بعيداً عن السياسة وتياراتها المتلاطمة والمتناقضة والمتنازعة. أقام نادي أدب بلبيس الشرقية ندوة خاصة. اتسمت بالطرافة والجدة.. فقد تناولت موضوعاً لم يطرح في ندوة من قبل.. إنه قضية "المثقفين وأوضاعهم الاقتصادية" أو المثقفين والثروة علي مدي تاريخ الأدب العربي. منذ الجاهلية حتي الآن. الندوة نفسها أقيمت بحضور محمد مرعي مدير عام ثقافة الشرقية في جو يوحي ب "الفقر" الذي يعانيه غالبية الأدباء العرب خاصة في مصر وبإهمال الدولة للفكر والابداع طوال العقود الأربعة الماضية.. فلم يكن هناك مقر مناسب لاستقبال هذا الحشد الكبير من أدباء الشرقية بعد إغلاق قصر ثقافة بلبيس طوال الأعوام الماضية. واستمرار الخلافات بين هيئة قصور الثقافة ومقاول الترميمات حتي الآن.. ويذكر محمد مرعي أن الملف الكامل لهذه القضية موجود لدي سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة ومحمد عبدالحافظ ناصف رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي.. والمكان الذي أقيمت فيه الندوة هو شقة يستأجرها فرع الثقافة تحاصرها النفايات والمهملات من عدة جهات. علي الرغم من هذه البيئة غير المواتية لأي نشاط ثقافي جاد. فقد نجح نادي الأدب وأدباؤه المسئولون عنه: محمد سمير عشري وحامد حبيب وغيرهما. مع إبراهيم شعث مدير قصر ثقافة بلبيس في إقامة حدث جديد وطريف التف حوله عدد كبير من رموز الحركة الأدبية بالشرقية. ومنهم: نبيل مصيلحي وصادق إبراهيم وحامد أبو النجا وسليم الحويطي وشاهين عبدالرحمن ومحمود أباظة وأمجد نوح وزهراء الطوخي ومني الألفي وأبو عامر الجمازي وأحمد الصغير وعاطف السيد وسلطان الشامان والسيد سراج ود.عبداللطيف الزعبلاوي وأحمد جمال أحمد وعماد أبو عودة وإسلام سعيد ومصطفي عناني ومحمد عنبه ومحمد فوزي بدر وكمال عيد وعمرو عبدالغني وعلاء فتحي عبدالعظيم ورمضان قاسم وكريم خيري وسالم سليم وغيرهم ممن ازدحم بهم هذا المكان. لا من الأدباء فقط. بل كذلك من المواطنين غير الأدباء.. وهذه سمة أي الجماهيرية يتسم بها فرع ثقافة الشرقية. الذي كسر الحواجز بينه وبين الجماهير بإقامة أنشطة غير نمطية. ومنها مثلاً حفل أضواء المدينة الذي يقدمه محمد مرعي كل شهر بحضور رئيس الإقليم. وتحييه فرقة محمد عبدالوهاب الموسيقية. في ساحة مفتوحة أمام قصر ثقافة الزقازيق. لا داخل القصر. ندوة المثقفين وأوضاعهم الاقتصادية تطرق الحديث فيها إلي أول حركة "اشتراكية" جماعية في تاريخ العالم. أسسها في الجاهلية "الشعراء الصعاليك" أمثال عروة بن الورد وتأبط شراً والشنفري. وهم من أفقر أفراد القبائل الجاهلية وأكثرهم تمرداً علي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والعرفية لتلك القبائل. فخرجوا عليها. وأقاموا في الصحراء. ومارسوا السطو علي القوافل ونهب الأثرياء من أجل الإنفاق علي الفقراء من أبناء القبائل ومن الشعراء الصعاليك. لإحداث نوع من المساواة بين الناس؟! وتأرجحت علاقة المثقفين شعراء وناثرين. بالثروة والمال ما بين الثراء الفاحش الذي عاشه عدد ضئيل جداً منهم علي مدي التاريخ. أمثال عمر بن أبي ربيعة القرشي وجرير والفرزدق والمتنبي وأبي فراس الحمداني ومحمود سامي البارودي "باشا" وإسماعيل باشا صبري وأحمد بك شوقي ود.محمد حسين هيكل وأحمد لطفي السيد.. ويقابلهم مئات وربما آلاف من المثقفين الفقراء والمعدمين في كل العصور. من الجاهلية وصدر الإسلام والدولة الأموية والعباسية حتي العصر الحديث. تاريخ من الفقر المدقع سجله معظم المثقفين والأدباء والمبدعين أمثال ابن لنكك وأبي حيان التوحيدي وسيبويه المصري وعبدالحميد الديب ودبشة الجزار وإمام العبد. حتي أحد شعراء العامية الذي "يقتبس" الأحذية من أمام المساجد حالياً. لعجزه عن تدبير ثمن حذاء!!! المسئولية في فقر هؤلاء المثقفين تعود إلي الدولة التي لا تقدم للثقافة الدعم المناسب. وما تقدمه من دعم كما ذكر المتحدثون في الندوة لا يصل إلي مستحقيه من الأدباء والمثقفين. مع مشكلة قصر ثقافة بلبيس المعطل في الترميمات منذ سنوات أشار بعض الأدباء. ومنهم عماد عودة وعامر الجمازي إلي الاهمال الذي يعاني منه الشعر البدوي في مصر. والبدو بصفة عامة. وثقافتهم وأعرافهم. لكن محمد مرعي أشار إلي أن فرع الثقافة أنشأ مؤخراً نادياً للأدب البدوي. وهو النادي الوحيد في إقليم شرق الدلتا الثقافي. الندوة التي أدارها محمد سمير عشري وقدمها حامد حبيب. وشارك في الإعداد لها من موظفي الثقافة دولت جبر وعلاء جمال الدين وهاني الأشقر وإبراهيم شعث. اختتمت بإبداعات شعرية ما بين الفصحي والعامية القاهرية والعامية والبدوية.