الأحد الماضي بينما كان يشارك ملايين المصريين في احتفالات تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسي وقع حادث تحرش بميدان التحرير.. تفاوتت الآراء حول تفسيره. البعض قال إن وراء الحادث هدفاً سياسياً هو افساد فرحة المصريين وتشويه العرس الديمقراطي الذي شهدته مصر أمام العالم مؤخراً.. والبعض الآخر قال انه انفلات أخلاقي تفرزه ثقافة الزحام وضربوا مثلاً بالحادث الشهير أمام إحدي دور السينما بوسط البلد عندما كان تعرض الفنانة دينا أحد أفلامها. بوجه عام أياً كان السبب أو الدوافع وراء الحادث فهو حادث مؤلم وأصابنا جميعاً بالخوف علي أنفسنا وعلي بناتنا ويجعلنا نتوقف أمام هذه الظاهرة الدخيلة علي مجتمعنا المعروف بالتدين وتمسكه بالمبادئ والأخلاق وشهامة ومروءة ابنائه. المشكلة الأساسية التي يجب أن نعترف بها أن الدولة علي مدار عقود طويلة لم تعط اهتماماً كافياً للتنمية البشرية والمجتمعية وانصب الاهتمام فقط علي النهوض بالاقتصاد والاستثمار دون النهوض بالإنسان الذي هو أساس المجتمع.. لا ننسي أن لدينا ظاهرة عشوائيات يقطنها ملايين المواطنين المحرومين من الخدمات.. وهي مشكلة كفيلة بتفريخ أجيال غير أسوياء ساعدت علي انتشار مثل هذه الجرائم. وخلال مشاركتي في ندوة نظمتها لجنة الحريات بنقابة الصحفيين طرحت د. فادية أبو شهية الأستاذ بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية ملامح المشكلة وكشفت أن التحرش منتشر وبشدة بين طبقات الشعب المصري المختلفة وأن نسبة ما يتم الابلاغ عنه من هذه الحالات لا تتجاوز 5% فقط مما يعني وجود فتيات وسيدات كثيرات يخشين الافصاح عما جري لهن خوفاً من العار أو الفضيحة المترتبة عليها. د. فادية رصدت 9 أسباب وراء ظاهرة التحرش وهيعلي رأسها مايلي * الابتعاد عن القيم الدينية والأخلاقية وغياب منظومة الأسرة عن القيام بدورها الأساسي في التربية والتنشئة الصحيحة واتجاهها نحو جمع أكبر قدر ممكن من المال في ظل ظروف اقتصادية بالغة السوء والصعوبة. * اختفاء دور التربية والتعليم في المدارس والمعاهد والجامعات. * الفراغ الهائل الذي يعاني منه الشباب بسبب البطالة المتفشية واختفاء الساحات الرياضية التي يفرغ فيها الشباب طاقاته وتحولها لمقالب قمامة. * تنامي مشكلة العشوائيات التي تفرز مجرمين للمجتمع. * ارتفاع سن الزواج وتكاليفه وتفشي العنوسة فهناك 8 ملايين شاب جاوزوا سن الخامسة والثلاثين بلا زواج. * انتشار الفضائيات والمواد التليفزيونية الاباحية واللا أخلاقية. إذا كانت الدراسات أفادتنا بالأسباب فعلينا علاجها خاصة أن مصر أقرت الأسبوع الماضي تعديلاً قانونياً يعاقب مرتكب التحرش الجنسي بالسجن ستة أشهر علي الأقل أو بغرامة قدرها 3 آلاف جنيه اذن فالشق القانوني موجود يبقي دراسة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية وايجاد حل للفقر والبطالة والعشوائيات ومن قبل ذلك الاهتمام بالتربية والتنشئة.