انتهينا من الاستفتاء علي الدستور.. أول وأهم خطوة في خارطة المستقبل.. وبعد غد تعلن نتيجتان: الأولي "رسمية" هي نسبة التصويت والتي ستكون حتماً لطمة مدوية علي "قفا" أمريكا وأذنابها وعملائها الإرهابيين والمخنسين والقوادين. والثانية "غير رسمية وبالتبعية" وهي انتهاء جماعة الإخوان الإرهابية وسقوط حجتهم الواهية حول الشرعية سقوطاً مذرياً. اليوم.. لن نتحدث عن الدستور.. فقد انتهت المعركة وانتصر فيها شعب مصر برجاله ونسائه وما أروع نساءه وعجائزه وشبابه وجيشه وشرطته انتصاراً ساحقاً لا مثيل له.. اليوم نتساءل: وماذا بعد؟! الأغلبية تريد انتخابات رئاسية أولاً. وأصحاب المصالح يرون البدء بالانتخابات البرلمانية.. ومع ان كل المؤشرات تتجه إلي "الرئاسة أولاً" خاصة أنها النتيجة الحاسمة التي انتهت إليها اجتماعات جميع أطياف المجتمع في الاتحادية. ومع أنني أميل أيضا وعن قناعة إلي نفس النتيجة.. فإن هذا ليس قصدي من التساؤل الذي طرحته. "ماذا بعد" تعني عندي الخطوة الأهم واللازمة والحاكمة قبل أي انتخابات.. وهي تشكيل حكومة جديدة تشرف علي باقي استحقاقات الخارطة وتدفع البلاد بقوة إلي الأمام في كافة المجالات. نريدها حكومة تحت الخمسين.. وبصريح العبارة ودون لف أو دوران ألا يزيد عمر أي وزير فيها علي 50 عاماً بيوم واحد.. وألا يتعدي عمر رئيس الوزراء 60 عاماً حتي ولو كان رجلاً عبقرياً أو حاصلاً علي نوبل. نريدها حكومة شابة.. فشبابنا الذين فجروا ثورتين في ثلاث سنوات أجحف حقهم تماماً.. فبعد 25 يناير سرق الإخوان ثورتهم وفكرهم بل وتاجروا بدمائهم ثم أقصوهم تماماً عن المشهد. وبعد 30 يونيه لم ينل شبابنا ما يصبون إليه وابعدوا أيضا عن المشهد إلا ما ندر ذراً للرماد. بالتالي.. لابد أن يكون أغلب وزراء الحكومة الجديدة من شباب الثلاثينات من العمل وليس ثلاثينات القرن الماضي والباقي دون الخمسين.. نريدها حكومة ثورية عمراً وفكراً وقراراً وعملاً. لعلكم ترون كما أري أن حكومة الببلاوي هي حكومة عجائز.. فمعظم الوزراء تعدوا الستين ورئيسهم في الثامنة والسبعين.. فكرهم بطيء جداً وقرارهم أبطأ وعملهم يأتي دائماً بعد خراب مالطة. إن الحكومة الحالية يصدق عليها "حكومة الفرص الضائعة".. فقد حباها الله بإمكانيات نجاح لم تتوفر لأي حكومة سابقة علي مدي 33 عاماً.. لكنها للأسف لم تستغلها وأضاعتها بسبب الأسلوب السلحفائي المرتعش الذي انتهجته.. فلم تستفد من 12 مليار دولار جاءتها من السعودية والإمارات والكويت ليرتفع بها الرصيد الاستراتيجي إلي 19 مليار دولار. ولم تستفد أيضا من هدية المواد البترولية بقيمة ملياري دولار من دول الخليج. ولم تستفد كذلك لا من الرضا الشعبي عليها فور أدائها اليمين القانونية ولا من إجماع الشعب وإلحاحه عليها بضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ضد جماعة الإخوان ومواليها.. للأسف.. فرطت في كل الفرص بسهولة أو بسذاجة أو ارتعاش في الأيدي أو الخوف من الغرب والغد علي السواء وأوصلتنا بضعفها إلي استئساد الإرهاب الداخلي والخارجي. بالطبع أنا لا أتهم كل الوزراء.. فهناك وزراء ممتازون لكنهم وللأسف لا يتعدي عددهم أصابع اليد الواحدة.. أما الغالبية فلابد أن يرحلوا فوراً في مقدمتهم "كبيرهم" الذي علمهم التخاذل ومعه "البرادعية". نريد حكومة ثورية شابة.. وهي ليست بدعة.. تذكروا معي أول حكومة بعد ثورة 1952 وكيف كان كل أعضاء مجلس قيادة الثورة الذين أصبح غالبيتهم وزراء بالحكومة.. كانوا في الثلاثينات من العمر أو دونها فيما عدا محمد نجيب.. ومع ذلك وقفوا في وجه قوتين عظميين هما انجلترا وفرنسا ومعهما إسرائيل وانتصروا ودحروا العدوان الثلاثي. لقد جاء الزعيم الخالد جمال عبدالناصر في وقت استثنائي.. ونحن اليوم أيضا في نفس الوقت الاستثنائي.. فلنستفد من التجربة ونكررها.. والنجاح مضمون بإذن الله.