة لتصحيح وضعها. والحكومة يجب ألا تكون وحدها بل تكون هناك رؤية ومشاركة من خبراء الطاقة والبيئة والاقتصاد لإجراء حوار مجتمعي.
واوضح انه اجريت دراسات عن تكلفة نقل المنتجات وتبين أنه في حالة زيادة سعر لتر السولار ليصبح 4 جنيهات فان نصيب الكيلو جرام من السلع المنقولة بواسطة سيارة حمولتها 30 طنا من القاهرة الي الاسكندرية لا يتعدي قرشا واحدا فقط وهو ما يؤكد أن تحريك سعر السولار لن يؤثر في سعر السلع والمنتجات.
مبادرة للترشيد
قال د . رمضان ابوالعلا أستاذ هندسة البترول وخبير الطاقة إن ما تقوم به الحكومة بالتعامل مع ملف
الدعم ماهو إلا مسكنات وسيكون لها مردود سلبي طالما نتعامل بطريقة مرتعشة . وما حدث في موضوع الغاز لابد أن ينبهنا للحلول الخاطئة التي تنتهجها الحكومة ويجب أن ننتبه لعلاج صحيح للمنظومة بشكل كامل يحقق العدالة الاجتماعية ويراعي الغلابة ولا يمس أو يقترب من حقوقهم. فمن يستهلك كميات قليلة من الكهرباء يجب إعفاؤه من فاتورة الاستهلاك لنخلق شرائح موفرة للطاقة .ولابد من مراعاة حساب الفنادق والمنتجعات وساكني القصور والفيلات بطريقة تناسب استهلاكهم ودخلهم . ولابد من طرح رؤي لإستهلاك أصحاب السيارات للبنزين بما لايجور علي مصلحة واستهلاك ساكني العشوائيات. وكنت أتمني أن يتأني صانع القرار في زيادة أسعار الغاز للمنازل ويتم النظر لمنظومة الدعم كوحدة واحدة بما يتناسب مع حجم المشكلة وإيجاد حل يتيح مكافأة الشرائح الأقل استهلاكا للوقود والكهرباء . ويري د.رمضان أبو العلا ضرورة تقليل القيود علي القطاع الخاص وفتح باب الاستثمار في قطاع البترول، عن طريق إتاحة مناطق جديدة للتنقيب، وفتح المجال أمام المستثمرين، وتشجيعهم علي دخول السوق المصري. مع تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة وتوليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمخلفات لتكون بديلا عن رفع الدعم عن الطاقة.مقترحا خفضا تدريجيا للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10٪ من قيمة المنتج الحالي، وفي المقابل تتم زيادة الرواتب لموظفي الدولة بنفس النسبة، حيث إنه يمتص رد فعل المواطنين من خلال رفع الدعم تدريجيًا.
رفع الدعم عن المصانع
قال د. إبراهيم زهران خبير الطاقة إن قرار دعم المواد البترولية يجب أن ينظر للمصانع التي تستهلك الغاز والوقود المدعم وتبيع إنتاجها بالخارج فلا يعقل أن أرفع السعر علي الغلابة وأدعم المستهلك الأجنبي. وعندما بدأت الحكومة في زيادة سعر الغاز للمنازل لم توفر سوي 800 مليون جنيه من فاتورة الدعم الذي يبلغ حوالي 140 مليار للمواد البترولية . ولابد أن يتوافق سعر الغاز للمصانع التي تصدر للخارج مع السعر العالمي ومحاسبتهم علي أساس 14 دولارا للمليون وحدة حرارية بدلا من محاسبة مستهلكي المنازل بسعر 8 دولارات للشريحة الأعلي في حين نصدر الغاز للأردن بأقل من دولارين .فإذا عدلنا منظومة التسعير للمصانع فنستطيع علي الأقل توفير مالا يقل عن 50 مليار جنيه وليس 800 مليون فقط .فتصحيح السعر يبدأ من التصدير ومحاسبة حقيقية للمصانع التي تستهلك الغاز المدعم ببلاش تقريبا في التشغيل والمنتجات المصدرة للخارج. أما الشق الثاني فهو مصانع الأسمنت والذي يبيع بأسعار مبالغ فيها فإذا التزم ببيع الطن ب 350 جنيها من حقي أدعمه لصالح المواطن لكننا تركنا لهم الحبل علي الغارب. وأطالب رئيس الوزراء بدراسة خريطة استهلاك الغاز والسولار والبنزين لأن الحكومة قادمة علي رفع سعر البنزين والسولار لا محالة وتعمل الحكومة علي تسعير الوقود للمصانع بما يضمن دعم المواطن وليس دعم المستثمر والمستهلك الأجنبي. وأنبه علي عدم الوقوع في غلطة البنزين 95 الذي رفعنا سعره فاتجه الناس لبنزين 92 وأنبه علي دراسة حزمة الدعم كاملة وليست بطريقة منفصلة. وقال د. إبراهيم زهران إن قرار الحكومة برفع أسعار الغاز الطبيعي في المنازل لا يمثل سوي 3 ٪ من قيمة إنتاجها من الغاز. وقال إن الدعم في مصر (وهم) . ويجب علي الحكومة النظر بعناية للغلابة والنظر للمصانع التي تحصل علي الغاز المدعم والتي تستهلك قوت الغلابة .
إهدار الموارد
أضاف المهندس مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق أن المشكلة الأساسية وراء نقص الطاقة في مصر تكمن في الدعم الحالي لها، حيث إن الدعم يؤدي إلي خفض مستوي سعر السلعة، وبالتالي تزداد كمية الطلب عليها. كما أن زيادة الدعم تتسبب في إهدار الموارد الاقتصادية فدعم المواد البترولية يؤدي لتهريب السولار والبنزين من السوق المصري إلي أقطار خارجية ويجب تقليص الدعم والاتجاه إلي نظام السوق الحر، فهو الحل لمشكلات الطاقة مع مراعاة رفع الدعم تدريجيًا.
سوء استخدام
قال د. جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية إن منظومة الدعم مختلفة وبها سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة وأكد أن يكون هناك دعم علي بعض السلع وأن تكون هناك عدالة اجتماعية، ومناطق تستطيع أن تشتري المواد البترولية بأي سعر وهناك مناطق تحت خط الفقر لا تستطيع حتي أن تشتري رغيف خبز.وقال أن الطاقة ومنتجاتها غير متجددة وهذه المنظومة تختلف عن حسابات البشر وتحسب حسب ما في باطن الأرض وهناك مشكلة لأن معظم الخزانات الموجودة في الأراضي المصرية خاصة الموجودة في خليج السويس والبحر المتوسط والدلتا مختلطة بالمياه والتكلفة الفعلية لعملية فصل المياه عن المشتقات الأخري تحتاج تكلفة عالية جداً. وقال إن الدعم النقدي لايصلح في ظل الظروف الطاحنة وأن أفضل طريقة هو الدعم الجغرافي وقد قدمت دراسة وافية برفع الدعم عن المحافظات بالتدريج وتقسيمها وفق معدلات التنمية وتبدأ بمحافظات القاهرة الكبري والإسكندرية والشرقية والدقهلية بخفض الدعم 15٪ ثم القناة بنسبة 8٪ ويراعي المحافظات قليلة التنمية والتي يرتفع بها معدلات البطالة.
أفكار جديدة
ومن جهته أكد د. محمد سعد الدين خبير الطاقة ورئيس جمعية مستثمري الغاز أن رفع الدعم عن المواد البترولية شيء ضروري لأن الدعم أساس كل البلاوي التي نشهدها في أزمات الطاقة فالدعم إهدار لأموال البلد وما يحدث أننا سنأخذ من القادرين لنعطي الغلابة ونغطي احتياجاتهم والدعم النقدي أفضل الحلول.
وأؤكد علي أمر مهم وهو أننا لا نطالب بإلغاء الدعم بل تقنينه ورفع قيمته للغلابة فالذي يستحق نعطيه وتطوير الآلية التي تضمن وصوله للمستحقين الفعليين. بمعني أوضح إلغاء الدعم عن السلع وزيادته للأفراد المستحقين. والنظر للمصانع التي تستخدم المواطن وتوفر له سلعا لاستهلاكه ونحاول إيجاد طريقة لدعم تلك المصانع أما المصانع التي تصدر إنتاجها للخارج فبأي حق ندعمها ؟ وقال إن هناك عدة طرق لضبط منظومة الدعم أولا تحديد المصانع التي تستحق الدعم وضبط منظومة السيارات التريبتك وسيارات نقل البضائع وتقنين وضع الطاقة للمصانع التي تصدر للخارج وتحديد سعر عادل لها سيوفر مالايقل عن 40٪ كمرحلة أولي. وفي المرحلة الثانية نبدأ بتحليل بيانات بطاقات الرقم القومي ونقسم المستحقين لشرائح منهم من يستحق دعما كاملا ومنهم من يستحق نصف دعم ومنهم من لايستحق.
مشيرا إلي أن إستمارة الدعم هي أفضل الطرق. وبطريقة بسيطة لن نسأل المواطن عن دخله . لأنه بصراحة لا أحد يخبر أحدا بدخله الحقيقي أبدا.. بل أسأله عن مصروفاته. كم ينفق شهريا علي الكهرباء ولوازم معيشته؟ من نفقات مدارس وتليفون وبناء عليه أحدد هل يستحق الدعم أم لا ؟. ويتم تعهد المواطن بأنه لو أدلي ببيانات غير صحيحة يتم حرمانه من الدعم وتحصيل غرامات من المخالفين. فكل مواطن يضع بياناته الحقيقية وتحدد الحكومة بطريقة ما من يستحق الدعم . فيمكن أن تضع معيارا أن من يتجاوز إنفاقه عشرة آلاف جنيه مثلا يخرج خارج منظومة الدعم ومن ينفق 4 آلاف يستحق الدعم كاملا. ويتم تقسيم المواطنين لشرائح . وهذة العملية متحركة وتسمح بدخول وخروج المواطن من المنظومة حسب حالته. فيمكن أن يكون هناك مواطن ظروفه جيدة وبعد فترة يتعثر فيجب دخوله منظومة الدعم فورا. ببساطة الحلول موجودة ولكن لايوجد من يطبقها بيسر وسهولة. فلو تم تنفيذها بشفافية ووفق قواعد سنحل مشاكلنا بهدوء ويتم توفير احتياجات المصانع وتوفير الوقود للغلابة دون معاناة وبلا أي هدر مما يوفر ثروات أجيال قادمة. وقد تقدمت بمذكرة وافية لرئيس إتحاد الصناعات وطالبته بضرورة خفض كميات الغاز والمازوت المسلمة للمصانع واللازمة لإنتاج الكميات المعتمده في السجل الصناعي المعتمد بالنسب الآتية من شهر يولية 10٪ وبعد سنة 10٪ وبعد سنة 5 ٪ وبعد سنة 5٪ أخري علي أن تتولي الشركات توفير الكمية المقابلة للخفض للحد المشار إليه عن طريق تطبيق نظم ترشيد الطاقة وكفاءة الطاقة في العمليات الصناعية أو التحول التدريجي في استخدام الطاقة المتجددة المناسبة لتقنينها او تقوم الشركة بسداد قيمة الاستهلاك من الغاز أو المازوت طبقا لتسعيرة الكميات الزائدة عن الطاقة الانتاجية الفعلية للاستهلاك كما هو وارد في السجل الصناعي للشركة. وكذلك إلغاء الدعم عن جميع مصادر الطاقة العادية من مواد بترولية وكهرباء وغاز طبيعي وإعطاء الدعم النقدي للأفراد والهيئات والمصانع. حسب الإنتاج والعمل علي تهيئة البنية التحتية لإستخدام الطاقة المتجددة وقال د. محمد سعد الدين إنه يجب إلغاء الدعم المقدم لكل المصانع سواء علي الغاز الطبيعي أو السولار أو حتي الكهرباء. لأنه سيخفض عجز الموازنة العامة بشكل كبير بالإضافة إلي إنه سيساهم في إعادة تشكيل منظومة الدعم من جديد. وقال إن الدعم النقدي بديل مناسب للتخلص من إشكالية الدعم الحالية، والتي لا تضمن وصول هذا الدعم لمستحقيه.وسيكون له أكثر من فائدة، منها إغلاق الباب أمام السوق السوداء، والقضاء علي ظاهرة التهريب، والحد من ظاهرة تخزين المواطنين للوقود بكميات أكثر من الاستهلاك قبيل الأزمات.
الفقراء والأشد فقرا
وقال د. تامر أبو بكر رئيس غرفة البترول بإتحاد الصناعات إنه يجب اتخاذ خطوات إيجابية لعلاج قصور منظومة الدعم والبحث عن حلول عاجلة لمشاكل الطاقة في مصر. وقال إن هناك عدة محاور يجب التركيز عليها أهمها عمل خطة قومية للتحول إلي استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من المنتجات البترولية السائلة لسهولة تداوله ولرخصه ومميزاته البيئية وذلك في مجال النقل والصناعة والكهرباء .والسماح بالاستيراد الفوري للغاز السائل المنقول بالناقلات واستقباله بتسهيلات بحرية عائمة وذلك لتخزينه وإعادة تغييزه وذلك لمدة ثلاث أعوام علي الاقل.وقال تامر أبو بكر إنه يجب رفع أسعار المنتجات البترولية وأسعار الكهرباء تدريجياً مع دعم محدودي الدخل والفقراء من خلال توزيع 40٪ من الوفر الناتج من رفع الأسعار في كل مرحلة علي حاملي بطاقات التموين الذكية مع تحديث وتجديد بيانات قاعدة المعلومات الخاصة ببطاقات التموين الذكية باستمرار لضمان وصول الدعم النقدي لمستحقية مع توفير نوعين من البطاقات بطاقات لشديدي الفقر وبطاقات لمحدودي الدخل. بالإضافة إلي توزيع 20٪ من الوفر المحقق بالقطاع الصناعي نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة كدعم للصادرات وفقا للمعايير التي يتم الأتفاق عليها مابين وزارة الصناعة واتحاد الصناعات المصرية. واقترح توزيع 40٪ من وفر دعم المنتجات البترولية الذي سيتحقق في كل مرحلة نتيجة لرفع الأسعار علي بطاقات التموين الذكية بحيث يصل نصيب كل بطاقة ذكية في آخر مرحلة لزيادة أسعار المنتجات البترولية إلي 400 جنيه شهرياً .لضمان وصول الدعم النقدي إلي مستحقيه ومحدودي الدخل فقط .مع ضرورة اتخاذ إجراءات تطوير نظام بطاقات التموين الذكية الحالي إلي نوعين من البطاقات بطاقة تموين لمحدودي الدخل وبطاقة تموين لشديدي الفقر بحيث يكون النصيب النقدي لبطاقة شديدي الفقر شهريا ضعف النصيب النقدي لبطاقة محدودي الدخل علي أن توضع المعايير والضوابط للتعريف بمن هم شديدي الفقر ومن هم محدودي الدخل .
الدعم الضائع يعوق تحقيق العدالة الاجتماعية
أزمة الدعم مشكلة مزمنة تتحدى التنمية. وقد احتارت الحكومات أمامها دون أن تستطيع اتخاذ قرارات جريئة لتنحاز للغلابة، بسبب سطوة الأغنياء والمنتفعين من الدعم .
وتأتي المنتجات البترولية كأحد الموارد التي تلتهم مليارات الجنيهات. والمنتجات البترولية يتم دعمها بنسب مختلفة من 22٪ إلى 93٪، فالسولار يستحوذ على الجانب الأكبر من الدعم بنحو 45٪، والمازوت 24٪، يليه البوتاجاز 14٪، ثم البنزين 13٪، ويحصل على الغاز الطبيعي، والمازوت 24٪ من الدعم والسولار يستحوذ على 50٪.
ربما تكون هذه الأرقام تقريبية لكنها من المؤكد تخفي وراءها فسادا وهدرا وتزيد في بعض الأحيان أضعافا مضاعفة، وهناك عدم توازن بالنسبة للاستهلاك وتكلفة الدعم، فالمنتجات التي تحظي بنسبة أكبر من الدعم ليست هي الأكثر استهلاكا. ودعم الوقود تفاقم مع الوقت لزيادة الأسعار العالمية، ففي عام 2007 كان دعم الوقود حوالي 60 مليار جنيه، ووصل حاليا الي 521 مليار جنيه. ودعم الطاقة له تأثير سلبي علي الاقتصاد فمصر تأتي في المرتبة الخامسة بعد دول ثروتها النفطية أعلي بكثير. وأكبر مشكلة تعاني منها مصر الآن هي تراجع الاستثمارات وتبرز ملامح تؤكد أن المستفيد من دعم المواد البترولية هم الأكثر ثراء بنسبة 33٪ من الدعم بينما الشريحة الأشد فقرا تستفيد بنسبة 3.8٪ فقط، بما لا يتفق مع العدالة الاجتماعية.
الأخبار تناقش سبل إصلاح هذا الخلل في منظومة دعم الطاقة
حيث أكد المهندس شريف إسماعيل وزير البترول «للأخبار» أنه لابد من تصحيح الوضع وضبط منظومة الدعم لوضعه في الإطار الإيجابي السليم ليعود مباشرة علي المواطن الغلبان بالنفع بعيدا عن المزايدات الرخيصة. وقال إن هناك آلية لضبط وضع المنتجات البترولية وتحويل جزء من المبالغ التي يتم توفيرها لشراء منتجات بترولية تضخ في السوق لتلبية الاحتياجات مع مراعاة تخصيص جزء من تلك الأموال لقطاع التعليم والصحة والخدمات لتقديم خدمات ملموسة تفيد المواطنين ويشعرون بها. وقال إسماعيل إن الاقتصاد المصري لم يعد يحتمل هدر الأموال في الدعم ولابد من الترشيد فلو وضعنا خطة للوصول إلي نمو بنسبة 6٪ فلابد من رفع معدلات إستهلاك الطاقة إلي 9٪ وهنا لابد من تساؤل .. هل لدينا القدرة علي زيادة هذه الطاقة في ظل منظومة الدعم الحالية . فلا يمكن تحقيق معدلات نمو حقيقية في ظل عجز الطاقة. وقال وزير البترول إن الكروت الذكية ستسهم في تحديد قاعدة بيانات سليمة لإستهلاك الوقود ونمطه لتحديد من يستحق الدعم الحقيقي للمواد البترولية. مضيفا أن الزيادة في سعر استهلاك الغاز للمنازل سيوجه مباشرة لتطوير منظومة توصيله لبيوت جديدة ورفع طاقة التوصيل لضمان وقف هدر البوتاجاز. مضيفا أنه لابد من الاستغناء عن المساعدات البترولية بالتدريج لأنه من غير المعقول الاستمرار في الاعتماد علي تلك المعونات ولن تستطيع هذه الدول الشقيقة الاستمرار في ذلك إلي مالا نهاية.
وقال إن سياسات الدعم الحالية لا تخدم المواطن كما تؤثر علي معدلات النمو مشيرا إلي أن الدولة تدعم السولار بمبلغ 180 مليون جنيه والبنزين ب 100 مليون جنيه يوميا. مضيفا أن الحكومة بدأت في اتخاذ إجراءات جدية للتعامل مع ملف الدعم حفاظا علي موارد الدولة من الهدر وضمانا لوصول الدعم للمواطن من خلال خطوات تدريجية تستغرق من 5 إلي 7 سنوات. واضاف أنه تم اتخاذ عدة خطوات لضبط عمليات التهريب مع مراعاة تغذية الأماكن الأكثر إستهلاكا وجار تحديد أنماط الاستهلاك ببقية مناطق الجمهورية مع اكتمال منظومة كروت البنزين والسولار. مؤكدا أن ترشيد دعم المنتجات البترولية سيسهم إيجابيا في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وسيكون له تأثير إيجابي علي قدرة قطاع البترول في توفير السيولة وسداد مستحقات الشركاء الأجانب وتشجيعهم علي ضخ المزيد من الاستثمارات في أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج. مضيفا أن مصر تحتاج إعادة تشكيل توليفة الطاقة و يجب أن تشهد مراجعة لإعادة استراتيجية استخدامات مصادر أخري مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية، واستخدام الفحم مع مراعاة البعد البيئي، لتخفيف الضغط علي الوقود البترولي والغاز الطبيعي وتوجيهه إلي استخدامات تحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري وتوفر العديد من فرص العمل.وقال شريف إسماعيل إن الحكومة تولي قضية دعم المنتجات البترولية أهمية كبري وتتعامل معها بمنتهي الجدية للوصول لنتائج إيجابية. مؤكدا أن الشعب هو صاحب القرار وصاحب الموارد البترولية ولابد من تحقيق الاستخدام الأمثل لها، وتحقيق المعادلة المتمثلة في استمرار توافر هذه المنتجات، وتحقيق معدلات نمو مناسبة للاقتصاد القومي في نفس الوقت. وقال إن الزيادة الكبيرة في قيمة دعم المنتجات البترولية أصبحت عبئًا ليس فقط علي قطاع البترول وإنما امتد تأثيره إلي قطاعات الدولة المختلفة مثل الصحة والتعليم والنقل مما يستدعي التعامل مع هذا الملف باهتمام كبير.مشيرا إلي أن الدعم يتأثر بعدة عناصر منها سعر الصرف والأسعار العالمية للمنتجات البترولية ومعدلات الاستهلاك وأسعار البيع في السوق المحلي وإنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعي محليًا، وهي كلها عناصر متشابكة استدعت عمل دراسات مكثفة ونماذج حسابية، للوصول إلي أفضل صيغة تعود بالنفع علي شعب مصر والاقتصاد القومي. وقال شريف إسماعيل إنه تم الانتهاء من استخراج 2.2 مليون كارت لتطبيق منظومة ترشيد الدعم الجديدة.مؤكدا أن هناك خطوات جادة في التعامل مع ملف الدعم وأن الرؤية الخاصة بإصلاح منظومة دعم المنتجات البترولية تعمل علي محاور أبرزها تنظيم وضبط عمليات التوزيع من خلال نظام الكروت الذكية للمنتجات البترولية.وتطوير وسائل النقل العام وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد الاستهلاك بما يهدف إلي توصيل الدعم لمستحقيه وتلافي التأثيرات السلبية لتفاقم قيمة الدعم الحالية علي معدلات النمو الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن .وأشارالوزير إلي أن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل يعد أحد الحلول حيث تم خلال الخمسة شهور الماضية التوصيل إلي 200 ألف وحدة سكنية و الاتفاق علي توفير التمويل اللازم للإسراع باستكمال الخطة التي تستهدف التوصيل إلي 800 ألف وحدة سكنية كما تم البدء في مراجعة شاملة لمنظومة تداول المنتجات البترولية بالسوق المحلي والتي تتضمن تسهيلات الموانئ ومستودعات التخزين وخطوط نقل المنتجات وشبكات التوزيع.
الاعتماد علي المعونات
وقال خبير الطاقة المهندس محمد شعيب مصر أكبر من أن تستمر في العيش علي المعونات ولابد أن يكون لدينا رؤية محددة بحوار مجتمعي يتفق فيه الجميع من أجل الصالح العام. وقال إن مصر بها 20 مليون أسرة 70 منهم يستحقون الدعم ولو اعتبرنا كل من يملك بطاقة تموين يستحق الدعم فهناك 14 مليونا يملكون بطاقات ولو أعطينا كل أسرة 500 جنيه في الشهر أي 6 آلاف جنيه للأسرة سنويا فإجمالي الدعم سيصبح 84 مليار جنيه. والأفضل توجيه الدعم للمستحقين وكل أسرة تحدد أولوياتها فدعم البوتاجاز يصل للمواطنين ولكن لا تستفيد الأسر الفقيرة من دعم البنزين ولا السولار أو المازوت. وعندما يتم توزيع الدعم النقدي ستحدد كل أسرة أولوياتها وفي المقابل تكون هناك خطة متكاملة آمنة لمواصلات محترمة تدفع المواطنين لترك سياراتهم واستخدام المواصلات العامة مما يوفر مليارات .وأوجه شكري للإخوة العرب الذين ساعدونا بالمواد البترولية. لكنني اتمني ان تدعمنا الدول الشقيقة الامارات والسعودية والكويت أن نطلب مليار دولار منهم سنويا لمدة 5 سنوات توجه بالكامل للاستثمار في النقل الجماعي لنضمن وسيلة محترمة للمواطنين تعوضهم عن استخدام سياراتهم الخاصة. والخطوة الأخري المهمة التركيز علي النقل النهري ليعود نهر النيل الوسيلة الآمنة لنقل البضائع والأفراد كما كان ونقضي علي زحام الشوارع. وقال شعيب إنه لابد من مصارحة الشعب لأن الخزانة لاتحتمل. بإختصار الدعم في مصر يذهب للقادرين وعادم سياراتهم يذهب للغلابة ليستنشقوه فيزدادوا مرضا وفقرا وعندما يذهبون للمستشفي لا يجدون سريرا ولابد أن نعترف بأن لدينا نقصا في الطاقة ويشارك الشعب في اتخاذ خطوات جادة لتصحيح وضعها. والحكومة يجب ألا تكون وحدها بل تكون هناك رؤية ومشاركة من خبراء الطاقة والبيئة والاقتصاد لإجراء حوار مجتمعي.
واوضح انه اجريت دراسات عن تكلفة نقل المنتجات وتبين أنه في حالة زيادة سعر لتر السولار ليصبح 4 جنيهات فان نصيب الكيلو جرام من السلع المنقولة بواسطة سيارة حمولتها 30 طنا من القاهرة الي الاسكندرية لا يتعدي قرشا واحدا فقط وهو ما يؤكد أن تحريك سعر السولار لن يؤثر في سعر السلع والمنتجات.
مبادرة للترشيد
وقال د . رمضان ابوالعلا أستاذ هندسة البترول وخبير الطاقة إن ما تقوم به الحكومة بالتعامل مع ملف الدعم ماهو إلا مسكنات وسيكون لها مردود سلبي طالما نتعامل بطريقة مرتعشة . وما حدث في موضوع الغاز لابد أن ينبهنا للحلول الخاطئة التي تنتهجها الحكومة ويجب أن ننتبه لعلاج صحيح للمنظومة بشكل كامل يحقق العدالة الاجتماعية ويراعي الغلابة ولا يمس أو يقترب من حقوقهم. فمن يستهلك كميات قليلة من الكهرباء يجب إعفاؤه من فاتورة الاستهلاك لنخلق شرائح موفرة للطاقة .ولابد من مراعاة حساب الفنادق والمنتجعات وساكني القصور والفيلات بطريقة تناسب استهلاكهم ودخلهم . ولابد من طرح رؤي لإستهلاك أصحاب السيارات للبنزين بما لايجور علي مصلحة واستهلاك ساكني العشوائيات. وكنت أتمني أن يتأني صانع القرار في زيادة أسعار الغاز للمنازل ويتم النظر لمنظومة الدعم كوحدة واحدة بما يتناسب مع حجم المشكلة وإيجاد حل يتيح مكافأة الشرائح الأقل استهلاكا للوقود والكهرباء . ويري د.رمضان أبو العلا ضرورة تقليل القيود علي القطاع الخاص وفتح باب الاستثمار في قطاع البترول، عن طريق إتاحة مناطق جديدة للتنقيب، وفتح المجال أمام المستثمرين، وتشجيعهم علي دخول السوق المصري. مع تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة وتوليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمخلفات لتكون بديلا عن رفع الدعم عن الطاقة.مقترحا خفضا تدريجيا للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10٪ من قيمة المنتج الحالي، وفي المقابل تتم زيادة الرواتب لموظفي الدولة بنفس النسبة، حيث إنه يمتص رد فعل المواطنين من خلال رفع الدعم تدريجيًا.
رفع الدعم عن المصانع
وقال د. إبراهيم زهران خبير الطاقة إن قرار دعم المواد البترولية يجب أن ينظر للمصانع التي تستهلك الغاز والوقود المدعم وتبيع إنتاجها بالخارج فلا يعقل أن أرفع السعر علي الغلابة وأدعم المستهلك الأجنبي. وعندما بدأت الحكومة في زيادة سعر الغاز للمنازل لم توفر سوي 800 مليون جنيه من فاتورة الدعم الذي يبلغ حوالي 140 مليار للمواد البترولية . ولابد أن يتوافق سعر الغاز للمصانع التي تصدر للخارج مع السعر العالمي ومحاسبتهم علي أساس 14 دولارا للمليون وحدة حرارية بدلا من محاسبة مستهلكي المنازل بسعر 8 دولارات للشريحة الأعلي في حين نصدر الغاز للأردن بأقل من دولارين .فإذا عدلنا منظومة التسعير للمصانع فنستطيع علي الأقل توفير مالا يقل عن 50 مليار جنيه وليس 800 مليون فقط .فتصحيح السعر يبدأ من التصدير ومحاسبة حقيقية للمصانع التي تستهلك الغاز المدعم ببلاش تقريبا في التشغيل والمنتجات المصدرة للخارج. أما الشق الثاني فهو مصانع الأسمنت والذي يبيع بأسعار مبالغ فيها فإذا التزم ببيع الطن ب 350 جنيها من حقي أدعمه لصالح المواطن لكننا تركنا لهم الحبل علي الغارب. وأطالب رئيس الوزراء بدراسة خريطة استهلاك الغاز والسولار والبنزين لأن الحكومة قادمة علي رفع سعر البنزين والسولار لا محالة وتعمل الحكومة علي تسعير الوقود للمصانع بما يضمن دعم المواطن وليس دعم المستثمر والمستهلك الأجنبي. وأنبه علي عدم الوقوع في غلطة البنزين 95 الذي رفعنا سعره فاتجه الناس لبنزين 92 وأنبه علي دراسة حزمة الدعم كاملة وليست بطريقة منفصلة. وقال د. إبراهيم زهران إن قرار الحكومة برفع أسعار الغاز الطبيعي في المنازل لا يمثل سوي 3 ٪ من قيمة إنتاجها من الغاز. وقال إن الدعم في مصر (وهم) . ويجب علي الحكومة النظر بعناية للغلابة والنظر للمصانع التي تحصل علي الغاز المدعم والتي تستهلك قوت الغلابة .
إهدار الموارد
وأضاف المهندس مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق أن المشكلة الأساسية وراء نقص الطاقة في مصر تكمن في الدعم الحالي لها، حيث إن الدعم يؤدي إلي خفض مستوي سعر السلعة، وبالتالي تزداد كمية الطلب عليها. كما أن زيادة الدعم تتسبب في إهدار الموارد الاقتصادية فدعم المواد البترولية يؤدي لتهريب السولار والبنزين من السوق المصري إلي أقطار خارجية ويجب تقليص الدعم والاتجاه إلي نظام السوق الحر، فهو الحل لمشكلات الطاقة مع مراعاة رفع الدعم تدريجيًا.
سوء استخدام
وقال د. جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية إن منظومة الدعم مختلفة وبها سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة وأكد أن يكون هناك دعم علي بعض السلع وأن تكون هناك عدالة اجتماعية، ومناطق تستطيع أن تشتري المواد البترولية بأي سعر وهناك مناطق تحت خط الفقر لا تستطيع حتي أن تشتري رغيف خبز.وقال أن الطاقة ومنتجاتها غير متجددة وهذه المنظومة تختلف عن حسابات البشر وتحسب حسب ما في باطن الأرض وهناك مشكلة لأن معظم الخزانات الموجودة في الأراضي المصرية خاصة الموجودة في خليج السويس والبحر المتوسط والدلتا مختلطة بالمياه والتكلفة الفعلية لعملية فصل المياه عن المشتقات الأخري تحتاج تكلفة عالية جداً. وقال إن الدعم النقدي لايصلح في ظل الظروف الطاحنة وأن أفضل طريقة هو الدعم الجغرافي وقد قدمت دراسة وافية برفع الدعم عن المحافظات بالتدريج وتقسيمها وفق معدلات التنمية وتبدأ بمحافظات القاهرة الكبري والإسكندرية والشرقية والدقهلية بخفض الدعم 15٪ ثم القناة بنسبة 8٪ ويراعي المحافظات قليلة التنمية والتي يرتفع بها معدلات البطالة.
أفكار جديدة
ومن جهته أكد د. محمد سعد الدين خبير الطاقة ورئيس جمعية مستثمري الغاز أن رفع الدعم عن المواد البترولية شيء ضروري لأن الدعم أساس كل البلاوي التي نشهدها في أزمات الطاقة فالدعم إهدار لأموال البلد وما يحدث أننا سنأخذ من القادرين لنعطي الغلابة ونغطي احتياجاتهم والدعم
النقدي أفضل الحلول.
وأؤكد علي أمر مهم وهو أننا لا نطالب بإلغاء الدعم بل تقنينه ورفع قيمته للغلابة فالذي يستحق نعطيه وتطوير الآلية التي تضمن وصوله للمستحقين الفعليين. بمعني أوضح إلغاء الدعم عن السلع وزيادته للأفراد المستحقين. والنظر للمصانع التي تستخدم المواطن وتوفر له سلعا لاستهلاكه ونحاول إيجاد طريقة لدعم تلك المصانع أما المصانع التي تصدر إنتاجها للخارج فبأي حق ندعمها ؟ وقال إن هناك عدة طرق لضبط منظومة الدعم أولا تحديد المصانع التي تستحق الدعم وضبط منظومة السيارات التريبتك وسيارات نقل البضائع وتقنين وضع الطاقة للمصانع التي تصدر للخارج وتحديد سعر عادل لها سيوفر مالايقل عن 40٪ كمرحلة أولي. وفي المرحلة الثانية نبدأ بتحليل بيانات بطاقات الرقم القومي ونقسم المستحقين لشرائح منهم من يستحق دعما كاملا ومنهم من يستحق نصف دعم ومنهم من لايستحق.
مشيرا إلي أن إستمارة الدعم هي أفضل الطرق. وبطريقة بسيطة لن نسأل المواطن عن دخله . لأنه بصراحة لا أحد يخبر أحدا بدخله الحقيقي أبدا.. بل أسأله عن مصروفاته. كم ينفق شهريا علي الكهرباء ولوازم معيشته؟ من نفقات مدارس وتليفون وبناء عليه أحدد هل يستحق الدعم أم لا ؟. ويتم تعهد المواطن بأنه لو أدلي ببيانات غير صحيحة يتم حرمانه من الدعم وتحصيل غرامات من المخالفين. فكل مواطن يضع بياناته الحقيقية وتحدد الحكومة بطريقة ما من يستحق الدعم . فيمكن أن تضع معيارا أن من يتجاوز إنفاقه عشرة آلاف جنيه مثلا يخرج خارج منظومة الدعم ومن ينفق 4 آلاف يستحق الدعم كاملا. ويتم تقسيم المواطنين لشرائح . وهذة العملية متحركة وتسمح بدخول وخروج المواطن من المنظومة حسب حالته. فيمكن أن يكون هناك مواطن ظروفه جيدة وبعد فترة يتعثر فيجب دخوله منظومة الدعم فورا. ببساطة الحلول موجودة ولكن لايوجد من يطبقها بيسر وسهولة. فلو تم تنفيذها بشفافية ووفق قواعد سنحل مشاكلنا بهدوء ويتم توفير احتياجات المصانع وتوفير الوقود للغلابة دون معاناة وبلا أي هدر مما يوفر ثروات أجيال قادمة. وقد تقدمت بمذكرة وافية لرئيس إتحاد الصناعات وطالبته بضرورة خفض كميات الغاز والمازوت المسلمة للمصانع واللازمة لإنتاج الكميات المعتمده في السجل الصناعي المعتمد بالنسب الآتية من شهر يولية 10٪ وبعد سنة 10٪ وبعد سنة 5 ٪ وبعد سنة 5٪ أخري علي أن تتولي الشركات توفير الكمية المقابلة للخفض للحد المشار إليه عن طريق تطبيق نظم ترشيد الطاقة وكفاءة الطاقة في العمليات الصناعية أو التحول التدريجي في استخدام الطاقة المتجددة المناسبة لتقنينها او تقوم الشركة بسداد قيمة الاستهلاك من الغاز أو المازوت طبقا لتسعيرة الكميات الزائدة عن الطاقة الانتاجية الفعلية للاستهلاك كما هو وارد في السجل الصناعي للشركة. وكذلك إلغاء الدعم عن جميع مصادر الطاقة العادية من مواد بترولية وكهرباء وغاز طبيعي وإعطاء الدعم النقدي للأفراد والهيئات والمصانع. حسب الإنتاج والعمل علي تهيئة البنية التحتية لإستخدام الطاقة المتجددة وقال د. محمد سعد الدين إنه يجب إلغاء الدعم المقدم لكل المصانع سواء علي الغاز الطبيعي أو السولار أو حتي الكهرباء. لأنه سيخفض عجز الموازنة العامة بشكل كبير بالإضافة إلي إنه سيساهم في إعادة تشكيل منظومة الدعم من جديد. وقال إن الدعم النقدي بديل مناسب للتخلص من إشكالية الدعم الحالية، والتي لا تضمن وصول هذا الدعم لمستحقيه.وسيكون له أكثر من فائدة، منها إغلاق الباب أمام السوق السوداء، والقضاء علي ظاهرة التهريب، والحد من ظاهرة تخزين المواطنين للوقود بكميات أكثر من الاستهلاك قبيل الأزمات.
الفقراء والأشد فقرا
وقال د. تامر أبو بكر رئيس غرفة البترول بإتحاد الصناعات إنه يجب اتخاذ خطوات إيجابية لعلاج قصور منظومة الدعم والبحث عن حلول عاجلة لمشاكل الطاقة في مصر. وقال إن هناك عدة محاور يجب التركيز عليها أهمها عمل خطة قومية للتحول إلي استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من المنتجات البترولية السائلة لسهولة تداوله ولرخصه ومميزاته البيئية وذلك في مجال النقل والصناعة والكهرباء .والسماح بالاستيراد الفوري للغاز السائل المنقول بالناقلات واستقباله بتسهيلات بحرية عائمة وذلك لتخزينه وإعادة تغييزه وذلك لمدة ثلاث أعوام علي الاقل.وقال تامر أبو بكر إنه يجب رفع أسعار المنتجات البترولية وأسعار الكهرباء تدريجياً مع دعم محدودي الدخل والفقراء من خلال توزيع 40٪ من الوفر الناتج من رفع الأسعار في كل مرحلة علي حاملي بطاقات التموين الذكية مع تحديث وتجديد بيانات قاعدة المعلومات الخاصة ببطاقات التموين الذكية باستمرار لضمان وصول الدعم النقدي لمستحقية مع توفير نوعين من البطاقات بطاقات لشديدي الفقر وبطاقات لمحدودي الدخل. بالإضافة إلي توزيع 20٪ من الوفر المحقق بالقطاع الصناعي نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة كدعم للصادرات وفقا للمعايير التي يتم الأتفاق عليها مابين وزارة الصناعة واتحاد الصناعات المصرية. واقترح توزيع 40٪ من وفر دعم المنتجات البترولية الذي سيتحقق في كل مرحلة نتيجة لرفع الأسعار علي بطاقات التموين الذكية بحيث يصل نصيب كل بطاقة ذكية في آخر مرحلة لزيادة أسعار المنتجات البترولية إلي 400 جنيه شهرياً .لضمان وصول الدعم النقدي إلي مستحقيه ومحدودي الدخل فقط .مع ضرورة اتخاذ إجراءات تطوير نظام بطاقات التموين الذكية الحالي إلي نوعين من البطاقات بطاقة تموين لمحدودي الدخل وبطاقة تموين لشديدي الفقر بحيث يكون النصيب النقدي لبطاقة شديدي الفقر شهريا ضعف النصيب النقدي لبطاقة محدودي الدخل علي أن توضع المعايير والضوابط للتعريف بمن هم شديدي الفقر ومن هم محدودي الدخل .
أزمة الدعم مشكلة مزمنة تتحدى التنمية. وقد احتارت الحكومات أمامها دون أن تستطيع اتخاذ قرارات جريئة لتنحاز للغلابة، بسبب سطوة الأغنياء والمنتفعين من الدعم .
وتأتي المنتجات البترولية كأحد الموارد التي تلتهم مليارات الجنيهات. والمنتجات البترولية يتم دعمها بنسب مختلفة من 22٪ إلى 93٪، فالسولار يستحوذ على الجانب الأكبر من الدعم بنحو 45٪، والمازوت 24٪، يليه البوتاجاز 14٪، ثم البنزين 13٪، ويحصل على الغاز الطبيعي، والمازوت 24٪ من الدعم والسولار يستحوذ على 50٪.
ربما تكون هذه الأرقام تقريبية لكنها من المؤكد تخفي وراءها فسادا وهدرا وتزيد في بعض الأحيان أضعافا مضاعفة، وهناك عدم توازن بالنسبة للاستهلاك وتكلفة الدعم، فالمنتجات التي تحظي بنسبة أكبر من الدعم ليست هي الأكثر استهلاكا. ودعم الوقود تفاقم مع الوقت لزيادة الأسعار العالمية، ففي عام 2007 كان دعم الوقود حوالي 60 مليار جنيه، ووصل حاليا الي 521 مليار جنيه. ودعم الطاقة له تأثير سلبي علي الاقتصاد فمصر تأتي في المرتبة الخامسة بعد دول ثروتها النفطية أعلي بكثير. وأكبر مشكلة تعاني منها مصر الآن هي تراجع الاستثمارات وتبرز ملامح تؤكد أن المستفيد من دعم المواد البترولية هم الأكثر ثراء بنسبة 33٪ من الدعم بينما الشريحة الأشد فقرا تستفيد بنسبة 3.8٪ فقط، بما لا يتفق مع العدالة الاجتماعية.
الأخبار تناقش سبل إصلاح هذا الخلل في منظومة دعم الطاقة
حيث أكد المهندس شريف إسماعيل وزير البترول «للأخبار» أنه لابد من تصحيح الوضع وضبط منظومة الدعم لوضعه في الإطار الإيجابي السليم ليعود مباشرة علي المواطن الغلبان بالنفع بعيدا عن المزايدات الرخيصة. وقال إن هناك آلية لضبط وضع المنتجات البترولية وتحويل جزء من المبالغ التي يتم توفيرها لشراء منتجات بترولية تضخ في السوق لتلبية الاحتياجات مع مراعاة تخصيص جزء من تلك الأموال لقطاع التعليم والصحة والخدمات لتقديم خدمات ملموسة تفيد المواطنين ويشعرون بها. وقال إسماعيل إن الاقتصاد المصري لم يعد يحتمل هدر الأموال في الدعم ولابد من الترشيد فلو وضعنا خطة للوصول إلي نمو بنسبة 6٪ فلابد من رفع معدلات إستهلاك الطاقة إلي 9٪ وهنا لابد من تساؤل .. هل لدينا القدرة علي زيادة هذه الطاقة في ظل منظومة الدعم الحالية . فلا يمكن تحقيق معدلات نمو حقيقية في ظل عجز الطاقة. وقال وزير البترول إن الكروت الذكية ستسهم في تحديد قاعدة بيانات سليمة لإستهلاك الوقود ونمطه لتحديد من يستحق الدعم الحقيقي للمواد البترولية. مضيفا أن الزيادة في سعر استهلاك الغاز للمنازل سيوجه مباشرة لتطوير منظومة توصيله لبيوت جديدة ورفع طاقة التوصيل لضمان وقف هدر البوتاجاز. مضيفا أنه لابد من الاستغناء عن المساعدات البترولية بالتدريج لأنه من غير المعقول الاستمرار في الاعتماد علي تلك المعونات ولن تستطيع هذه الدول الشقيقة الاستمرار في ذلك إلي مالا نهاية.
وقال إن سياسات الدعم الحالية لا تخدم المواطن كما تؤثر علي معدلات النمو مشيرا إلي أن الدولة تدعم السولار بمبلغ 180 مليون جنيه والبنزين ب 100 مليون جنيه يوميا. مضيفا أن الحكومة بدأت في اتخاذ إجراءات جدية للتعامل مع ملف الدعم حفاظا علي موارد الدولة من الهدر وضمانا لوصول الدعم للمواطن من خلال خطوات تدريجية تستغرق من 5 إلي 7 سنوات. واضاف أنه تم اتخاذ عدة خطوات لضبط عمليات التهريب مع مراعاة تغذية الأماكن الأكثر إستهلاكا وجار تحديد أنماط الاستهلاك ببقية مناطق الجمهورية مع اكتمال منظومة كروت البنزين والسولار. مؤكدا أن ترشيد دعم المنتجات البترولية سيسهم إيجابيا في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وسيكون له تأثير إيجابي علي قدرة قطاع البترول في توفير السيولة وسداد مستحقات الشركاء الأجانب وتشجيعهم علي ضخ المزيد من الاستثمارات في أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج. مضيفا أن مصر تحتاج إعادة تشكيل توليفة الطاقة و يجب أن تشهد مراجعة لإعادة استراتيجية استخدامات مصادر أخري مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية، واستخدام الفحم مع مراعاة البعد البيئي، لتخفيف الضغط علي الوقود البترولي والغاز الطبيعي وتوجيهه إلي استخدامات تحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري وتوفر العديد من فرص العمل.وقال شريف إسماعيل إن الحكومة تولي قضية دعم المنتجات البترولية أهمية كبري وتتعامل معها بمنتهي الجدية للوصول لنتائج إيجابية. مؤكدا أن الشعب هو صاحب القرار وصاحب الموارد البترولية ولابد من تحقيق الاستخدام الأمثل لها، وتحقيق المعادلة المتمثلة في استمرار توافر هذه المنتجات، وتحقيق معدلات نمو مناسبة للاقتصاد القومي في نفس الوقت. وقال إن الزيادة الكبيرة في قيمة دعم المنتجات البترولية أصبحت عبئًا ليس فقط علي قطاع البترول وإنما امتد تأثيره إلي قطاعات الدولة المختلفة مثل الصحة والتعليم والنقل مما يستدعي التعامل مع هذا الملف باهتمام كبير.مشيرا إلي أن الدعم يتأثر بعدة عناصر منها سعر الصرف والأسعار العالمية للمنتجات البترولية ومعدلات الاستهلاك وأسعار البيع في السوق المحلي وإنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعي محليًا، وهي كلها عناصر متشابكة استدعت عمل دراسات مكثفة ونماذج حسابية، للوصول إلي أفضل صيغة تعود بالنفع علي شعب مصر والاقتصاد القومي. وقال شريف إسماعيل إنه تم الانتهاء من استخراج 2.2 مليون كارت لتطبيق منظومة ترشيد الدعم الجديدة.مؤكدا أن هناك خطوات جادة في التعامل مع ملف الدعم وأن الرؤية الخاصة بإصلاح منظومة دعم المنتجات البترولية تعمل علي محاور أبرزها تنظيم وضبط عمليات التوزيع من خلال نظام الكروت الذكية للمنتجات البترولية.وتطوير وسائل النقل العام وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد الاستهلاك بما يهدف إلي توصيل الدعم لمستحقيه وتلافي التأثيرات السلبية لتفاقم قيمة الدعم الحالية علي معدلات النمو الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن .وأشارالوزير إلي أن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل يعد أحد الحلول حيث تم خلال الخمسة شهور الماضية التوصيل إلي 200 ألف وحدة سكنية و الاتفاق علي توفير التمويل اللازم للإسراع باستكمال الخطة التي تستهدف التوصيل إلي 800 ألف وحدة سكنية كما تم البدء في مراجعة شاملة لمنظومة تداول المنتجات البترولية بالسوق المحلي والتي تتضمن تسهيلات الموانئ ومستودعات التخزين وخطوط نقل المنتجات وشبكات التوزيع.
الاعتماد علي المعونات
قال خبير الطاقة المهندس محمد شعيب مصر أكبر من أن تستمر في العيش علي المعونات ولابد
أن يكون لدينا رؤية محددة بحوار مجتمعي يتفق فيه الجميع من أجل الصالح العام. وقال إن مصر بها 20 مليون أسرة 70 منهم يستحقون الدعم ولو اعتبرنا كل من يملك بطاقة تموين يستحق الدعم فهناك 14 مليونا يملكون بطاقات ولو أعطينا كل أسرة 500 جنيه في الشهر أي 6 آلاف جنيه للأسرة سنويا فإجمالي الدعم سيصبح 84 مليار جنيه. والأفضل توجيه الدعم للمستحقين وكل أسرة تحدد أولوياتها فدعم البوتاجاز يصل للمواطنين ولكن لا تستفيد الأسر الفقيرة من دعم البنزين ولا السولار أو المازوت. وعندما يتم توزيع الدعم النقدي ستحدد كل أسرة أولوياتها وفي المقابل تكون هناك خطة متكاملة آمنة لمواصلات محترمة تدفع المواطنين لترك سياراتهم واستخدام المواصلات العامة مما يوفر مليارات .وأوجه شكري للإخوة العرب الذين ساعدونا بالمواد البترولية. لكنني اتمني ان تدعمنا الدول الشقيقة الامارات والسعودية والكويت أن نطلب مليار دولار منهم سنويا لمدة 5 سنوات توجه بالكامل للاستثمار في النقل الجماعي لنضمن وسيلة محترمة للمواطنين تعوضهم عن استخدام سياراتهم الخاصة. والخطوة الأخري المهمة التركيز علي النقل النهري ليعود نهر النيل الوسيلة الآمنة لنقل البضائع والأفراد كما كان ونقضي علي زحام الشوارع. وقال شعيب إنه لابد من مصارحة الشعب لأن الخزانة لاتحتمل. بإختصار الدعم في مصر يذهب للقادرين وعادم سياراتهم يذهب للغلابة ليستنشقوه فيزدادوا مرضا وفقرا وعندما يذهبون للمستشفي لا يجدون سريرا ولابد أن نعترف بأن لدينا نقصا في الطاقة ويشارك الشعب في اتخاذ خطوات جادة لتصحيح وضعها. والحكومة يجب ألا تكون وحدها بل تكون هناك رؤية ومشاركة من خبراء الطاقة والبيئة والاقتصاد لإجراء حوار مجتمعي.
واوضح انه اجريت دراسات عن تكلفة نقل المنتجات وتبين أنه في حالة زيادة سعر لتر السولار ليصبح 4 جنيهات فان نصيب الكيلو جرام من السلع المنقولة بواسطة سيارة حمولتها 30 طنا من القاهرة الي الاسكندرية لا يتعدي قرشا واحدا فقط وهو ما يؤكد أن تحريك سعر السولار لن يؤثر في سعر السلع والمنتجات.
مبادرة للترشيد
قال د . رمضان ابوالعلا أستاذ هندسة البترول وخبير الطاقة إن ما تقوم به الحكومة بالتعامل مع ملف
الدعم ماهو إلا مسكنات وسيكون لها مردود سلبي طالما نتعامل بطريقة مرتعشة . وما حدث في موضوع الغاز لابد أن ينبهنا للحلول الخاطئة التي تنتهجها الحكومة ويجب أن ننتبه لعلاج صحيح للمنظومة بشكل كامل يحقق العدالة الاجتماعية ويراعي الغلابة ولا يمس أو يقترب من حقوقهم. فمن يستهلك كميات قليلة من الكهرباء يجب إعفاؤه من فاتورة الاستهلاك لنخلق شرائح موفرة للطاقة .ولابد من مراعاة حساب الفنادق والمنتجعات وساكني القصور والفيلات بطريقة تناسب استهلاكهم ودخلهم . ولابد من طرح رؤي لإستهلاك أصحاب السيارات للبنزين بما لايجور علي مصلحة واستهلاك ساكني العشوائيات. وكنت أتمني أن يتأني صانع القرار في زيادة أسعار الغاز للمنازل ويتم النظر لمنظومة الدعم كوحدة واحدة بما يتناسب مع حجم المشكلة وإيجاد حل يتيح مكافأة الشرائح الأقل استهلاكا للوقود والكهرباء . ويري د.رمضان أبو العلا ضرورة تقليل القيود علي القطاع الخاص وفتح باب الاستثمار في قطاع البترول، عن طريق إتاحة مناطق جديدة للتنقيب، وفتح المجال أمام المستثمرين، وتشجيعهم علي دخول السوق المصري. مع تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة وتوليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمخلفات لتكون بديلا عن رفع الدعم عن الطاقة.مقترحا خفضا تدريجيا للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10٪ من قيمة المنتج الحالي، وفي المقابل تتم زيادة الرواتب لموظفي الدولة بنفس النسبة، حيث إنه يمتص رد فعل المواطنين من خلال رفع الدعم تدريجيًا.
رفع الدعم عن المصانع
قال د. إبراهيم زهران خبير الطاقة إن قرار دعم المواد البترولية يجب أن ينظر للمصانع التي تستهلك الغاز والوقود المدعم وتبيع إنتاجها بالخارج فلا يعقل أن أرفع السعر علي الغلابة وأدعم المستهلك الأجنبي. وعندما بدأت الحكومة في زيادة سعر الغاز للمنازل لم توفر سوي 800 مليون جنيه من فاتورة الدعم الذي يبلغ حوالي 140 مليار للمواد البترولية . ولابد أن يتوافق سعر الغاز للمصانع التي تصدر للخارج مع السعر العالمي ومحاسبتهم علي أساس 14 دولارا للمليون وحدة حرارية بدلا من محاسبة مستهلكي المنازل بسعر 8 دولارات للشريحة الأعلي في حين نصدر الغاز للأردن بأقل من دولارين .فإذا عدلنا منظومة التسعير للمصانع فنستطيع علي الأقل توفير مالا يقل عن 50 مليار جنيه وليس 800 مليون فقط .فتصحيح السعر يبدأ من التصدير ومحاسبة حقيقية للمصانع التي تستهلك الغاز المدعم ببلاش تقريبا في التشغيل والمنتجات المصدرة للخارج. أما الشق الثاني فهو مصانع الأسمنت والذي يبيع بأسعار مبالغ فيها فإذا التزم ببيع الطن ب 350 جنيها من حقي أدعمه لصالح المواطن لكننا تركنا لهم الحبل علي الغارب. وأطالب رئيس الوزراء بدراسة خريطة استهلاك الغاز والسولار والبنزين لأن الحكومة قادمة علي رفع سعر البنزين والسولار لا محالة وتعمل الحكومة علي تسعير الوقود للمصانع بما يضمن دعم المواطن وليس دعم المستثمر والمستهلك الأجنبي. وأنبه علي عدم الوقوع في غلطة البنزين 95 الذي رفعنا سعره فاتجه الناس لبنزين 92 وأنبه علي دراسة حزمة الدعم كاملة وليست بطريقة منفصلة. وقال د. إبراهيم زهران إن قرار الحكومة برفع أسعار الغاز الطبيعي في المنازل لا يمثل سوي 3 ٪ من قيمة إنتاجها من الغاز. وقال إن الدعم في مصر (وهم) . ويجب علي الحكومة النظر بعناية للغلابة والنظر للمصانع التي تحصل علي الغاز المدعم والتي تستهلك قوت الغلابة .
إهدار الموارد
أضاف المهندس مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق أن المشكلة الأساسية وراء نقص الطاقة في مصر تكمن في الدعم الحالي لها، حيث إن الدعم يؤدي إلي خفض مستوي سعر السلعة، وبالتالي تزداد كمية الطلب عليها. كما أن زيادة الدعم تتسبب في إهدار الموارد الاقتصادية فدعم المواد البترولية يؤدي لتهريب السولار والبنزين من السوق المصري إلي أقطار خارجية ويجب تقليص الدعم والاتجاه إلي نظام السوق الحر، فهو الحل لمشكلات الطاقة مع مراعاة رفع الدعم تدريجيًا.
سوء استخدام
قال د. جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية إن منظومة الدعم مختلفة وبها سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة وأكد أن يكون هناك دعم علي بعض السلع وأن تكون هناك عدالة اجتماعية، ومناطق تستطيع أن تشتري المواد البترولية بأي سعر وهناك مناطق تحت خط الفقر لا تستطيع حتي أن تشتري رغيف خبز.وقال أن الطاقة ومنتجاتها غير متجددة وهذه المنظومة تختلف عن حسابات البشر وتحسب حسب ما في باطن الأرض وهناك مشكلة لأن معظم الخزانات الموجودة في الأراضي المصرية خاصة الموجودة في خليج السويس والبحر المتوسط والدلتا مختلطة بالمياه والتكلفة الفعلية لعملية فصل المياه عن المشتقات الأخري تحتاج تكلفة عالية جداً. وقال إن الدعم النقدي لايصلح في ظل الظروف الطاحنة وأن أفضل طريقة هو الدعم الجغرافي وقد قدمت دراسة وافية برفع الدعم عن المحافظات بالتدريج وتقسيمها وفق معدلات التنمية وتبدأ بمحافظات القاهرة الكبري والإسكندرية والشرقية والدقهلية بخفض الدعم 15٪ ثم القناة بنسبة 8٪ ويراعي المحافظات قليلة التنمية والتي يرتفع بها معدلات البطالة.
أفكار جديدة
ومن جهته أكد د. محمد سعد الدين خبير الطاقة ورئيس جمعية مستثمري الغاز أن رفع الدعم عن المواد البترولية شيء ضروري لأن الدعم أساس كل البلاوي التي نشهدها في أزمات الطاقة فالدعم إهدار لأموال البلد وما يحدث أننا سنأخذ من القادرين لنعطي الغلابة ونغطي احتياجاتهم والدعم النقدي أفضل الحلول.
وأؤكد علي أمر مهم وهو أننا لا نطالب بإلغاء الدعم بل تقنينه ورفع قيمته للغلابة فالذي يستحق نعطيه وتطوير الآلية التي تضمن وصوله للمستحقين الفعليين. بمعني أوضح إلغاء الدعم عن السلع وزيادته للأفراد المستحقين. والنظر للمصانع التي تستخدم المواطن وتوفر له سلعا لاستهلاكه ونحاول إيجاد طريقة لدعم تلك المصانع أما المصانع التي تصدر إنتاجها للخارج فبأي حق ندعمها ؟ وقال إن هناك عدة طرق لضبط منظومة الدعم أولا تحديد المصانع التي تستحق الدعم وضبط منظومة السيارات التريبتك وسيارات نقل البضائع وتقنين وضع الطاقة للمصانع التي تصدر للخارج وتحديد سعر عادل لها سيوفر مالايقل عن 40٪ كمرحلة أولي. وفي المرحلة الثانية نبدأ بتحليل بيانات بطاقات الرقم القومي ونقسم المستحقين لشرائح منهم من يستحق دعما كاملا ومنهم من يستحق نصف دعم ومنهم من لايستحق.
مشيرا إلي أن إستمارة الدعم هي أفضل الطرق. وبطريقة بسيطة لن نسأل المواطن عن دخله . لأنه بصراحة لا أحد يخبر أحدا بدخله الحقيقي أبدا.. بل أسأله عن مصروفاته. كم ينفق شهريا علي الكهرباء ولوازم معيشته؟ من نفقات مدارس وتليفون وبناء عليه أحدد هل يستحق الدعم أم لا ؟. ويتم تعهد المواطن بأنه لو أدلي ببيانات غير صحيحة يتم حرمانه من الدعم وتحصيل غرامات من المخالفين. فكل مواطن يضع بياناته الحقيقية وتحدد الحكومة بطريقة ما من يستحق الدعم . فيمكن أن تضع معيارا أن من يتجاوز إنفاقه عشرة آلاف جنيه مثلا يخرج خارج منظومة الدعم ومن ينفق 4 آلاف يستحق الدعم كاملا. ويتم تقسيم المواطنين لشرائح . وهذة العملية متحركة وتسمح بدخول وخروج المواطن من المنظومة حسب حالته. فيمكن أن يكون هناك مواطن ظروفه جيدة وبعد فترة يتعثر فيجب دخوله منظومة الدعم فورا. ببساطة الحلول موجودة ولكن لايوجد من يطبقها بيسر وسهولة. فلو تم تنفيذها بشفافية ووفق قواعد سنحل مشاكلنا بهدوء ويتم توفير احتياجات المصانع وتوفير الوقود للغلابة دون معاناة وبلا أي هدر مما يوفر ثروات أجيال قادمة. وقد تقدمت بمذكرة وافية لرئيس إتحاد الصناعات وطالبته بضرورة خفض كميات الغاز والمازوت المسلمة للمصانع واللازمة لإنتاج الكميات المعتمده في السجل الصناعي المعتمد بالنسب الآتية من شهر يولية 10٪ وبعد سنة 10٪ وبعد سنة 5 ٪ وبعد سنة 5٪ أخري علي أن تتولي الشركات توفير الكمية المقابلة للخفض للحد المشار إليه عن طريق تطبيق نظم ترشيد الطاقة وكفاءة الطاقة في العمليات الصناعية أو التحول التدريجي في استخدام الطاقة المتجددة المناسبة لتقنينها او تقوم الشركة بسداد قيمة الاستهلاك من الغاز أو المازوت طبقا لتسعيرة الكميات الزائدة عن الطاقة الانتاجية الفعلية للاستهلاك كما هو وارد في السجل الصناعي للشركة. وكذلك إلغاء الدعم عن جميع مصادر الطاقة العادية من مواد بترولية وكهرباء وغاز طبيعي وإعطاء الدعم النقدي للأفراد والهيئات والمصانع. حسب الإنتاج والعمل علي تهيئة البنية التحتية لإستخدام الطاقة المتجددة وقال د. محمد سعد الدين إنه يجب إلغاء الدعم المقدم لكل المصانع سواء علي الغاز الطبيعي أو السولار أو حتي الكهرباء. لأنه سيخفض عجز الموازنة العامة بشكل كبير بالإضافة إلي إنه سيساهم في إعادة تشكيل منظومة الدعم من جديد. وقال إن الدعم النقدي بديل مناسب للتخلص من إشكالية الدعم الحالية، والتي لا تضمن وصول هذا الدعم لمستحقيه.وسيكون له أكثر من فائدة، منها إغلاق الباب أمام السوق السوداء، والقضاء علي ظاهرة التهريب، والحد من ظاهرة تخزين المواطنين للوقود بكميات أكثر من الاستهلاك قبيل الأزمات.
الفقراء والأشد فقرا
وقال د. تامر أبو بكر رئيس غرفة البترول بإتحاد الصناعات إنه يجب اتخاذ خطوات إيجابية لعلاج قصور منظومة الدعم والبحث عن حلول عاجلة لمشاكل الطاقة في مصر. وقال إن هناك عدة محاور يجب التركيز عليها أهمها عمل خطة قومية للتحول إلي استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من المنتجات البترولية السائلة لسهولة تداوله ولرخصه ومميزاته البيئية وذلك في مجال النقل والصناعة والكهرباء .والسماح بالاستيراد الفوري للغاز السائل المنقول بالناقلات واستقباله بتسهيلات بحرية عائمة وذلك لتخزينه وإعادة تغييزه وذلك لمدة ثلاث أعوام علي الاقل.وقال تامر أبو بكر إنه يجب رفع أسعار المنتجات البترولية وأسعار الكهرباء تدريجياً مع دعم محدودي الدخل والفقراء من خلال توزيع 40٪ من الوفر الناتج من رفع الأسعار في كل مرحلة علي حاملي بطاقات التموين الذكية مع تحديث وتجديد بيانات قاعدة المعلومات الخاصة ببطاقات التموين الذكية باستمرار لضمان وصول الدعم النقدي لمستحقية مع توفير نوعين من البطاقات بطاقات لشديدي الفقر وبطاقات لمحدودي الدخل. بالإضافة إلي توزيع 20٪ من الوفر المحقق بالقطاع الصناعي نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة كدعم للصادرات وفقا للمعايير التي يتم الأتفاق عليها مابين وزارة الصناعة واتحاد الصناعات المصرية. واقترح توزيع 40٪ من وفر دعم المنتجات البترولية الذي سيتحقق في كل مرحلة نتيجة لرفع الأسعار علي بطاقات التموين الذكية بحيث يصل نصيب كل بطاقة ذكية في آخر مرحلة لزيادة أسعار المنتجات البترولية إلي 400 جنيه شهرياً .لضمان وصول الدعم النقدي إلي مستحقيه ومحدودي الدخل فقط .مع ضرورة اتخاذ إجراءات تطوير نظام بطاقات التموين الذكية الحالي إلي نوعين من البطاقات بطاقة تموين لمحدودي الدخل وبطاقة تموين لشديدي الفقر بحيث يكون النصيب النقدي لبطاقة شديدي الفقر شهريا ضعف النصيب النقدي لبطاقة محدودي الدخل علي أن توضع المعايير والضوابط للتعريف بمن هم شديدي الفقر ومن هم محدودي الدخل .
الدعم الضائع يعوق تحقيق العدالة الاجتماعية
أزمة الدعم مشكلة مزمنة تتحدى التنمية. وقد احتارت الحكومات أمامها دون أن تستطيع اتخاذ قرارات جريئة لتنحاز للغلابة، بسبب سطوة الأغنياء والمنتفعين من الدعم .
وتأتي المنتجات البترولية كأحد الموارد التي تلتهم مليارات الجنيهات. والمنتجات البترولية يتم دعمها بنسب مختلفة من 22٪ إلى 93٪، فالسولار يستحوذ على الجانب الأكبر من الدعم بنحو 45٪، والمازوت 24٪، يليه البوتاجاز 14٪، ثم البنزين 13٪، ويحصل على الغاز الطبيعي، والمازوت 24٪ من الدعم والسولار يستحوذ على 50٪.
ربما تكون هذه الأرقام تقريبية لكنها من المؤكد تخفي وراءها فسادا وهدرا وتزيد في بعض الأحيان أضعافا مضاعفة، وهناك عدم توازن بالنسبة للاستهلاك وتكلفة الدعم، فالمنتجات التي تحظي بنسبة أكبر من الدعم ليست هي الأكثر استهلاكا. ودعم الوقود تفاقم مع الوقت لزيادة الأسعار العالمية، ففي عام 2007 كان دعم الوقود حوالي 60 مليار جنيه، ووصل حاليا الي 521 مليار جنيه. ودعم الطاقة له تأثير سلبي علي الاقتصاد فمصر تأتي في المرتبة الخامسة بعد دول ثروتها النفطية أعلي بكثير. وأكبر مشكلة تعاني منها مصر الآن هي تراجع الاستثمارات وتبرز ملامح تؤكد أن المستفيد من دعم المواد البترولية هم الأكثر ثراء بنسبة 33٪ من الدعم بينما الشريحة الأشد فقرا تستفيد بنسبة 3.8٪ فقط، بما لا يتفق مع العدالة الاجتماعية.
الأخبار تناقش سبل إصلاح هذا الخلل في منظومة دعم الطاقة
حيث أكد المهندس شريف إسماعيل وزير البترول «للأخبار» أنه لابد من تصحيح الوضع وضبط منظومة الدعم لوضعه في الإطار الإيجابي السليم ليعود مباشرة علي المواطن الغلبان بالنفع بعيدا عن المزايدات الرخيصة. وقال إن هناك آلية لضبط وضع المنتجات البترولية وتحويل جزء من المبالغ التي يتم توفيرها لشراء منتجات بترولية تضخ في السوق لتلبية الاحتياجات مع مراعاة تخصيص جزء من تلك الأموال لقطاع التعليم والصحة والخدمات لتقديم خدمات ملموسة تفيد المواطنين ويشعرون بها. وقال إسماعيل إن الاقتصاد المصري لم يعد يحتمل هدر الأموال في الدعم ولابد من الترشيد فلو وضعنا خطة للوصول إلي نمو بنسبة 6٪ فلابد من رفع معدلات إستهلاك الطاقة إلي 9٪ وهنا لابد من تساؤل .. هل لدينا القدرة علي زيادة هذه الطاقة في ظل منظومة الدعم الحالية . فلا يمكن تحقيق معدلات نمو حقيقية في ظل عجز الطاقة. وقال وزير البترول إن الكروت الذكية ستسهم في تحديد قاعدة بيانات سليمة لإستهلاك الوقود ونمطه لتحديد من يستحق الدعم الحقيقي للمواد البترولية. مضيفا أن الزيادة في سعر استهلاك الغاز للمنازل سيوجه مباشرة لتطوير منظومة توصيله لبيوت جديدة ورفع طاقة التوصيل لضمان وقف هدر البوتاجاز. مضيفا أنه لابد من الاستغناء عن المساعدات البترولية بالتدريج لأنه من غير المعقول الاستمرار في الاعتماد علي تلك المعونات ولن تستطيع هذه الدول الشقيقة الاستمرار في ذلك إلي مالا نهاية.
وقال إن سياسات الدعم الحالية لا تخدم المواطن كما تؤثر علي معدلات النمو مشيرا إلي أن الدولة تدعم السولار بمبلغ 180 مليون جنيه والبنزين ب 100 مليون جنيه يوميا. مضيفا أن الحكومة بدأت في اتخاذ إجراءات جدية للتعامل مع ملف الدعم حفاظا علي موارد الدولة من الهدر وضمانا لوصول الدعم للمواطن من خلال خطوات تدريجية تستغرق من 5 إلي 7 سنوات. واضاف أنه تم اتخاذ عدة خطوات لضبط عمليات التهريب مع مراعاة تغذية الأماكن الأكثر إستهلاكا وجار تحديد أنماط الاستهلاك ببقية مناطق الجمهورية مع اكتمال منظومة كروت البنزين والسولار. مؤكدا أن ترشيد دعم المنتجات البترولية سيسهم إيجابيا في تقليل عجز الموازنة العامة للدولة، وسيكون له تأثير إيجابي علي قدرة قطاع البترول في توفير السيولة وسداد مستحقات الشركاء الأجانب وتشجيعهم علي ضخ المزيد من الاستثمارات في أنشطة البحث والاستكشاف والإنتاج. مضيفا أن مصر تحتاج إعادة تشكيل توليفة الطاقة و يجب أن تشهد مراجعة لإعادة استراتيجية استخدامات مصادر أخري مثل الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النووية، واستخدام الفحم مع مراعاة البعد البيئي، لتخفيف الضغط علي الوقود البترولي والغاز الطبيعي وتوجيهه إلي استخدامات تحقق قيمة مضافة للاقتصاد المصري وتوفر العديد من فرص العمل.وقال شريف إسماعيل إن الحكومة تولي قضية دعم المنتجات البترولية أهمية كبري وتتعامل معها بمنتهي الجدية للوصول لنتائج إيجابية. مؤكدا أن الشعب هو صاحب القرار وصاحب الموارد البترولية ولابد من تحقيق الاستخدام الأمثل لها، وتحقيق المعادلة المتمثلة في استمرار توافر هذه المنتجات، وتحقيق معدلات نمو مناسبة للاقتصاد القومي في نفس الوقت. وقال إن الزيادة الكبيرة في قيمة دعم المنتجات البترولية أصبحت عبئًا ليس فقط علي قطاع البترول وإنما امتد تأثيره إلي قطاعات الدولة المختلفة مثل الصحة والتعليم والنقل مما يستدعي التعامل مع هذا الملف باهتمام كبير.مشيرا إلي أن الدعم يتأثر بعدة عناصر منها سعر الصرف والأسعار العالمية للمنتجات البترولية ومعدلات الاستهلاك وأسعار البيع في السوق المحلي وإنتاج الزيت الخام والغاز الطبيعي محليًا، وهي كلها عناصر متشابكة استدعت عمل دراسات مكثفة ونماذج حسابية، للوصول إلي أفضل صيغة تعود بالنفع علي شعب مصر والاقتصاد القومي. وقال شريف إسماعيل إنه تم الانتهاء من استخراج 2.2 مليون كارت لتطبيق منظومة ترشيد الدعم الجديدة.مؤكدا أن هناك خطوات جادة في التعامل مع ملف الدعم وأن الرؤية الخاصة بإصلاح منظومة دعم المنتجات البترولية تعمل علي محاور أبرزها تنظيم وضبط عمليات التوزيع من خلال نظام الكروت الذكية للمنتجات البترولية.وتطوير وسائل النقل العام وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وترشيد الاستهلاك بما يهدف إلي توصيل الدعم لمستحقيه وتلافي التأثيرات السلبية لتفاقم قيمة الدعم الحالية علي معدلات النمو الاقتصادي وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطن .وأشارالوزير إلي أن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل يعد أحد الحلول حيث تم خلال الخمسة شهور الماضية التوصيل إلي 200 ألف وحدة سكنية و الاتفاق علي توفير التمويل اللازم للإسراع باستكمال الخطة التي تستهدف التوصيل إلي 800 ألف وحدة سكنية كما تم البدء في مراجعة شاملة لمنظومة تداول المنتجات البترولية بالسوق المحلي والتي تتضمن تسهيلات الموانئ ومستودعات التخزين وخطوط نقل المنتجات وشبكات التوزيع.
الاعتماد علي المعونات
وقال خبير الطاقة المهندس محمد شعيب مصر أكبر من أن تستمر في العيش علي المعونات ولابد أن يكون لدينا رؤية محددة بحوار مجتمعي يتفق فيه الجميع من أجل الصالح العام. وقال إن مصر بها 20 مليون أسرة 70 منهم يستحقون الدعم ولو اعتبرنا كل من يملك بطاقة تموين يستحق الدعم فهناك 14 مليونا يملكون بطاقات ولو أعطينا كل أسرة 500 جنيه في الشهر أي 6 آلاف جنيه للأسرة سنويا فإجمالي الدعم سيصبح 84 مليار جنيه. والأفضل توجيه الدعم للمستحقين وكل أسرة تحدد أولوياتها فدعم البوتاجاز يصل للمواطنين ولكن لا تستفيد الأسر الفقيرة من دعم البنزين ولا السولار أو المازوت. وعندما يتم توزيع الدعم النقدي ستحدد كل أسرة أولوياتها وفي المقابل تكون هناك خطة متكاملة آمنة لمواصلات محترمة تدفع المواطنين لترك سياراتهم واستخدام المواصلات العامة مما يوفر مليارات .وأوجه شكري للإخوة العرب الذين ساعدونا بالمواد البترولية. لكنني اتمني ان تدعمنا الدول الشقيقة الامارات والسعودية والكويت أن نطلب مليار دولار منهم سنويا لمدة 5 سنوات توجه بالكامل للاستثمار في النقل الجماعي لنضمن وسيلة محترمة للمواطنين تعوضهم عن استخدام سياراتهم الخاصة. والخطوة الأخري المهمة التركيز علي النقل النهري ليعود نهر النيل الوسيلة الآمنة لنقل البضائع والأفراد كما كان ونقضي علي زحام الشوارع. وقال شعيب إنه لابد من مصارحة الشعب لأن الخزانة لاتحتمل. بإختصار الدعم في مصر يذهب للقادرين وعادم سياراتهم يذهب للغلابة ليستنشقوه فيزدادوا مرضا وفقرا وعندما يذهبون للمستشفي لا يجدون سريرا ولابد أن نعترف بأن لدينا نقصا في الطاقة ويشارك الشعب في اتخاذ خطوات جادة لتصحيح وضعها. والحكومة يجب ألا تكون وحدها بل تكون هناك رؤية ومشاركة من خبراء الطاقة والبيئة والاقتصاد لإجراء حوار مجتمعي.
واوضح انه اجريت دراسات عن تكلفة نقل المنتجات وتبين أنه في حالة زيادة سعر لتر السولار ليصبح 4 جنيهات فان نصيب الكيلو جرام من السلع المنقولة بواسطة سيارة حمولتها 30 طنا من القاهرة الي الاسكندرية لا يتعدي قرشا واحدا فقط وهو ما يؤكد أن تحريك سعر السولار لن يؤثر في سعر السلع والمنتجات.
مبادرة للترشيد
وقال د . رمضان ابوالعلا أستاذ هندسة البترول وخبير الطاقة إن ما تقوم به الحكومة بالتعامل مع ملف الدعم ماهو إلا مسكنات وسيكون لها مردود سلبي طالما نتعامل بطريقة مرتعشة . وما حدث في موضوع الغاز لابد أن ينبهنا للحلول الخاطئة التي تنتهجها الحكومة ويجب أن ننتبه لعلاج صحيح للمنظومة بشكل كامل يحقق العدالة الاجتماعية ويراعي الغلابة ولا يمس أو يقترب من حقوقهم. فمن يستهلك كميات قليلة من الكهرباء يجب إعفاؤه من فاتورة الاستهلاك لنخلق شرائح موفرة للطاقة .ولابد من مراعاة حساب الفنادق والمنتجعات وساكني القصور والفيلات بطريقة تناسب استهلاكهم ودخلهم . ولابد من طرح رؤي لإستهلاك أصحاب السيارات للبنزين بما لايجور علي مصلحة واستهلاك ساكني العشوائيات. وكنت أتمني أن يتأني صانع القرار في زيادة أسعار الغاز للمنازل ويتم النظر لمنظومة الدعم كوحدة واحدة بما يتناسب مع حجم المشكلة وإيجاد حل يتيح مكافأة الشرائح الأقل استهلاكا للوقود والكهرباء . ويري د.رمضان أبو العلا ضرورة تقليل القيود علي القطاع الخاص وفتح باب الاستثمار في قطاع البترول، عن طريق إتاحة مناطق جديدة للتنقيب، وفتح المجال أمام المستثمرين، وتشجيعهم علي دخول السوق المصري. مع تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة وتوليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمخلفات لتكون بديلا عن رفع الدعم عن الطاقة.مقترحا خفضا تدريجيا للدعم خلال 5 سنوات بنسبة 10٪ من قيمة المنتج الحالي، وفي المقابل تتم زيادة الرواتب لموظفي الدولة بنفس النسبة، حيث إنه يمتص رد فعل المواطنين من خلال رفع الدعم تدريجيًا.
رفع الدعم عن المصانع
وقال د. إبراهيم زهران خبير الطاقة إن قرار دعم المواد البترولية يجب أن ينظر للمصانع التي تستهلك الغاز والوقود المدعم وتبيع إنتاجها بالخارج فلا يعقل أن أرفع السعر علي الغلابة وأدعم المستهلك الأجنبي. وعندما بدأت الحكومة في زيادة سعر الغاز للمنازل لم توفر سوي 800 مليون جنيه من فاتورة الدعم الذي يبلغ حوالي 140 مليار للمواد البترولية . ولابد أن يتوافق سعر الغاز للمصانع التي تصدر للخارج مع السعر العالمي ومحاسبتهم علي أساس 14 دولارا للمليون وحدة حرارية بدلا من محاسبة مستهلكي المنازل بسعر 8 دولارات للشريحة الأعلي في حين نصدر الغاز للأردن بأقل من دولارين .فإذا عدلنا منظومة التسعير للمصانع فنستطيع علي الأقل توفير مالا يقل عن 50 مليار جنيه وليس 800 مليون فقط .فتصحيح السعر يبدأ من التصدير ومحاسبة حقيقية للمصانع التي تستهلك الغاز المدعم ببلاش تقريبا في التشغيل والمنتجات المصدرة للخارج. أما الشق الثاني فهو مصانع الأسمنت والذي يبيع بأسعار مبالغ فيها فإذا التزم ببيع الطن ب 350 جنيها من حقي أدعمه لصالح المواطن لكننا تركنا لهم الحبل علي الغارب. وأطالب رئيس الوزراء بدراسة خريطة استهلاك الغاز والسولار والبنزين لأن الحكومة قادمة علي رفع سعر البنزين والسولار لا محالة وتعمل الحكومة علي تسعير الوقود للمصانع بما يضمن دعم المواطن وليس دعم المستثمر والمستهلك الأجنبي. وأنبه علي عدم الوقوع في غلطة البنزين 95 الذي رفعنا سعره فاتجه الناس لبنزين 92 وأنبه علي دراسة حزمة الدعم كاملة وليست بطريقة منفصلة. وقال د. إبراهيم زهران إن قرار الحكومة برفع أسعار الغاز الطبيعي في المنازل لا يمثل سوي 3 ٪ من قيمة إنتاجها من الغاز. وقال إن الدعم في مصر (وهم) . ويجب علي الحكومة النظر بعناية للغلابة والنظر للمصانع التي تحصل علي الغاز المدعم والتي تستهلك قوت الغلابة .
إهدار الموارد
وأضاف المهندس مدحت يوسف نائب رئيس الهيئة العامة للبترول السابق أن المشكلة الأساسية وراء نقص الطاقة في مصر تكمن في الدعم الحالي لها، حيث إن الدعم يؤدي إلي خفض مستوي سعر السلعة، وبالتالي تزداد كمية الطلب عليها. كما أن زيادة الدعم تتسبب في إهدار الموارد الاقتصادية فدعم المواد البترولية يؤدي لتهريب السولار والبنزين من السوق المصري إلي أقطار خارجية ويجب تقليص الدعم والاتجاه إلي نظام السوق الحر، فهو الحل لمشكلات الطاقة مع مراعاة رفع الدعم تدريجيًا.
سوء استخدام
وقال د. جمال القليوبي أستاذ هندسة البترول بالجامعة الأمريكية إن منظومة الدعم مختلفة وبها سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة وأكد أن يكون هناك دعم علي بعض السلع وأن تكون هناك عدالة اجتماعية، ومناطق تستطيع أن تشتري المواد البترولية بأي سعر وهناك مناطق تحت خط الفقر لا تستطيع حتي أن تشتري رغيف خبز.وقال أن الطاقة ومنتجاتها غير متجددة وهذه المنظومة تختلف عن حسابات البشر وتحسب حسب ما في باطن الأرض وهناك مشكلة لأن معظم الخزانات الموجودة في الأراضي المصرية خاصة الموجودة في خليج السويس والبحر المتوسط والدلتا مختلطة بالمياه والتكلفة الفعلية لعملية فصل المياه عن المشتقات الأخري تحتاج تكلفة عالية جداً. وقال إن الدعم النقدي لايصلح في ظل الظروف الطاحنة وأن أفضل طريقة هو الدعم الجغرافي وقد قدمت دراسة وافية برفع الدعم عن المحافظات بالتدريج وتقسيمها وفق معدلات التنمية وتبدأ بمحافظات القاهرة الكبري والإسكندرية والشرقية والدقهلية بخفض الدعم 15٪ ثم القناة بنسبة 8٪ ويراعي المحافظات قليلة التنمية والتي يرتفع بها معدلات البطالة.
أفكار جديدة
ومن جهته أكد د. محمد سعد الدين خبير الطاقة ورئيس جمعية مستثمري الغاز أن رفع الدعم عن المواد البترولية شيء ضروري لأن الدعم أساس كل البلاوي التي نشهدها في أزمات الطاقة فالدعم إهدار لأموال البلد وما يحدث أننا سنأخذ من القادرين لنعطي الغلابة ونغطي احتياجاتهم والدعم
النقدي أفضل الحلول.
وأؤكد علي أمر مهم وهو أننا لا نطالب بإلغاء الدعم بل تقنينه ورفع قيمته للغلابة فالذي يستحق نعطيه وتطوير الآلية التي تضمن وصوله للمستحقين الفعليين. بمعني أوضح إلغاء الدعم عن السلع وزيادته للأفراد المستحقين. والنظر للمصانع التي تستخدم المواطن وتوفر له سلعا لاستهلاكه ونحاول إيجاد طريقة لدعم تلك المصانع أما المصانع التي تصدر إنتاجها للخارج فبأي حق ندعمها ؟ وقال إن هناك عدة طرق لضبط منظومة الدعم أولا تحديد المصانع التي تستحق الدعم وضبط منظومة السيارات التريبتك وسيارات نقل البضائع وتقنين وضع الطاقة للمصانع التي تصدر للخارج وتحديد سعر عادل لها سيوفر مالايقل عن 40٪ كمرحلة أولي. وفي المرحلة الثانية نبدأ بتحليل بيانات بطاقات الرقم القومي ونقسم المستحقين لشرائح منهم من يستحق دعما كاملا ومنهم من يستحق نصف دعم ومنهم من لايستحق.
مشيرا إلي أن إستمارة الدعم هي أفضل الطرق. وبطريقة بسيطة لن نسأل المواطن عن دخله . لأنه بصراحة لا أحد يخبر أحدا بدخله الحقيقي أبدا.. بل أسأله عن مصروفاته. كم ينفق شهريا علي الكهرباء ولوازم معيشته؟ من نفقات مدارس وتليفون وبناء عليه أحدد هل يستحق الدعم أم لا ؟. ويتم تعهد المواطن بأنه لو أدلي ببيانات غير صحيحة يتم حرمانه من الدعم وتحصيل غرامات من المخالفين. فكل مواطن يضع بياناته الحقيقية وتحدد الحكومة بطريقة ما من يستحق الدعم . فيمكن أن تضع معيارا أن من يتجاوز إنفاقه عشرة آلاف جنيه مثلا يخرج خارج منظومة الدعم ومن ينفق 4 آلاف يستحق الدعم كاملا. ويتم تقسيم المواطنين لشرائح . وهذة العملية متحركة وتسمح بدخول وخروج المواطن من المنظومة حسب حالته. فيمكن أن يكون هناك مواطن ظروفه جيدة وبعد فترة يتعثر فيجب دخوله منظومة الدعم فورا. ببساطة الحلول موجودة ولكن لايوجد من يطبقها بيسر وسهولة. فلو تم تنفيذها بشفافية ووفق قواعد سنحل مشاكلنا بهدوء ويتم توفير احتياجات المصانع وتوفير الوقود للغلابة دون معاناة وبلا أي هدر مما يوفر ثروات أجيال قادمة. وقد تقدمت بمذكرة وافية لرئيس إتحاد الصناعات وطالبته بضرورة خفض كميات الغاز والمازوت المسلمة للمصانع واللازمة لإنتاج الكميات المعتمده في السجل الصناعي المعتمد بالنسب الآتية من شهر يولية 10٪ وبعد سنة 10٪ وبعد سنة 5 ٪ وبعد سنة 5٪ أخري علي أن تتولي الشركات توفير الكمية المقابلة للخفض للحد المشار إليه عن طريق تطبيق نظم ترشيد الطاقة وكفاءة الطاقة في العمليات الصناعية أو التحول التدريجي في استخدام الطاقة المتجددة المناسبة لتقنينها او تقوم الشركة بسداد قيمة الاستهلاك من الغاز أو المازوت طبقا لتسعيرة الكميات الزائدة عن الطاقة الانتاجية الفعلية للاستهلاك كما هو وارد في السجل الصناعي للشركة. وكذلك إلغاء الدعم عن جميع مصادر الطاقة العادية من مواد بترولية وكهرباء وغاز طبيعي وإعطاء الدعم النقدي للأفراد والهيئات والمصانع. حسب الإنتاج والعمل علي تهيئة البنية التحتية لإستخدام الطاقة المتجددة وقال د. محمد سعد الدين إنه يجب إلغاء الدعم المقدم لكل المصانع سواء علي الغاز الطبيعي أو السولار أو حتي الكهرباء. لأنه سيخفض عجز الموازنة العامة بشكل كبير بالإضافة إلي إنه سيساهم في إعادة تشكيل منظومة الدعم من جديد. وقال إن الدعم النقدي بديل مناسب للتخلص من إشكالية الدعم الحالية، والتي لا تضمن وصول هذا الدعم لمستحقيه.وسيكون له أكثر من فائدة، منها إغلاق الباب أمام السوق السوداء، والقضاء علي ظاهرة التهريب، والحد من ظاهرة تخزين المواطنين للوقود بكميات أكثر من الاستهلاك قبيل الأزمات.
الفقراء والأشد فقرا
وقال د. تامر أبو بكر رئيس غرفة البترول بإتحاد الصناعات إنه يجب اتخاذ خطوات إيجابية لعلاج قصور منظومة الدعم والبحث عن حلول عاجلة لمشاكل الطاقة في مصر. وقال إن هناك عدة محاور يجب التركيز عليها أهمها عمل خطة قومية للتحول إلي استخدام الغاز الطبيعي بدلاً من المنتجات البترولية السائلة لسهولة تداوله ولرخصه ومميزاته البيئية وذلك في مجال النقل والصناعة والكهرباء .والسماح بالاستيراد الفوري للغاز السائل المنقول بالناقلات واستقباله بتسهيلات بحرية عائمة وذلك لتخزينه وإعادة تغييزه وذلك لمدة ثلاث أعوام علي الاقل.وقال تامر أبو بكر إنه يجب رفع أسعار المنتجات البترولية وأسعار الكهرباء تدريجياً مع دعم محدودي الدخل والفقراء من خلال توزيع 40٪ من الوفر الناتج من رفع الأسعار في كل مرحلة علي حاملي بطاقات التموين الذكية مع تحديث وتجديد بيانات قاعدة المعلومات الخاصة ببطاقات التموين الذكية باستمرار لضمان وصول الدعم النقدي لمستحقية مع توفير نوعين من البطاقات بطاقات لشديدي الفقر وبطاقات لمحدودي الدخل. بالإضافة إلي توزيع 20٪ من الوفر المحقق بالقطاع الصناعي نتيجة لارتفاع أسعار الطاقة كدعم للصادرات وفقا للمعايير التي يتم الأتفاق عليها مابين وزارة الصناعة واتحاد الصناعات المصرية. واقترح توزيع 40٪ من وفر دعم المنتجات البترولية الذي سيتحقق في كل مرحلة نتيجة لرفع الأسعار علي بطاقات التموين الذكية بحيث يصل نصيب كل بطاقة ذكية في آخر مرحلة لزيادة أسعار المنتجات البترولية إلي 400 جنيه شهرياً .لضمان وصول الدعم النقدي إلي مستحقيه ومحدودي الدخل فقط .مع ضرورة اتخاذ إجراءات تطوير نظام بطاقات التموين الذكية الحالي إلي نوعين من البطاقات بطاقة تموين لمحدودي الدخل وبطاقة تموين لشديدي الفقر بحيث يكون النصيب النقدي لبطاقة شديدي الفقر شهريا ضعف النصيب النقدي لبطاقة محدودي الدخل علي أن توضع المعايير والضوابط للتعريف بمن هم شديدي الفقر ومن هم محدودي الدخل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.