شبكات التواصل الاجتماعي علي الإنترنت "الفيس بوك وتويتر" أصبحت مؤثرة بشكل كبير في سلوك المجتمع فالبعض لا يري بها سوي الجانب السلبي فقط بعيداً عن الاستفادة من كم المعلومات الهائل عليها بالاضافة للسرعة الفائقة في الحصول عليها وأصبح لها محاذير شديدة علي الأسرة المصرية وتماسكها وقيمها الأخلاقية التي نتحلي بها وأيضا علي التجمعات العمالية ومؤسسات العمل بكافة درجاتها لاستخدامها من قبل البعض في إفشاء أسرار العمل والتشهير بالزملاء وتبادل الاتهامات ونشر أسرار الاجتماعات المغلقة لاشاعة جو من البلبلة وعدم الاستقرار. طالب الخبراء بضرورة عمل التوعية اللازمة للمجتمع والعمل علي الاستفادة من هذه التكنولوجيا لحماية الأسرة والمجتمع من كل الأفكار والعادات التي لا تتلاءم مع عاداتنا وتقاليدنا للحفاظ علي كيان الأسرة حيث أصبحت هذه الشبكات من أهم العوامل المؤدية للطلاق. أيضا العمل علي ضرورة مسايرة القوانين واللوائح داخل المؤسسات العمالية لتساير هذه التكنولوجيا ووضع الجزاء الرادع لكل من يفشي أسراراً قد تضر بمكان عمله. توضح الدكتورة هدي زكريا أستاذ علم الاجتماع جامعة الزقازيق ان شبكات التواصل الاجتماعي هي أحد أهم الاختراعات لتطوير وربط المجتمعات الانسانية لجعل كل سكان الكرة الأرضية يتواصلون عبر هذه الوسائل بعيداً عن عوامل المسافة والزمن بينهم وهذا فعل انساني وحقيقة وواقع لابد من التعامل معه بكل سلبياته وايجابياته. أضافت أن الأسرة وجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع هذا العالم بعد تخلي الدولة عنها رغم أن الأسرة المصرية هي أهم وحدة بالمجتمع لما لها من دور اجتماعي لتربية الأجيال وغرس القيم والأخلاق بداخلهم. أصبحت الأسرة في مشكلات كثيرة بسبب انصراف الأبناء لتلك الشبكات والتشبع بالأفكار المغلوطة في ظل انشغال بالعمل لتوفير متطلبات الحياة. تؤكد أن المجتمعات المستقرة تجعل من الحوارات علي تلك الشبكات وسيلة للتواصل ونقل الأفكار وتبادل المعلومات ولكن لأن الأسرة المصرية والشباب بداخلها يعانون من مشكلات اجتماعية ومادية وبطالة ويعيشون تحت ضغط متطلبات الحياة فذهب الشباب لتفريغ طاقاته بطريقة خاطئة علي تلك الشبكات وانصرف الأب هو الآخر عن الأسرة لعالم يريده لنفسه. أضافت ان شبكات التواصل الاجتماعي كشفت أن الطرق القديمة لتربية الأولاد لم تعد ذات جدوي الآن لأن الأولاد ذهب كل منهم لعالمه الخاص بعيدا عن رقابة الوالدين وأصبحت الرقابة عليهم شبه مستحيلة ولابد من ايجاد طرق جديدة للتربية والتخلص من الطرق القديمة لتواكب العصر الحالي حتي لا يعلنوا العصيان علي شبكات التواصل الاجتماعي وتكون هي منافسا شديدا لدور الأسرة وتنقلب عليه في أوقات كثيرة. تقول الدكتورة سامية خضر أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس ان العالم يعيش ثورة معلومات من خلال شبكات التواصل الاجتماعي فهي ثورة علمية بكل المقاييس ويجب علينا ان نستفيد بهذا الكم الهائل من المعلومات المتاحة عليها ونأخذ منها الجانب الايجابي لأنها لا تعترف ولا تتقيد بالتقاليد أو العادات أو الدين فهي سوق بها كل ما هو ايجابي وسلبي وعلينا الاختيار!! ولابد ان تكون النشأة لأطفالنا منذ نعومة أظافرهم مرتبطة بالعادات والتقاليد والدين والوطنية المصرية لتخصينهم ضد هذا الغزو الثقافي من خلال تلك الشبكات وعلينا أيضا ان نصادق أطفالنا من مرحلة KGI حتي لا يلجأوا لشبكات الانترنت. وتضيف سامية خضر ان ما يقرب من 70% من اجمالي مستخدمي شبكات التواصل يركزون علي موقع الفيس بوك وأصبح بديلا عن اللقاءات بين الأصدقاء وجها لوجه مما يفقدنا المشاعر الانسانية وأصبح الانسان يتواصل مع أشخاص بعيدين جغرافيا عنه وفي نفس الوقت يفقد اهتمامه بأسرته ومحيطه الاجتماعي. أصبح هناك فجوة بين أفراد الأسرة الواحدة حتي انه أصبح من أخطر العوامل التي تهدد وحدة الأسرة وتماسكها وتغير المشاعر والأحاسيس بين الزوجين ويجعل الرغبة الطبيعية بينهم ضعيفة وتجعلهم منفصلين عن بعضهما كل في عالمه الخاص. وتؤكد د. سامية خضر أن هناك حالة طلاق تتم في مصر كل 5 دقائق وهي نسبة عالية جدا انصراف الزوج لشبكات الإنترنت أحد أهم أسبابها وخصوصا ما يسمي بغرف الدردشة لتصبح الرغبة عنده مشفرة والكترونية ويغيب عن أداء دوره الحقيقي تجاه زوجته وأيضا أبنائه ويضع كل اهتماماته تجاه عالمه الافتراضي الذي يحلم به ويحققه علي شبكات التواصل؟! تؤكد الدكتورة ملكة دراز الداعية الإسلامية واستشاري الأحوال الشخصية. أننا انحرفنا عن المسار الأساسي الذي من أجله ذهب العلماء إليه في اختراعهم للإنترنت ليقرب بين المجتمعات البشرية المتباعدة وجعلها قرية واحدة. حولنا لغة التواصل علي هذه الشبكات الاجتماعية إلي لغة للخراب الاجتماعي وساحة للانحطاط الأخلاقي وساحة للنزاع السياسي والاعتداء علي حرمات الآخرين. تضيف أن الإنترنت أصبح طرفاً في المشاكل الأسرية وخصوصاً بين الزوجين والتي تنتهي بالطلاق بينهم وذلك لاستبدال كل طرف بينهم السكن والمساكنة بطرف آخر علي تلك المواقع وأصبح هناك انفصال وغياب للمشاعر وأشدها وطأة الانفصال الجسماني واستبدل بالشات أو غرف الدردشة وتنشأ العلاقات التي تحرمها كل الأديان السماوية وهو زني حكمي "هو زني عقلي بين الجسدين بتوافقهم وبالألفاظ والتمثيل والتصوير دون تلامس للجسدين". وترتب علي هذا اعراض الشباب عن الزواج لأنهم وجدوا سبيلهم فيما يحقق لهم الاشباع النفسي والجسدي والطاقات المكبوتة داخله. تشير إلي أنه لابد من المواجهة والعلاج وأن يكون الأساس في هذا لنشر التعاليم الدينية والأخلاق من خلال الكتب الدراسية وعلي الدعاة أن يقوموا بواجبهم الديني وعدم انشغالهم بالسياسة حتي لا نصل لنتائج كارثية وأن تكون لغة التواصل بعيدة عن لغة الجمود الفقهي والذي لا يعيها ولا يقبل عليها الشباب فاتباع التعاليم الدينية هي الأساس في محاربة هذا التدهور الأخلاقي والذي قد ينتج عنه انعاكسات خطيرة علي مستقبل ترابط الأسرة المصرية والتي هي النواة الحقيقية لأي مجتمع ناجح. تؤكد د.سامية الساعاتي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس.. أن الفيس بوك أصبح وسيلة لإفشاء أسرار العمل ونشر الشائعات بغرض إحراج رؤساء العمل والقيادات في التجمعات العمالية وأيضا بغرض التجريح لبعض الزملاء في جهة العمل ليصبح عند البعض وسيلة للابتزاز وتبادل الاتهامات بينهم وأصبح من أهم الوسائل لنشر كل أسرار العمل وحتي الاجتماعات المغلقة أصبحت تخرج للعامة وهذا له مردود سلبي ويخلق جواً من البلبلة وعدم الاستقرار داخل المؤسسات العمالية ويؤثر في انتظام سير العمل.. وهذا يخلف مشكلات بين العاملين وتدني لغة الحوار بينهم لتصل أحياناً لحد التجريح الشخصي وكل هذه الأمور تؤدي لانخفاض الإنتاج. تضيف أن في ظل مناخ لا يتقيد بالقوانين أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي أداة وساحة للتعارك والتشهير علي صفحاتها ولكن علي الجانب الايجابي فهي أصبحت وسيلة فعالة لكشف الفساد الإداري داخل أجهزة الدولة بنشر وقائعه عبر هذه الشبكات. توضح د.سامية الساعاتي أنه لابد أن يكون لكل جهة عمل أو وزارة متحدث رسمي لإعطاء المعلومات الصحيحة لمن يطلبها ووضع القوانين لكل من يخرج عن هذا الإطار. يوضح د.عبدالرحمن عبدالعال خبير العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث أن شبكات التواصل الاجتماعي الفيس بوك وتويتر. أتاحت مجالاً كبيراً للتبادل المعلوماتي وأصبح إقامة علاقات وصداقات لبلدن ومجتمعات أخري متاحة بسهولة ولكن تبقي المشكلة في نوعية هذه المعلومة وأهميتها والغرض منها وأهداف طلبها.. وهذا يتطلب زيادة وعي المستخدمين سواء علي مستوي جهة العمل أو البلد والمنطقة التي يقطنها لأن في الحالتين بها أضرار جسيمة سواء للجهة التي يعمل بها أو أنه يعرض الأمن القومي للبلاد للخطر دون علم أو دراية لأن هناك جهات استخباراتية كثيرة تود الحصول علي هذه المعلومات بغرض الاضرار بالبلاد أو بإشاعة الفوضي في أماكن العمل بهدف زعزعة الاستقرار والتأثير علي حجم الإنتاج وفقدان الثقة بين العمال وجهات عملهم..؟ ويضيف د.عبدالرحمن عبدالعال أن هذه الشبكات الاجتماعية علي الإنترنت أصبحت وسيلة بين خصوم العمل بعضهم البعض والتشهير بهم بين زملائهم وافشاء ونشر أسرار العمل بما يضر بسمعة هذه المؤسسات ووضعها الاقتصادي سواء أمام المجتمع أو من خلال الشركات الأخري وقيمة الأسهم الخاصة بها في البورصة. يؤكد علي ضرورة عمل قوانين ولوائح والضوابط ليكون هناك جزاء رادع لكل من يفشي أسرار جهة عملة ونشرها علي الملأ أو التجريح والتشهير برؤسائه وزملائه ليكون هناك نوع من العقاب والحماية للمعلومات التي قد تضر بكفاءة ومستوي الأداء للموظفين والعمال. يوضح أنه لابد للقوانين واللوائح المنظمة للعمل ان تساير التكنولوجيا الحديثة ووضع القواعد والأسس التي تسايرها بحيث تكون هناك عقوبة مغلظة علي من يتم إدانته..! تقول الدكتورة سوسن فايد أستاذة علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث لابد من وجود مواقع للمواجهة الثقافية والتقاليد السلبية التي نواجهها وذلك لعمل نوع من التوازن حتي لا نترك المجتمع والأسرة لتلك المفاهيم الخاطئة وعمل التوعية اللازمة للأجيال الشابة بضرورة التمسك بأخلاقنا وعاداتنا والقيم الدينية وأن نأخذ من هذه التكنولوجيا ما يساعدنا علي المعرفة وثقافات الآخرين الايجابي منها. وتضيف الدكتورة سوسن فايد أنه لابد أن تكون السياسة العامة للدولة مستعدة من خلال الدراسات الإنسانية والاجتماعية لكيفية المواجهة مع الأفكار الواردة لمجتمعنا والتي لا نملك إيقافها ولكن نملك مواجهتها من خلال التوعية لكل شرائح المجتمع من خلال الإعلام والندوات والمساجد وبين شباب الجامعات والمدارس ليس لنا طريق آخر سوي مواجهة الفكر بالفكر وتحصين شبابنا.