المظاهرات التي قام بها مفكرون وأدباء إسرائيليون للدعوة إلي قيام دولة فلسطينية علي حدود 1967إلي جانب دولة إسرائيل تضم غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. لم تكن وليدة ذاتها ولا مصادفة.. سبقتها دعوات تحذر من استمرار سياسة الصلف التي تتبعها حكومة تل أبيب وما قد ينشأ عنها من تأثيرات سلبية خطيرة وكان ذلك التوجه للكثير من المثقفين الإسرائيليين مبعثة استقراءات موضوعية وواعية. وبتعبير محدد فإن الواقع العربي الجديد دفع النخبة المثقفة في المجتمع الإسرائيلي إلي مراجعة الدعاوي الاسطورية. والتعامل مع الحق العربي في فلسطين باعتباره كذلك. قرأت منذ سنوات كتاباً لمجموعة من الفلاسفة الإسرائيليين يطرحون حل الدولتين. بحيث تنتهي الحروب ويعرف السلام الحقيقي طريقه إلي المنطقة. تناول الكتاب تطورات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. والعربي الإسرائيلي. والمتغيرات التي بدلت الكثير من معالم الصراع علي المستويات الجيوبوليتيكية والديموغرافية. ونشوء أجيال جديدة في الوطن العربي. تجد الخلاص الحقيقي في تأكيد مقولة عبدالناصر إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. لقد اطلقت إسرائيل اسم جيش الدفاع علي جيشها الذي تألف من عصابات أرجون وشتيرن والهاجاناه وغيرها. ووجدت في المفاوضات سبيلاً وحيداً لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. مدخلاً ضرورياً لحل الصراع العربي الإسرائيلي. ورغم الاعتراض المعلن من جانب الأغلبية الفلسطينية والعربية علي معاهدة أوسلو. فإن إسرائيل جعلت المعاهدة حبراً علي ورق. واقنعت المفاوض الفلسطيني بالعودة إلي طاولة المفاوضات. بصرف النظر عن غياب الضوء في نهاية النفق.. وكم كان مؤسفاً رد المفاوض الفلسطيني عن السؤال حول التصرف الذي يجب فعله إن فشلت المفاوضات قال المفاوض بثقة لا يحسد عليها سنعود إلي المفاوضات! وأذكر أنني أعلنت تشككي في دعوة النائب الإسرائيلي أوري أفنيري إلي السلام. اضفتها إلي عمليات التجميل التي تحرص إسرائيل عليها. بتقسيم ساستها إلي حمائم وصقور. وإيجاد حركات تعلن العداء للاستراتيجية الصهيونية. مثل حركة السلام الآن. وتيار الصهيونية الجديدة وغيرها. وقد أظهرت ممارسات أوري أفنيري أنه لا يقل تعصباً عن قادة نظامه. وأن محاولته تجميل الصورة لا تعدو إجراء بعض الرتوش. في حين تظل الملامح عدوانية قاسية. وفي حوار مع فضائية عربية. قال الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز عن المذابح الصهيونية ضد الشعب العربي في فلسطين ولبنان ومصر: يجب ان نهمل ذلك كله. لأنه ينتسب إلي التاريخ والأولي ان نتجه إلي المستقبل. ثم نسي بيريز قوله في سرد الكثير من الأساطير. بدعوي أنها المبرر التاريخي لإنشاء دولة إسرائيل. المعني الوحيد لهذا التحرك الجديد في المجتمع الإسرائيلي. هو التوجه الذي تعيشه الآن امتنا العربية. بعيداً عن الإملاءات والضغوط. فضلاً عن محاولات الربح الرخيص علي حساب المصالح الوطنية. نظر مثقفو إسرائيل إلي الأمور من زاويتها الصحيحة. فتبينوا ملامح الصورة المغايرة. وأن ما كانت تملكه إسرائيل من قوي ضاغطة مرهون بميل كفة الميزان. وهو ما تظهر كل الشواهد أنه لن يستمر طويلا.