شعب مصر ليس خانعاً. ولا متبلداً. ولا ناكراً للجميل. بل هو قوي الذاكرة. طويل النفس طول تاريخه الممتد حوالي عشرة آلاف عام.. وهو يملك الذكاء والحكمة ورهافة الحس والإدراك.. فلا أحد يستطيع خداعه. وإن إدعي ابتلاع الطعم وتقبل الخدعة!! كل حاكم مر علي هذا الشعب وقهره وظلمه انتقم منه الشعب حياً: بالسخرية وبالشائعات وبالمقاومة السلبية. ثم بالثورة الجامحة التي تجتث الظالمين وذيولهم. كما حدث مؤخراً في ثورة 25 يناير وموجتها الثانية في 30 يونيه.. وانتقم منه ميتاً بتجاهله ونسيانه!! والجهلاء بتاريخ هذا الشعب يظنونه مغفلاً!! يضحكون عليه ويضمنون ولاءه بكيلو سكر وزجاجة زيت وزبيبة فوق الجبهة ولحية علي الذقن!! والشعب الحكيم يمد لهم الخيط مداً حتي يلتف هذا الخيط علي رقاب الكاذبين فيخنقون أنفسهم. ويسقطون من ذروة الحكم والسلطة إلي هوة سحيقة لن يخرجوا منها أبداً!! واسألوا بديعاً والشاطر والعريان والبلتاجي والعياط. وسائر هذه الاسماء الغريبة والدخيلة علي هوية مصر والجاهلة بتاريخ المصريين وحكمتهم. قد يظن الجاهلون أن المخلصين لهذا الوطن لا مكان لهم. وأن كل الأمواج المعادية ضدهم ستغرقهم. فإذا بهؤلاء المخلصين يعيشون في حضانة الشعب. في وجدانه. في عقله. وينتقل هؤلاء الوطنيون المخلصون الأبطال من جيل لجيل أحياء يرزقون رغم مرور العقود والقرون.. والنموذج الكبير والمتجدد هنا هو جمال عبدالناصر الذي هزمه أعداء الوطن: انجلترا وفرنسا وأمريكا والصهاينة. وتحالف معهم أعداء الداخل: الإخوان المتطرفون الإرهابيون والإقطاعيون والفاسدون. حتي ظنوا جميعاً أن عبدالناصر قد مات برحيله عن حياتنا الدنيا. وأن تجربته قد انتهت للأبد. وأن الوطنية المصرية والقومية العربية وإنسانية الإنسان لن تقوم لها قائمة بعد رحيله في مصر وسائر أقطارنا العربية. لقد خابت ظنون الجاهلين والأعداء. وبرزت روح عبدالناصر - وحده من بين الراحلين - في ميدان التحرير وسائر ميادين مصر. وعادت قيمه وشعاراته ومبادئه: "عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية" لتملأ الآفاق وتصرح بها ألسنة الثوار الأحرار في مصر وخارج مصر. مرة أخري يطل عبدالناصر: الفكرة والمبدأ ليخوض معركة انتخابات الرئاسة الحالية.. فلا تري في الساحة سوي روحه وأفكاره.. فبطلا هذه المعركة ابنان من أبناء الزعيم: أولهما المشير عبدالفتاح السيسي المنتمي لعبدالناصر مهنياً: كضابط. ووطنياً مغامراً من أجل مصر حين لبي مطالب الشعب وتصدي لعصابة الإرهاب التي استولت علي السلطة. والمنافس الثاني حمدين صباحي خرج من عباءة الزعيم وتربي علي أفكاره..