منذ قامت ثورة 30 يونيو وحتي الأمس القريب لم تتوقف أصوات العديد من الأحزاب ومن يطلقون عليهم النشطاء والرموز والنخبة عن مطالبة الحكومة والمسئولين بسرعة إصدار "قانون التظاهر" لوضع حد للفوضي ومسلسل تعطيل وقطع الطرق وأعمال العنف التي نعيشها وحتي تتفرغ الدولة للإنتاج والعمل وحتي يمكن أن يأتي المستثمرون والسائحون و.. و.. و.. وتسابق الجميع في توجيه اللوم للحكومة التي وصفوها بالعاجزة والمرتعشة لعدم إصدارها قانون التظاهر والتصدي لمظاهر الفوضي إلا أنه وبمجرد أن أصدرت الرئاسة بناء علي طلب الحكومة ذلك القانون حتي تعالت نفس الأصوات وآخرون يلومون الحكومة علي إصدارها للقانون بل ورحيلها.. وللعلم أنا أحد المطالبين برحيل تلك الحكومة لأسباب أخري عديدة ذكرتها في مقالات سابقة أهمها عدم قدرتها علي حل أي مشكلة تواجه المواطن البسيط وأسباب أخري لا محل لذكرها هنا ولكن ليس من بين الأسباب التي تدعوني للمطالبة برحيل هذه الحكومة إصدارها لقانون التظاهر لعدة أسباب أهمها أن مصر كانت بحاجة فعلاً إلي قانون ينظم حق التظاهر السلمي.. السلمي بحق.. فمصر ليست بدعة في هذا المجال.. جميع دول العالم وفي مقدمتها أمريكا وبريطانيا وفرنسا التي يضرب بها بعض النشطاء المثل ويعتبرونها قبلتهم التي يتوجهون إليها توجد بها قوانين أشد صرامة من القانون الذي صدر عندنا.. وتجاربهم المنقولة عبر وسائل الإعلام والفضائيات خير شاهد علي كيفية تعاملهم مع المظاهرات التي تخرج عن السلمية وعن القانون.. فهل حلال علي الدول التي يتشدق بعض النشطاء باسمها تنظيم التظاهر حتي تستمر الحياة في الدولة وحرام علينا.. هل هؤلاء النشطاء.. نشطاء في الدفاع عن مصر أم أن بعضهم عملاء يريدون الفوضي لإسقاط الدولة ويضعون أيديهم في أيدي الإخوان وأمريكا وإسرائيل لإسقاط مصر.. هل هؤلاء النشطاء والرموز ومن يطلقون عليهم النخبة يعيشون فعلاً بيننا ويعانون مثلنا. هل هؤلاء يدركون المعاناة التي يعيشها المواطن المصري الباحث عن رزقه عندما تقطع المظاهرات الطرق وتحرق المحلات والمتاجر والمنشآت العامة.. أو ذلك المواطن الذي يفقد حياته نتيجة رصاصة طائشة يطلقها إرهابي ومخرب.. أو ذلك المواطن الذي تحطمت سيارته ولم يجد عنها عوضاً.. هل هؤلاء نشطاء أم عملاء وبالمناسبة نسمع كثيراً من المسئولين سواء عن طريق التصريحات الرسمية أو تلك التسريبات عن تلقي هذا الناشط أو غيره تمويلاً أجنبياً من دول ومنظمات وجهات بل ومن الإخوان وبالرغم من تقديم البلاغات ونشر المستندات لا نسمع حساً ولا خبراً وكأن الأمر لا يعني هؤلاء المسئولين فهم فعلاً مسئولون أم مقهورون.. هل يوجد من يقهر إرادة هؤلاء المسئولين والأجهزة الأمنية في محاسبة من يتلقون التمويل الأجنبي للتحريض علي العنف ونشر الفوضي في مصر.. وإذا كان الأمر كذلك فهل يمتلك أحد من هؤلاء المسئولين الشجاعة لكي يعلن ذلك علي الملأ أو فليصمت الجميع؟ أيها السادة نحن الآن في لحظة تاريخية فعلاً يجب أن يتبين منها الخيط الأبيض من الخيط الأسود.. كلنا مع حرية التعبير والرأي ولا أعتقد أنه من الممكن لا أحد أن يزايد علي ذلك وكاتب هذا المقال دفع ثمناً باهظاً جراء دفاعه عن حرية التعبير والرأي ولكن لا يجب علي الاطلاق السماح بالمزايدة علي حساب الوطن وبالفعل من يرد أن يصبح زعيماً سياسياً علي حساب الدولة فلا مكان له ومن يرد أن يتحول من ناشط إلي عميل فلا مكان له بيننا. أرجو من الجميع أن يكف عن المساهمة في انهيار الوطن وأرجو من المسئولين أن يكونوا فعلاً مسئولين حمي الله مصر وحفظها من كل سوء.