مئات الآلاف شاهدوا فيلم "موت مارلين مونرو" علي اليوتيوب youtube ومن المؤكد أن أضعاف أضعاف الاعداد المذكورة تابعوا ما كتب عن حياتها ومماتها. فقد عاشت كأسطورة حية بينما موتها المفاجئ والغامض مازال يحمل علامة استفهام كبري رغم مرور أكثر من نصف قرن "ماتت 4 أغسطس 1962". هل كانت النهاية انتحار أم اغتيال؟؟ الفيلم المعروض علي الإنترنت يعيد إنتاج التحقيقات التي شاركت فيها مؤسسات رسمية عديدة منها مكتب التحقيقات الفيدرالي والطب الشرعي واطباء السموم واطباء النفس...الخ. لم يصل التاريخ إلي القول الفصل - حسب الفيلم - ونظريات المؤامرة مازالت تفسح المجال لروايات محملة بشحنات من الإثارة حول فاجعة الوفاة لمن اعتبروها رمزاً للجمال المطلق وتجسيداً للحلم في بلد يتجاوز فيه الواقع أكثر شطحات الخيال غرابة والمدهش أن الناس تستقبل الطبعات الجديدة للحكاية القديمة بنفس الحماس وكأنهم أمام فيلم يشاهدونه لأول مرة.. مارلين لو قدر لها الحياة لكان عمرها الآن 98 سنة. ولكن الموت في ذروة الشباب وعلي هذا النحو الغامض أبقاها كأسطورة ليس فقط للجمال وإنما المأساة في اكثر أشكالها اكتمالا وألما. مارلين مونرو "1926 - 1962" بنت حرام لم تعرف علي وجه اليقين من هو أبوها. أمها سكيرة ضائعة تخلت عنها وأودعتها بملجأ للأيتام. أنوثة فاتنة جري انتهاكها منذ الطفولة من قبل عدد لا يحصي من الرجال. تزوجت مرارا ولم تنجب. ومن بين أزواجها الأديب والمفكر الأمريكي ارثر ميللر الذي رفض ان ينجب منها وكان يجبرها علي الاجهاض إذا مابدت بوادر حمل. امرأة عرفت الثراء والرجال والشهوة والشهرة كما عبر عنها أعتي الرجال من زمانها ذاقت الفقر و البؤس في أكثر اشكالها قسوة ولا أعني الفقر المادي وإنما الإنساني والعاطفي والأمني. عاشت حياة خالية من أي لحظة صدق اللهم أدراكها انها مجرد دمية مصطنعة. لا تملك حياتها التي كانت حسب - ما أتخيل - تجسيداً مؤلما لحياة دنيوية حسية مزيفة لا مشاعر ولا أمان ولا احترام للذات رغم مظاهر الابهة والإبهار. ربما سمعت مارلين كامرأة أعذب أدبيات الغرام والغزل والعشق وكل ما يمكن أن يتاح لامرأة في مثل جمالها الحسي المثير. وربما التقت بأعتي الرجال قوة وهي تدرك في أعماقها أنهم بشر جيف ومجوفون وبلا قلوب. ومنتهي العذاب فعلا أن يعي المرء حقيقة هذا كله ولا يملك شيئاً إزائه. ومن أكثر ما قرأت وملأني بالدهشة ما ذكره حسنين هيكل عن مارلين مونرو في كتابه "كلام في السياسة" ونحن نعرف أن حياة مارلين مونرو - الدمية الجميلة - اختلطت فيها السياسة والسينما والجريمة ونشاطات أجهزة الأمن ونزوات زعماء أكبر دولة في العالم. يقول الاستاذ هيكل في مجري حديثه عن اسرة جون كيندي "... إن قصة جون كيندي" وعائلته كانت إعادة في العصر الحديث لقصص عائلة "بورجيا" في أواخر القرون الوسطي في إيطاليا وهي أسرة مجنونة بجمع الذهب وتكديس الثروة طلبا للملك.. إن نفس المشاهد تكررت تقريبا مع عائلة كيندي فالعائلة جمعت ثروة طائلة من المضاربة والتهريب والتعامل خفية مع عصابات المافيا. ثم كانت الثروة التي تركزت في يد الأب "جوزيف كيندي" سبيله إلي شراء التأثير السياسي "وغير السياسي أيضا" وكانت أمواله هي التي حملت ابنه إلي البيت الأبيض. وقد دخل "جون" إلي البيت الأبيض وفي يده زوجته الجميلة "جاكلين" ولكن غرائزه كانت مسكونة بامرأة أخري هي نجمة الإغراء الأشهر في القرن كله "مارلين مونرو" وبنزوة نجمة راحت "مارلين مونرو" تلح علي كيندي أن يعترف بعلاقته بها وتهدده بإذاعة سره. ولم يتورع "كيندي" عن إصدار الأمر بقتلها والغريب أن الذي تولي تدبير القتل - مستعينا بعناصر من المافيا شقيقه "روبرت" المدعي العام - أي وزير العدل - لكن روبرت قبل أن ينفذ أمر القتل لم يتورع عن غواية المرأة التي كلف بتصفيتها وأقام علاقة معها. وبعدها وليس قبلها حضر بنفسه عملية حقنها بإبرة تحمل سما لضمان صمتها وبحيث يكون الصمت أبديا "ص23". واعتمد الاستاذ هيكل في معلوماته علي تقرير لمكتب التحقيقات الفيدرالي مقدم إلي إدجار هتوفر قدمه إليه مساعده كورتني ايفانز الذي شارك في متابعة جريمة انتحار - قتل مارلين مونرو....الخ التفاصيل. الوقائع تتجاوز الخيال.. وحياة نجمة تلخص معني الحلم الكابوس. لمجتمع النفوذ والمال أو الجريمة.