لو كان الحكام الذين تحكموا في مقدرات مصر طوال الحقب الزمنية الماضية "مسلمين" قلبا وروحا وسلوكا لكنا شعبا ووطنا نرفل في النعيم ونتقدم الصفوف ولكانت مصر آمنة من المرض والفقر والجهل والعوز. من حكمونا واحكموا قبضتهم علي حاضرنا وحاولوا ان يصادروا مستقبلنا لم يلتفتوا إلي الدستور ولم تكن تعنيهم المادة الثانية التي تثير الجدل والمواد التي تعوق تحقيق طموحاتهم يتم تجاهلها أو تفصيل مواد قانونية تسهل هذه الطموحات. لقد تم اخضاعنا بكافة أشكال القمع الناعم والشرس لزمرة من الكفرة كفرو بالشعب وبالأمن وبالمقدسات وبالوحدة الوطنية قتلوا ونهبوا وظلموا وشكلوا كتائب من البلطجية ومثلها من أصحاب المصالح والمطامع وأطلقوا ذريتهم علينا وحاكمونا بقانون الطوارئ وسجنوا من سجنوا في ظلام الزنازين. ادعوا الإيمان ولم يكونوا مؤمنين وادعوا الصلاح وهم أفسد الفاسدين انهم الآن في الزنازين يواظبون علي قراءة القرآن ويحرصون علي إقامة الصلاة وكأن الدين "صفقة" مع الله جل شأنه ان قائمة اتهامات بعضهم تتضمن قتل النفس وسرقة المال العام والكسب غير المشروع غير تهم الترويع والاخلال بأمن المواطنين. إذا ضاعت الأخلاق ضاع التدين وضاع الدستور وتعاليم الله والسلوك لا يتجزأ والدين ليس مجرد شعائر وإنما معاملة ومنظومة من القيم تعلو بالناس وتملأهم بالطمأنينة والخوف الأكبر ان يأتي إلي الحكم من يلوح بكتاب الله ويدعي انه وليه علي الأرض يقيم الحدود ويتهم بالكفر من لايخضع لشريعة الله حسب تفسيره لها فياويلتنا سوف يلغي أصوات النساء ويدخلنا إلي داخل "الخيام" ويترجم الديمقراطية والمواطنة حسب الشريعة كما يراها وفق هواه. هناك تيار من الإسلام السياسي يستعد الآن "لغزوات الصناديق" وتيار آخر لايري إننا نعيش في القرن الحادي والعشرين وان للحرية تجليات تطول مظاهر الحياة الحرية الفردية وحرية المجتمع بشكل عام. كثيرون يشعرون بقلق بالغ الآن توجسا من هذه التيارات التي كانت محبوسة وراء سدود الاستبداد والظلم ثم انفلتت كالشلالات بلا سدود وقد تجرف في اندفاعها من أجل احتلال مساحة كبيرة علي الخريطة السياسية المبادئ العزيزة التي من أجلها انتفض الشعب لاسقاط النظام. ان أصوات الحرية الآن لا تغرد في سرب واحد والكتله الواحدة التي تلاحمت في ميادين التحرير تفرقت وعلي "الثوار" قبل فوات الأوان استعادة روح الفريق حتي يواجهوا التحدي الأكبر في معارك الصناديق ومن أجل اختيار نواب صالحين فعلا ينبذون التعصب والتطرف ويؤمنون فعلا بالله والشعب والوطن.