هل عادت الدولة البوليسية كما كانت أيام مبارك؟. علامة استفهام جوهرية تثيرها تلك التسجيلات الصوتية للمكالمات الهاتفية التي أذاعها عبدالرحيم علي في برنامجه الصندوق الأسود لعدد من النشطاء السياسيين الشباب من أمثال أسماء محفوظ وغيرها. ونشرت بعض وسائل الاعلام أن عبدالرحيم علي سيقف أمام النيابة في الأيام القادمة نتيجة البلاغات التي تقدمت بها مجموعة من منظمات حقوق الانسان يصفون فيها هذه التسجيلات بأنها انتهاك صريح للحرية الخاصة التي كفلها الدستور والقانون للمواطنين. لست مع أمن الدولة في التنصت والتلصص علي المكالمات الهاتفية للأشخاص تحت أي مبرر حتي وإن كان صادرا بها أمر من النيابة. ويحاول البعض إقناعي بأنه حين تمس هذا الاتصالات الأمن القومي وتنتهك هيبة الدولة وسيادتها وسلامتها فإن الضرورات تبيح المحظورات ويصبح التلصص والتنصت عملا مشروعا للحفاظ علي هذه الدولة من السقوط. لقد تساءلت مع الذين اعترضوا علي هذه التسجيلات وانتقدوها واعتبروها مؤشرا لعودة الدولة البوليسية: ما معني تلك الثورة التي أسقطت نظام مبارك البوليسي ليعود هذا النظام من جديد؟. وإذا كان أمن الدولة قد فعل ذلك مع النشطاء السياسيين من الشباب الذين أشعلوا شرارة الثورة فماذا سيفعل مع المواطنين العاديين. وربما من المتوقع أن تكون الفئات الأكثر احتكاكا بالمعلومات والعلاقات بطبيعة عملها مثل الصحفيين أو المحامين أو غيرهم عرضة للتلصص والتنصت أيضاً من أمن الدولة؟ أعترف بأن التسجيلات التي أذيعت وسمعتها تبين لنا وجها قبيحاً لهؤلاء النشطاء أمثال أحمد ماهر مؤسس 6 أبريل ومحمد عادل عضو المكتب السياسي للحركة وهما يتفاوضان علي التمويل الأجنبي لصنع الفوضي وزعزعة الأستقرار في مصر. وكيف اقتحموا مقرات أمن الدولة وعثروا فيه علي ملفات غاية في الأهمية بالإضافة إلي أموال تمت سرقتها وما تبع ذلك من توجيه عدة اتهامات إليهم. لكني أؤمن بأن جهاز أمن الدولة أذكي من أن يضع نفسه وسمعته في هذه الحفرة ليثير استياء الناس تجاهه. حتي وإن كان الهدف من إذاعة هذه التسجيلات كشف حقيقة هؤلاء الثوريين الذين تورطوا في أعمال ضد الأمن العام وأخطات أقدامهم الطريق الذي بدأوه مرفوعي الرأس مع الثورة. أنا عارف أننا مقبلون علي فترة استفتاء دستوري وانتخابات برلمانية ورئاسية تحتاج إلي مناخ هادئ. لكن واضح أننا سنترحم علي أيام عمر سليمان.