رغم أن بورسعيد تعد من المحافظات ذات الثراء الكبير بسبب قناة السويس بالطبع التي تدر دخلاً قومياً يذهب إلي خزانة الدولة إلا أن العشوائيات تنتشر علي أطرافها بطريقة أشبه بالسرطان. فهي تتكاثر دون توقف. كانت ولا تزال البؤر العشوائية الأربع زرزارة وبلوكات القابوطي بحي الضواحي وعزبة أبوعوف بالزهور وعزبة الإصلاح بالجنوب تمثل صراعاً مزمناً في رأس المسئولين عن محافظة بورسعيد.. لما تمثله من انتشار رهيب.. لم يتوقف زحفه منذ بدايات المنطقة الحرة وحتي الآن.. علي اختلاف توزيعاتها الجغرافية. زرزارة الأكبر حجماً والأكثر كثافة. يصل تعداد سكانها إلي 12 ألف نسمة.. يعيشون حياة غير آدمية.. عشش من الصفيح والخشب وسط مستنقع من الأوبئة ومياه الصرف الصحي والخارجين علي القانون مقامة علي 10 أفدنة ويحدها شمالاً منطقة شباب الخريجين وجنوباً فاطمة الزهراء وغرباً السيدة نفيسة الجديدة وتتوزع شرائح السكان فيها إلي ثلاثة أنواع. الأول هم "البورسعيدية" الذين أقاموا بها عششاً.. ليحجزوا دورهم في طابور شقق المحافظة من المتزوجين حديثاً.. والثاني "البورسعيدية أيضا" ولكنهم ممن حصلوا علي شقق وباعوها لظروف يدعون أنها خاصة ثم عادوا ليقيموا عششاً أخري في غيبة الرقابة. أما النوع الثالث هم "الأغراب" وما أكثرهم من الذين زحفوا إليها مشن المحافظات الأخري علي أمل رغد العيش بالمنطقة الحرة.. متمسكين بحقهم في الحصول علي شقة مادام قانون التسكين يبيحها للغريب الذي تجاوزت إقامته بالمدينة 10 سنوات. أما المهن فهي تتوزع ما بين سائقين وعمال بالاستثمار وباعة جائلين وصنايعية بالإضافة إلي طابور العاطلين من الشباب وهم الأخطر بعد تحول معظمهم إلي بلطجية وتجار صنف. بسبب المزاج الذي يحرك غرائزهم ويدفعهم لارتكاب الجرائم.. كل الجرائم.. ثم يختفون في دهاليز العشش الصفيح التي تشبه بيت جحا.. وللأسف لا يمر شهران أو ثلاثة إلا وتشتعل الحرائق فيها لتلتهم العشرات منها كحيلة يستغلها البلطجية للحصول علي مسكن. ورغم ذلك مازال هناك طابور من المنتظرين بعشش زرزارة يحاولون الخروج من جحيمها. أما قرية القابوطي العشوائية فهي عبارة عن عشش من الطوب والخشب يزيد عمرها علي قرن من الزمان.. يسكنها صيادو القابوطي من البسطاء. وقد بدأ مشروع التطوير منذ حوالي 25 سنة ولم ينته بعد.. ولقد فاوضتهم المحافظة علي التنازل عن أرضهم مقابل حصولهم علي شقة.. وظل أكثر من 163 أسرة بالبلوك 17 "ب" يعانون العيشة الصعبة.. الأمر الذي دفعهم لنصب خيام كالاجئين أمام المحافظة هم وأولادهم علي أمل أن يرأف بحالهم أحد.. وللأسف فإن حكاية التطوير هذه.. أصبحت مملة وليست مجدية.. وشابتها كثير من المخالفات في توزيع الأراضي أو الشقق بها. "وعزبة أبوعوف" يعود تاريخها إلي محمد أبوعوف رئيس حي المناخ وقتها.. الذي خصصها لقاطني عشش أرض الجيل.. بالمساحة الخالية خلف الجبانات الجديدة وأصبحت من وقتها مأوي للعربجية من أصحاب العربات الكارو والقمامة ومربي الماشية والحناطير.. والتي لا يزيد عدد قاطنيها علي 1500 فرد غالبيتهم من خارج بورسعيد. والغريب أن المجلس المحلي لم يناقش أوضاع تلك المنطقة العشوائية ولم يعد بشأنها أي قرار وليست ضمن خطة التسكين وأصبح وجودها يعوق الامتداد العمراني. "عزبة الإصلاح" وتقع بمدخل المدينةجنوب منفذ الرسوة الجمركي ويصل تعدادها إلي حوالي ألفي نسمة.. وهي تشتهر بأوكار مهربي الملابس المستوردة وقد سبق أن اتخذ المجلس الشعبي المحلي قراراً بإقامة عمارتين سكنيتين لها ولكن المحافظ اعترض وقتها لحين معرفة مصير المنطقة الحرة. * وأخيراً.. فإن هذه المناطق العشوائية الأربع تحتاج إلي مشرط محافظ واع.. لبترها.. والتعامل سريعاً مع الأرض الخالية منها. وفق رؤية تخطيطية لما تحتاجه هذه المناطق من تنمية.