تعد سوهاج واحدة من أكبر محافظات الجنوب مساحة وسكانا لكن في المقابل منسية وهي عاصمة الفقر وأقل محافظات الصعيد حظا بها 60 قرية من 100 قرية الأفقر علي مستوي الجمهورية. هي الوحيدة التي أعلنت عجز الموازنة وإفلاس خزينتها. وبها أعلي نسبة بطالة وأمية لذلك هي أكبر محافظة طاردة للسكان. كم من محافظ تعاقب عليها وأطل علي أبنائها بتصريحات وردية قائلا: "سوهاج ستكون من المحافظات الأولي في التنمية والاستثمار" لكن الواقع كان عكس ذلك. "المساء" التقت عددا من أبناء المحافظة للتعرف علي معاناتهم. يقول عبدالعال صابر "موظف" مقيم بالكوثر. إن طريق البحر الأحمر أصبح جثة هامدة. أكد محمد أبوخضرة "المسئول الإعلامي لحركة تمرد بسوهاج" إن ملف العشوائيات من أهم الملفات الشائكة بالمحافظة. مشيرا إلي أن هناك 67 منطقة عشوائية و14 منطقة غير آدمية إلي جانب مشكلة قري الظهير الصحراوي. أشار د. خالد كاظم "مدرس علم الاجتماع بكلية الآداب" إلي أن هموم ومشاكل سوهاج إرث تتناقله الأجيال مؤكدا أن البطالة تمثل عائقا تنمويا كبيرا بالمحافظة. أوضح المهندس محمد علي ربيع أن سوهاج كانت في طي النسيان ومظلومة دائما وحقها "مهدر" وكأنه مكتوب عليها ذلك. مشيرا إلي أن رجال الأعمال في مصر أغلبهم من سوهاج ورغم ذلك تعد محافظة فقيرة وطاردة لسكانها. تساءل ربيع: لماذا لا تقام مثلا مصانع كبيرة للأسمنت أو الحديد أو الأسمدة لاستيعاب أكبر عدد من العمالة بدلا من هجرتها ولماذا لا تتم الاستفادة منها في تسويق المنتجات الزراعية؟ أضاف محمود الشندويلي رئيس جمعية مستثمري سوهاج ان حوالي 30% من إجمالي المشروعات والمصانع بالمحافظة متوقفة بسبب وجود مشاكل من أهمها التسويق والتمويل مما ألحق أضرارا بالغة لدي المستثمرين وكذلك العاملين بالمصانع والشركات. يري محمد علي عرابي "عضو مجلس محلي سابق" ان قري سوهاج نموذج سيئ لتوزيع الخدمات والمرافق. وتناول عبدالله خلف "موظف" ظاهرة فوضي انتشار السلاح الذي تم تهريبه عقب ثورة 25 يناير من ليبيا وبعض الدول الأخري إلي مصر خاصة محافظات الصعيد ومنها سوهاج. أكدت لمياء حمودي "وكيلة مدرسة" ان سوهاج تعاني نقصا في كثير من الخدمات الطبية ويتكبد أبناؤها رحلة عذاب ومشقة مادية وإرهاق بدني للوصول إلي أقرب مستشفي موضحة أن معظم مستشفيات المحافظة حالها لا يسر عدوا ولا حبيبا والداخل فيها مفقود والخارج منها مولود. كما أن الدواء غير متوفر بها بالإضافة إلي وجود عجز في عدد الأطباء. أضاف خالد مهران رئيس اتحاد المعلمين الأحرار بسوهاج ان مدارس المحافظة هي الأخري تعاني نقصا في عمال الخدمات. علاوة علي ارتفاع الكثافة الطلابية والتي تصل في بعض الأحيان إلي 50 60 طالبا بالفصل. قال السيد التلاوي أمين عام حزب الغد بسوهاج إن المحافظة تمتلك آثارا مهمة لكنه لم يتم تسويقها. مشيرا إلي أن متحف سوهاج لم يتم الانتهاء من العمل به رغم مرور أكثر من ربع قرن علي بدئه. أوضح مؤمن الزناتي "منسق التيار الشعبي بسوهاج" ان المحافظة مظلومة سياحيا بالرغم من توافر عوامل النجاح بها حيث توجد بها العديد من المناطق الأثرية المهمة في مقدمتها معبد أبيدوس بمركز البلينا ومنطقة أخميم. أشار محمود عبدالوارث "سائق" إلي أن المناطق الصناعية الأربع تعاني الإهمال و30% من مصانعها توقفت عن العمل مما أدي إلي ارتفاع نسبة البطالة بين أبناء المحافظة. أضاف ممدوح كوكب "إعلامي" ان حالة مياه الشرب سيئة مما دفع الأهالي إلي الاعتماد علي الآبار الارتوازية رغم ارتفاع نسبة الأملاح والمنجنيز بمياهها الأمر الذي يتسبب في إصابة المواطنين بالأمراض خاصة الفشل الكلوي. مطالبا بضرورة الانتهاء من تنفيذ مشروعات الصرف الصحي بالمدن ورصف الطرق إلي جانب إحلال وتجديد أسلاك الكهرباء وإنشاء محطات تحلية للمياه. أوضح عبده علي "مزارع" ان المزارعين باعوا أراضيهم الزراعية بأثمان بخسة وهاجروا للعمل بالمدن أو خارج البلاد بسبب ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي من المحاصيل. أضاف أحمد صادق عبدالغني "بالمعاش" ان التعديات علي الأراضي الزراعية التهمت مئات الأفدنة من أجود التربة بسوهاج. أشار عبده محمود فضل "موظف بالآثار" إلي ظاهرة انتشار الباعة الجائلين في الميادين والشوارع والتي أصبحت مشكلة تؤرق المجتمع السوهاجي وكذلك انتشار "التوك توك" كالسرطان في شوارع القري والمدن. بالإضافة إلي سيطرة مافيا الميكروباص علي مواقف الأجرة علي مستوي المحافظة. طالبت مايسة الشريف المدير التنفيذي لجمعية تحسين الصحة بسوهاج بضرورة وضع خطة للقضاء علي ظاهرة أطفال الشوارع من خلال الرعاية والاهتمام بهم بدلا من أن يصبحوا قنابل موقوتة بالمجتمع. من جانبه قال المحافظ اللواء محمود عتيق إن هموم ومشاكل سوهاج كثيرة ولن يتم حلها في يوم وليلة لكن بالإرادة وتكاتف أبنائها ستنال حظها ويتم وضعها علي الخريطة. مشيرا إلي أنها عانت من الظلم في العهود والعقود الماضية وآن الأوان لتنال حقها وتتخلص من براثن الأنظمة السابقة. أكد "عتيق" انه عقب ثورة 30 يونيو بدأت المحافظة تخوض حربا ضد الفقر بتطبيق خطة استراتيجية تنطلق من محورين أولهما يتمثل في تعزيز الاهتمام بمشروعات تطوير الخدمات لمواطني المحافظة ومنها الصرف الصحي والكهرباء ومياه الشرب ورغيف الخبز والطاقة. وثانيهما يقوم علي زيادة المخصصات المالية للمحافظة من خلال دعم إضافي للمناطق الصناعية وزيادة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة ودعم الصناعات الحرفية إلي جانب استغلال قدرات المحافظة الأثرية لزيادة أعداد السائحين الوافدين إليها مشيرا إلي أنه تم تخصيص ملياري جنيه للبنية الأساسية للمحافظة.