فجأة ظهرت مبادرة "مصر الجميلة" التي تتبناها وزارة الثقافة مدعومة من وزارتي الشباب والسياحة .. والغرض منها كما أعلن وزير الثقافة د. محمد صابر عرب هو استعادة مصر الجميلة بفنونها وتراثها وزيادة وعي المواطنين بما تمتلكه بلادهم من إرث حضاري يجعلها في مقدمة الدول العظمي ثقافياً يبدو أن فكرة المبادرة تمت صياغتها علي عجل ودون حوار ثقافي المفترض أن تجربة الوزارة مع المثقفين المعنيين بمثل هذا الأمر .. فالوزارة . أيا كانت إمكانات مسئوليتها. ليست مخولة بالتفكير نيابة عن أصحاب الشأن. والتنفيذ هكذا دون أي دراسة لطبيعة البلاد والقري والنجوع التي ستتوجه إليها القوافل الفنية ضمن هذه المبادرة. المفترض أن القوافل الثقافية ستتوجه إلي الأماكن النائية والمحرومة من الخدمة الثقافية. وهذا أمر جميل ومطلوب . لكن ماذا ستقدم هذه القوافل أساساً وهل تم إعداد مواد خاصة لتقديمها في هذه الأماكن بما يتناسب مع ظروفها البيئية والاجتماعية أم أن قطاعات الوزارة قدمت مالديها والسلام؟.. الواقع يقول إن قطاعات الوزارة قدمت ما لديها والسلام دون إعداد أو تخطيط مسبق منما يؤكد أن الأمر مجرد بروباجندة لن تؤتي ثمارها ولن تؤدي إلي استعادة مصر الجميلة ولا يحزنون. خذ عندك مثلا بعض البرامج التي تقدمها هذه القوافل فمن المفترض أن تكون فرقة النيل للآلآت الشعبية قد قدمت عروضها في طهطا بسوهاج وأسيوط وأبو قرقاص بالمنيا ثم بني سويف والفيوم.. وهذا أكبر دليل علي أن أحدا لم يخطط ولم يدرس.. فماذا ستضيف فرقة النيل للآلات الشعبية لأماكن كتلك كل من فيها تقريباً يستمع إلي الغناء الشعبي في الأسواق والأفراح والشوارع حيث يكاد خبزاً يومياً بالنسبة لهم فما الجديد إذن.. وألم يكن من الواجب إعداد عروض مسرحية مثلا تناسب هذه البيئة أو تلك وتقديمها لمواطنيها لحثهم علي التفكير والمناقشة بدلا من الاستماع إلي أشياء ملوا أساساً من الاستماع إليها؟ وهكذا فإن معظم الأنشطة الفنية والثقافية التي تقدمها القوافل لا علاقة لها بالواقع أساساً. ولو كان الغرض من القوافل هو غرض تثقيفي فعلاً فلماذا لا نستغل العروض الفنية التي يمكن أن تجتذب قدراً من الجمهور في بعض الأماكن طبعاً وليس كلها ونعقد قبلها ندوات فكرية وثقافية يشارك فيها المواطنون بالحوار والمناقشة .. ونقيم كذلك أمسيات شعرية حتي لشعراء المنطقة التي تتوجه إليها القافلة.. أم أن الثقافة تقتصر علي عروض الفنون الشعبية وبعض العروض المسرحية المنتجة أساساً ولا تصلح لتقدم في جميع البيئات. إن المتأمل لبرامج القوافل الثقافية التي سيرتها قطاعات وزارة الثقافة إلي الأقاليم يدرك بما لايدع مجالاً للشك أن مثل هذه المبادرة لن يكتب لها النجاح ولن تحقق الغرض منها... ذلك أنها أعدت علي عجل وبعيداً عن أصحاب الشأن وبعيداً عن أي دراسة جادة لمتطلبات الناس في الأقاليم وكأن الأساتذة القابعين في القاهرة يعرفون احتياجات الناس أكثر من الناس أنفسهم وهو أمر إن دل علي شيء فإنما يدل علي التعالي وعدم أخذ الأمور علي محمل الجد.. هل تراجع وزارة الثقافة نفسها وتسأل المعنيين بالأمر قبل أن تقدم علي نشاط مثل هذا هذا أم تستمر في تقديم أنشطة لا يعني بها أحد ولا تحقق الغرض المطلوب منها؟ مجرد أسئلة إلي وزير الثقافة د. محمد صابرعرب ورؤساء القطاعات المشاركين في هذه المبادرة وهم سعد عبد الرحمن رئيس قصور الثقافة. ومحمد أبو الخير رئيس قطاع الإنتاج الثقافي. وفتوح أحمد رئيس البيت الفني للمسرح. وعماد سعيد رئيس البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية لأن المسألة مش ناقصة استعراض.