رغم الزيادات الكثيرة التي طرأت علي الأجور والمرتبات علي مدي السنوات السابقة.. فإن الحقائق علي الأرض تؤكد أن هذه الأجور وتلك المرتبات لا يمكن أن تجعل المواطن يعيش حتي حياة متوسطة في ظل الالتهاب المتصاعد في أسعار كل السلع والخدمات. إن هذه الزيادات السنوية المتتالية والتي أضيفت علي أجور ومرتبات كل العاملين في الدولة.. للأسف الشديد اصبحت لا تتناسب أبداً مع قفزات الأسعار التي غالباً ما تكون غير مبررة. صحيح أن هناك بعض الحلول لتوفير سلع بأسعار معقولة مثل المجمعات الاستهلاكية ومثل منافذ القوات المسلحة والوزارات المختلفة.. إلا أن جعبة التجار لا تخلو من الألاعيب والحروب المعلنة والخفية لوأد أي مشروع. *** من هنا.. يجد الموظف أو العامل نفسه محاصراً إلي حد الخنق.. بين مرتب أو أجر لا يسمن ولا يغني من جوع. وبين متطلبات حياة. وبين نظرات حرمان في عيون أولاده تقض مضجعه وتفزعه في منامه. ليس هناك أب سوي إلا ويريد أن يعيش أولاده حياة كريمة ويتمني أن يوفر لهم كل متطلباتهم. لكن.. كيف.. وهو يري الأسعار يجرها صاروخ لأعلي. ومرتبه تشده سلحفاه؟ انا لا اعتب علي الدولة أو علي الشركات العامة وأصحاب الأعمال. فماذا تفعل الدولة في ظل موارد ثابتة. وتحديات وأزمات عالمية متلاحقة تؤثر حتماً علينا. واستهداف خارجي لنا يصل إلي حد الحروب الباردة. وبطالة حقيقية. وأخري مقنعة هي الأخطر علي حاضرنا ومستقبلنا؟ وماذا تفعل الشركات العامة وأصحاب الأعمال وعليها وعليهم أعباء كثيرة.. بعضها تركة ثقيلة والبعض الآخر مستحدث نتيجة ظروف محلية وعالمية؟ *** لذا.. فإنني بكل حواسي ومشاعري مع وضع حد أدني للأجور.. لا يكون مغالي فيه. وأيضا يكون واقعياً ومنطقياً. لا أطالب بأن يكون هذا الحد فوق الألف جنيه.. ولكن أيضا لا يمكن أن يكون 400 جنيه كما قدره المجلس القومي للأجور ورفضه اتحاد العمال وأرفضه انا أيضاً.. بل ويرفضه كل عاقل ومنصف. من أين تأتي الدولة أو الشركات العامة أو حتي أصحاب الأعمال ولو كانوا مليونيرات بمرتبات وأجور فوق الألف جنيه للموظف أو العامل؟ وماذا تصنع ال 400 جنيه للوفاء بمتطلبات الحياة من مسكن ومأكل ومشرب وملبس وتعليم وعلاج.. إلخ.. ولن اتحدث عن النواحي الترفيهية التي يحتاجها كل إنسان علي وجه الأرض. ثم.. لماذا يكون حداً موحداً؟.. هل كل الموظفين والعمال علي درجة واحدة من الكفاءة والالتزام والعطاء؟.. لماذا لا يكون هناك أكثر من حد أدني بحيث يتم تصنيف العاملين وفق كفاءتهم وجهدهم وإنتاجهم وانضباطهم؟ *** أخشي ما اخشاه إذا كان الحد الأدني مبالغاً فيه أن يستغني أصحاب الأعمال عن معظم العاملين لديهم لينضموا إلي طابور العاطلين والإبقاء علي عدد محدود.. ثم يلتفوا حول القرار ويتفقوا مع عمال جدد كعمالة موسمية بدون تأمينات أو رعاية صحية واجتماعية وبأجور أكثر تدنياً من الموجودة حالياً.. وساعتها سيوافق العامل أي عامل رغم أنفه نظراً لحاجته الشديدة إلي أي دخل. فهل هذا الوضع سيكون منصفاً ومنطقياً لمن يطالب بحد أدني فوق الألف جنيه؟! أيضاً.. لا يمكن بأي حال أن تظل الأجور والمرتبات علي ما هي عليه. ولا العلاوة الدورية كما هي.. لأن ذلك معناه إهمال جوانب حياتية كثيرة مثل التعليم والعلاج والكساء وغير ذلك.. مما يزيد من أعداد الأميين والمرضي.. و.. والعرايا. أرجو أن يتم التوصل وبسرعة إلي حل منصف لكل أطراف العمل. أريحونا.. اراحكم الله.. في الدنيا والآخرة.