مرت جمعة الغضب الثانية بدون غضب علي الاطلاق وساد الهدوء ميدان التحرير ليلاً بعد انصراف الآلاف من المعتصمين عائدين بسلام إلي منازلهم والذين قد توافدوا إلي الميدان منذ الصباح الباكر وحتي ساعات متأخرة من الليل ولكن استمر بعض المعتصمين الذين أصروا علي البقاء بالميدان للاستمرار في اعتصامهم رغم اخلاء الميدان من المنصات الخمسة. شهد ميدان التحرير زحف الآلاف من المواطنين منذ ليلة الجمعة حتي وصلت اعدادهم إلي مايزيد علي 40 ألف شخص منهم من هو من ائتلاف الشباب وحركة ابريل والكثير من أعضاء الاحزاب التي مازالت تحت التأسيس الذين حضروا لاثبات وجودهم بجانب الثوار بميدان التحرير للدعوة لحزبهم وحث الشباب للانضمام إليهم وذلك من خلال منشورات توزع عليهم. كما حضر بعض السلفيين الذين رفضوا الامتثال للشيخ ياسر البرهامي كبير مشايخ الإسكندرية. أما الإخوان فقد شاهدنا العديد منهم رغم ان اعدادهم لا تمثل قوة جماعة الإخوان المسلمين الذين أكدوا علي عدم مشاركتهم في جمعة الغضب الثانية رغم ان دورهم في مثل هذه الاعتصامات كان رئيسياً في تأمين الميدان وهو ما أدي إلي تسرب التوتر إلي نفوس المشاركين لكن يتبدد ذلك بفضل اللجان الشعبية ودورها في تأمين الميدان والتي تضم شباب حركة 6 ابريل وحركة شباب من أجل العدالة والحرية وبعض المجموعات المشاركة من الشباب الائتلاف والكثير من شباب الجامعات بكليات التربية الرياضية علي مستوي الجمهورية. كان دورها كبيراً في الحفاظ علي المواطنين حيث تم التفتيش الذاتي بصورة لائقة مما جعل المكان مؤمنا تماما وذلك لغياب أفراد القوات المسلحة والشرطة. شهد الميدان انقساما بين المشاركين وكل منهم له رأي وله طلب ولكن الكل يشارك في مطلب واحد هو إعدام الرئيس المخلوع مع محاكمة نجليه ومحاكمة الوزراء المفسدين الذين نهبوا أموال الشعب. خلت إحدي المنصات ولأول مرة من رجال القوات المسلحة ولم يجلس عليها غير الدكتور جمال زهران نائب مجلس الشعب السابق والدكتور عمرو حمزاوي الاستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية والشيخ محمد جبريل والمستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة سابقا أما الكاتب الصحفي محمد عبدالقدوس رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين وأحد المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين ومن النشطاء السياسيين فقد كان يقف وسط المشاركين بالميدان حيث أكد انه علي الرغم من امتناع الإخوان المسلمين من الحضور إلي جمعة الغضب الثانية إلا انني فضلت المشاركة لانه من الضروري ان تتحقق المطالب التي نادي بها ملايين المواطنين الذين قاموا بثورة 25 يناير من أجل تحقيقها بالاضافة إلي البطء الشديد في محاكمة رموز النظام السابق رغم إثبات ادانتهم في الفساد وقتل المتظاهرين. كما ابدي استياءه من الانفلات الأمني الشديد في شوارع القاهرة الكبري والمحافظات كلها فضلا عن غلق بعض الكنائس مما يثير حفيظة الاخوة المسيحيين وافتعال المشاجرات التي تؤدي إلي فتنة طائفية. قال الدكتور عمرو حمزاوي: المشاركة في جمعة الغضب هذه كانت بسبب عدم اتخاذ القرارات الحاسمة في محاكمة مبارك ونجليه وعدم الشعور بتطبيق الديمقراطية بين أفراد الشعب والعمل علي تخويفهم بوضع عدة أحكام وقرارات لمن يقوم مثلاً بوقفات احتجاجية سلمية أمام مقر عمله. أكد علي حق التظاهر السلمي لجميع المصريين وحقهم في المشاركة لإسقاط ثورة 25 يناير العمل علي تنفيذ كل مطالبها التي أوشكت علي الضياع مع أنني أؤكد أن المجلس العسكري كيان له احترامه والاختلاف معه شيئاً آخر. أما حسام الصياد عضو ائتلاف شباب الثورة أكد أننا سنظل نعتصم من جمعة إلي جمعة حتي تنفذ جميع مطالبنا وهذا ما اتفقنا عليه اليوم في ميدان التحرير لأنه إن لم تكن هناك خطوات جادة في تنفيذاً لأحكام الجنائية علي المفسدين من الوزراء والرئيس المخلوع ونجليه لن نقف نتفرج علي التقاعس في تنفيذ الأحكام والقرارات بشأن المحاكمات. أضاف فرغم أن مبارك قد تحول إلي محكمة الجنايات إلا أنه مازال يقيم بمستشفي شرم الشيخ ولم نر نقلاً حقيقياً قد تم لسجن مزرعة طرة كما هو يتردد دائماً وهذا يؤكد أنهم ليسوا عندهم نية حقيقية للنقل. أوضح صلاح عبدالكريم عضو ائتلاف شباب الثورة كان لابد من التصميم علي الاعتصام بالميدان حتي يتحرك المجلس العسكري من أجل تحقيق جميع أهداف الثورة والتي مازالت في مهدها ونخشي أن تجهض قبل أن نجني ثمارها بمعاقبة ومحاكمة المفسدين وخاصة حبيب العادلي قاتل الشهداء الذي لم نره إلا مرة واحدة داخل قفص الاتهام. وعلي هامش اعتصام ميدان التحرير كانت هناك فئة تبحث عن رزقها بين المعتصمين وهم الباعة الجائلون الذين انتشروا في كل مكان بارجاء الميدان لبيع السميط والبيض والشاي وهناك من قام بالتسول من الأطفال المتشردين بالشوارع والعجائز من الرجال والنساء الذين وجدوا أن هذه فرصة للكسب والتعاطف من المعتصمين معهم نتيجة لمظاهر الفقر المرسومة علي وجوههم وتؤكدها ملابسهم الرثة. ردد المتظاهرون العديد من الهتافات والشعارات المعبرة عن مطالبهم قائلين: حد أدني للأجور للعيشين في القبور.. وحد أقصي للأجور للسكنين في القصور.