"ليلة طرب لبنانية مصرية" هذه الصفة التي يجب أن توصف بها الأمسية الموسيقية التي اقامتها دار الاوبرا علي المسرح الكبير تكريما للموسيقار الراحل وديع الصافي الذي يعد من النماذج التي ارتبطت بلبنان ومصر في وقت واحد وكما أن له جمهور في لبنان استطاع أن يكون له عشاق لفنه من المصريين خاصة انه شدا بألحان لكبار الملحنين المصريين وباللهجة المصرية.. ووديع الصافي أرسي قواعد الأغنية اللبنانية ورسم ملامحها مع العديد من الشعراء والموسيقيين وجاء إلي مصر في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي وكان صوته محل إعجاب الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي تعاون معه في العديد من الألحان ولكن شهرته الواسعة بين المصريين كانت في السبعينيات حين أقام في مصر حوالي سنتين اثناء الحرب الأهلية اللبنانية تعاون في هذه الفترة مع بليغ حمدي كما شارك في حفلات حرص علي تقديم الأغنية اللبنانية بها وكان ذكياً في اختياراته لأغان بسيطة في لهجتها ويفهمها المصريون ويتجاوبون معها.. والصافي رحل بجسده عن دنيانا في 11 أكتوبر الماضي اي قبل مهرجان الموسيقي العربية بأيام قليلة والذي كان من نجومه لعدة سنوات ولهذا كان الحاضر الغائب واستمعنا إلي أغانية المصرية من نجوم المهرجان ومطربيه وفي يوم الافتتاح أعلنت د.إيناس عبدالدايم عن اقامة أمسية خاصة عن الراحل وقد أوفت بالعهد الأحد الماضي ونجحت في الاختيار سواء الفرقة أو القائد أو النجوم الحفل أحيته الفرقة القومية العربية للموسيقي بقيادة المايسترو اللبناني المصري سليم سحاب الذي يعد خبيراً في تقديم الألحان اللبنانية ويتضمن الرصيد الفني لفرقته الكثير منها وقد جاء موافقاً في اختياره للنجوم المصريين الذين أدوا ألحان وديع الصافي كما كان موفقاً في استضافة نجوم من لبنان ينتمون لمدرسة الراحل في الأداء. احتفالية رسمية الأمسية جاءت في شكل احتفالية رسمية شهدها د.محمد صابر عرب وزير الثقافة والقائم بالأعمال في السفارة اللبنانية بالقاهرة أما الجمهور فكان منه كثيراً من الجالية اللبنانية واحتشدت بعدد كبير من عشاق الموسيقي العربية. البرنامج الفني للحفل تكون من حوالي 11 أغنية بدأت بالألحان المصرية التي اداها نجوم الفرقة فكانت البداية مع سعيد عثمان الذي يعد من اقدر الاصوات علي أداء أغاني وديع والذي نسيج صوته قريباً له وقد نجح تماماً في ادائه للأغنية الشهيرة "ياعيني علي الصبر" ثم قدمت الفرقة ثلاث أغاني من ألحان بليغ حمدي "علي رمش عيونها" وغناها بإقتدار أشرف وليد ثم جاء لحن "دار يادار" وشدا به أحمد عفت الذي شارك ايضا رحاب مطاوع في أغنية شمس الشموس وهي من الأغاني الملائمة للفرقة حيث بها توزيع كورالي وموسيقي جيد كما أنه لحن غير متداول في فرق الموسيقي العربية ولهذا يمصل اضافة وقدمته الفرقة والمغنيين بشكل جميل وأمين. الغناء اللبناني بدأه الفنان هشام الحاج الذي غني 6 ألحان "بتروح لك مشوار" و"طلوا أحبابنا" و"راح أحلفك بالغصن" و"بتحبني وشهقت بالبكي" و"بالساحة تلاقينا" وكما شدا باللحن المصري "عندك بحرية ياريس" من ألحان محمد عبدالوهاب.. وهذا الفنان الجميل كان مفاجأة الحفل حيث انه يمتلك "صوت جبلي قوي" وبه حلاوة ولديه قدرة كبيرة علي التلوين والتنقل بين المقامات وقد امتعنا بغناء المواويل الشامية والملاحظة انه رغم الاعتماد علي الغناء الفردي من مواويل وأداء استعراضي لكن هناك تدريبا كبيرا علي الالتزام بالفرقة الموسيقية والمايسترو والكورال أنه تلميذ نجيب في مدرسة وديع الصافي لقد أمتع الجماهير ونشاهده في مصر لأول مرة ونتمني ألا تكون الأخيرة.. في إطار الغناء اللبناني ايضا غني غسان الشدراوي أغنية "الليل ياليلي" "وبلادي الطهر" والعملان من ألحان وديع الصافي ثم بعد ذلك دخل المسرح وسط ترحيب جماهيري انطوان ابن وديع الصافي والذي صوته يشبه صوت والده في القوة والحلاوة والأداء المتميز وشدا من أغاني والده "رمشة عينيك" و"هوا الوديان" و"عيونك اخذوني" و"الله يرضي عليك يا ابني" و"لبنان ياقطعة سما" وأمتعنا ايضا بعدد من المووايل وكان الختام بأغنية "عظيمة يامصر" التي دخل كل النجوم المصريين واللبنانين إلي المسرح ووقف كل الجمهور ليغني الجميع سويا في مشهد بديع كان خير ختام لهذه السهرة التي امتزجت فيها الأنغام المصرية واللبنانية في تعبير واضح عن قوميتنا العربية..