رحم الله الأستاذ عبد الفضيل طه الناقد الرياضي الكبير الذي رحل عن عالمنا بعد صراع شديد مع المرض لتفقد صاحبة الجلالة أحد أعلامها.. وعلاماتها البارزة لأن عبد الفضيل طه استطاع علي مدار نصف قرن ان يترك بصمة لن تنساها الصحافة المصرية ليس في مجال النقد الرياضي الذي أبدع فيه.. ولكن في مجال الصحافة الفنية كان أيضاً علماً يشار له بالبنان.. حتي أصبح الراحل بمثابة مدرسة صحفية متميزة لها خصوصيتها.. وتتلمذ فيها العشرات من الصحفيين الذين تعلموا منه فنون الصحافة والانضباط والالتزام في المهنة واحترام تقاليدها وشرفها.. فقد تميز عبد الفضيل طه بالنزاهة والموضوعية في التعامل مع القلم لذلك حظي باحترام وحب وتقدير القراء والمسئولين والنجوم الذين تعامل معهم وعرفوه عن قرب سواء في مجال الفن أو الرياضة.. وكان لي شرف العمل معه في تأسيس القسم الرياضي "المساء" ومع توليه المسئولية في عهد الكاتب الصحفي الكبير سمير رجب خلفاً للراحل فاروق يوسف في النصف الأول من الثمانينات وكان خلالها نموذجاً أعلي لنا في العطاء والاخلاص والتفاني في العمل ولأن العمل في القسم الرياضي له طبيعة خاصة تضطرنا ظروفنا للمبيت بالجريدة خاصة أثناء سفر فرقنا الكروية لقارة أفريقيا المنتخب وأندية الأهلي والزمالك والاسماعيلي وأثناء مباريات القمة بين القطبين حيث لم يكن متوافراً في هذا الوقت تكنولوجيا الاتصالات الحديثة وهنا كان يصر الراحل عبد الفضيل طه علي المبيت معنا للاطمئنان بنفسه علي خروج العمل بصورة مكتملة من تغطية لكافة الحدث الرياضي ومتابعته سواء كان في الداخل أو الخارج.. يصر علي المبيت معنا رغم انه المسئول الأول عن القسم آنذاك ليعطينا القدوة والمثل الأعلي ناهيك عن حرصه علي اصطحابنا معه في بداية عملنا شخصياً الي ناديي الأهلي والزمالك ليعرفنا بنجوم وقيادات الناديين ومن خلاله تعرفت في أول يوم عمل علي هرم نادي الزمالك حلمي زامورا رئيس النادي حيث اصطحبني الي القلعة البيضاء بعد ان كلفني بتغطية أخبار الزمالك والذي كان عبد الفضيل طه أحد أعلامه ونجومه مثله في ذلك مثل نجوم الكرة بالزمالك فقد كان عاشقاً للزمالك ويناصره ولكن بدون تعصب وبدأ حياته الرياضية كملاكم في النادي الأهلي المنافس التقليدي للزمالك غير ان جماهيره قبل نجوم ومسئولي الأهلي كانوا يعشقون عبد الفضيل طه لأنهم رأوا فيه أمانة القلم.. واحترام شرف المهنة لذلك علا شأنه في الوسط الرياضي.. فالرجل حباه الله بموهبة صحفية متوهجة صقلها بالثقافة والقراءة وحب المعرفة ولذلك كان بمثابة موسوعة متحركة فهو حامل للأفكار وغزير المعلومات في كافة فنون الثقافة والعلم لذلك كان يتمتع بحضور كبير في كل جمع أو ندوة يشارك فيه يزيد تأثيره في الآخرين بطيبة قلبه وسعة صدره وابتسامته التي لا تفارقه وتسامحه وعدم الخلط بين العلاقات الشخصية والعمل فمن يلتقي به مرة لا ينساه ويصبح صديقاً له وما أكثرهم في مختلف أنحاء مصر فقد كان لديه شبكة علاقات عامة رهيبة في مختلف أوساط المجتمع المصري وذاع صيته كناقد رياضي بارز في وطننا العربي.. لقد فقدت الصحافة المصرية وجريدة المساء أحد رهبانها لأن عبد الفضيل طه هذا المعلم والأخ والأستاذ كان بحق راهباً في بلاط صاحبة الجلالة وأقولها بدون مبالغة من خلال رحلة عملي معه انه لم يحصل علي اجازة.. نعم كان يحصل علي موافقة رئيس التحرير علي منحه اجازة عدة أيام ولكننا نفاجأ دائماً بحضوره الي الجريدة حتي ولو ليكتب مقاله فقط المهم ان يحضر الي الجريدة فقد كان رحمه الله مثل السمكة التي لا تستطيع العيش إلا في الماء هكذا كانت المساء كل حياته حتي عندما اشتد عليه المرض في الشهور الأخيرة كان حريصاً علي التواصل مع القراء وكتابة مقاله متحدياً شراسة المرض حتي نفذ أمر الله سبحانه وتعالي وحان موعد الرحيل لعنان السماء.. رحم الله الأستاذ ومعلم الأجيال عبد الفضيل طه وأسكنه الله فسيح جناته والهم أسرته والهمنا نحن زملاءه وتلاميذه الصبر والسلوان وسبحان الله له الدوام.