بنظرة بسيطة إلي أجيال من أبنائنا بمستوياتهم العمرية المختلفة تجد ظاهرة متفشية هي في حقيقة الأمر جريمة كبري تلك الظاهرة الجريمة هي غياب المكتبات العامة المدرسية والجامعية عن دورها في إعداد متفتحة مثقفة.. هذه الجريمة تتسم بها دول العالم الثالث المتخلفة عن ركب الحضارة والتي تنتمي لها مصر للأسف بعد أن كانت منارة للعالم وكأن بها أقدم وأعرق المكتبات مكتبة الإسكندرية التي قام الرومان بحرقها للقضاء علي نبع معرفة لا يُستهان به.. من هنا أدرك العدو خطورة الكتاب ولم يدرك قيمة المعرفة في شعبنا إلا نسبة صغيرة من المواطنين.. وبالعودة للمكتبات المدرسية والجامعية نجدها مجرد أرفف وجدران وأمين مكتبة غير مؤهل ينفر الطالب ولا يملك عنصر جذب لهذا الكيان مع أفواج من الفئران !! . * فؤاد قنديل: وزارة التربية والتعليم تقوم بدور هام جداً في تنفير الطلاب من القراءة بشكل عام والأدب والفكر والثقافة بشكل خاص من خلال عدة آليات أولاً: علي فرض أن هناك وجود للمكتبة فهم لا يحسنون اختيار أمين المكتبة لأنه لا يدعو الطلاب للقراءة ولا يشجعهم بأي وسيلة ولا يسعدهم فهو غير كفء علي الإطلاق وهو يعمل بعض الوقت لأنه مدرس مادة أخري عربي أو دراسات غالباً.. النقطة الثانية خاصة بتزويد المكتبة بالكتب وهذا لا يخضع لاختيار الكتب المناسبة عمرياً للطالب.. النقطة الثالثة: المدرسة لا تعني مع الإدارة التعليمية بعمل مسابقات وعمل ملخصات للكتب ومنحهم جوائز.. وأتحدث هنا عن فترة عشتها في الستينات كان أمين المكتبة له مواصفات خاصة وهناك مسابقات وكم حصلنا علي جوائز محدودة القيمة لكنها كانت مهمة جداً في تلك الفترة.. ننتقل بعد ذلك لولي الأمر الذي لا يشجع علي القراءة.. المشكلة الأكبر تعليم اللغة العربية بالمدارس فحب اللغة العربية مفقود في المدارس بكافة مراحلها والمتاح غير جذاب ويؤدي إلي كراهية الأولاد للغتنا القومية. * نبيل عبدالحميد: المدارس حجبت كل الأنشطة خارج الدراسة مثل حصة الأشغال والزراعة والمكتبة التي كان يخصص لها حصة واحدة أسبوعية.. وأذكر كيف كان يأخذنا مدرس اللغة العربية ويطلعنا علي أمهات الكتب في أعمارنا الأولي.. ثم أهملت المكتبة وحدث انفصال بين الطالب والكتاب وأصبحت الوسائل الالكترونية الأخري بديلاً ولو نظرنا للدول الأوروبية المتقدمة التي اخترعت هذه التكنولوجيا مازال الكتاب الوفي لديها مهماً للغاية فهو يقرأ في المواصلات وعلي البلاج وفي أي مكان وقد تفننوا في الطباعة وحجم الكتاب بما يتناسب وتلك الرغبة التي تزرع فيهم منذ الطفولة بالبيت والمدرسة وهي عشق الكتاب والحرص عليه.. لقد برعنا في تلقين النشء الأفلام والأغاني ونسينا تلقينهم كيف يقرأ ويتعامل مع الكتاب باحترام وتحولت المدرسة لمكان لتلقين الدروس كجرعة دواء يأخذها التلميذ متضرراً. * د.فاطمة الصعيدي: لاحظ تلك المأساة لدينا بالجامعات في عدم جدية الأبحاث الخاصة بالطلبة فهم لا يتمتعون بالأمانة العلمية فهم ينقلون المعلومة قص ولصق من النت والسبب الأساسي أن الأستاذ لم يعد يقرأ البحوث وهذا يجرِّيء الطلاب بعدم الاعتماد علي المصادر الورقية بينما يستطيع قلها بسهولة من جوجل وبهذا هجرت المكتبات.. هناك كارثة أخري في جامعة حلوان فقد قاموا بإلغاء المكتبة من الكليات وجمعوها في مقر رئيسي لمكتبات بعيداً عن الكلية فالطالب كسول بطبعه ولم يربي علي احترام الكتاب فكيف عندما يجد مشقة في الذهاب لتلك المكتبة بجانب عدم التعاون من الموظف الذي يعطيه نصف ساعة فقط للمطالعة داخل المكتبة.. أو أن يخبره أن الكتاب غير متوفر وكثيراً ما تغلق أجنحة كاملة بغرض التجديد.. الموضوع له أطراف كثيرة ولذلك فرق دمه بين القبائل.. هم يرغبون في شكل يضاهي مكتبات الكونجرس بدون مضمون. لو أردنا أن نحيي للمكتبات دورها لابد من إحيائها بيننا كأسرة بأن يكون هناك ورد للقراءة بشكل يومي ولو تعود الطفل علي قراءة ولو صفحة واحدة بشكل دوري يتزايد بالتدريج.. اما أن يهتم بالمكتبات كديكور فما قيمتها بدون قراءة؟ * أحمد عمر سالم إخصائي مكتبات: من ضمن قوانين وتعليمات وزارة التربية والتعليم يفترض وجود مكتبة في كل مدرسة تحتوي علي أعداد كبيرة أو قليلة من الكتب وهذا يعتمد علي تاريخ المدرسة وهمة القائمين عليها وفي الغالب تكون المكتبة المدرسية بعهدة أحد مدرسي اللغة العربية في المدرسة مع العلم أن هناك متخصصين في المكتبات ولكن لا يعملون وعندما يتسلم مدرس اللغة العربية المكتبة يعرف سجلات معينة في المكتبة ويعرف بسجل الاستعارة الخارجية ويدون فيها النشاط القرائي في المدرسة وتكون المدرسة ملزمة بتشجيع الطلاب علي استعارة الكتب حيث تخضع تلك السجلات للتفتيش والتدقيق من قبل المشرفين علي المكتبة وأن حال الكتب والمكتبات المدرسية قد تدهورت مثل تدهور حال كل شيء بدءاً من الثمانينات والتسعينات في القرن الماضي فإن كثيراً من المكتبات لجأت بطريقة مبتكرة وعجيبة لإعارة الكتب للطلبة وكانت تسمي تهكماً بين المدرسين والطلبة بالاستعارة الكاذبة بمعني أن يقوم مدرسو اللغة العربية القائم بأعمال أمين المكتبة يقوم بإملاء حقول سجل الإعارة الخارجية بأسماء الطلبة والمدرسين وعناوين الكتب التي استعاروها بدون أن تكون تلك الكتب قد غادرت رفوف المكتبة من أجل أن يقولوا إن المكتبة بها إقبال واسع من قبل الطلبة والمدرسين علي قراءة الكتب وفي هذه الحالة يحرص معلم اللغة العربية القائم بأعمال أمين المكتبة علي أن تكون نسبة الاستعارات الخارجية عالية ومن خلال دراساتي وأبحاثي التي قمت بها وبحثي الذي حصلت من خلاله علي لقب الإخصائي المثالي الأول علي محافظته.. وهذا بحث ميداني علي واقع بعض المكتبات المدرسية أقول إن هناك كتباً جديدة وجيدة وقيمة ولكن للأسف الشديد مازالت مركونة علي رف المكتبة وبها كمية مهولة من التراب. رأي الطلاب * أسامة الصناديقي.. طالب بالجامعة: المكتبة من الأماكن التي لا تستهويني بشكل كبير فهي مملة ولا نجد من ييسر لنا البحث ولو حدث أن الموظف في المكتبة فكر في مساعدتنا فعلي مضض ويظل يحذرنا من تمزق الكتاب المتآكل ويظل يسأل هل انتهيت حتي أصل لمرحلة تقبيل الكتاب ورميه فوق المنضدة والفرار للنت لأخذ ما نريده بسهولة "حاجة كده جاهزة.. ونخلص" بسرعة بغير ملل الأرشيف الذي يسمونه مكتبة الكلية التي نري الفئران تسعد بها أكثر منا والتراب يغطي الكتب وهذا ليس حالي وحدي وعلي فكرة تقديري لا يقل عن جيد جداً وجيد. * منال عبدالرءوف.. طالبة ثانوي: المكتبة عندنا فيها كتب وفيها كمبيوتر والقاءة من النت أسهل وأنظف.. الكتب قديمة أو تحتاج أن نقوم بفتح الصفحات فهي فهي لم تمس غالباً والنت أسرع وأسهل.. حتي المكتبة في بيتنا هي مجرد ديكور لأننا ورثناها عن جدي ولكن لا تستخدم وكثيراً ما قلت لأمي نبيع الكتب ولكنها تغضب ولا تقرأ "مسخرة"!!! * أحمد هشام.. طالب إعدادي: عندنا مكتبة ونذهب إليها حصة واحدة في الأسبوع ونقرأ قصص مغامرات ونلخص ما فهمناه للأستاذ.. لا نقرأ في البيت وليس عندنا كتب.. لا أحد في البيت يقرأ.. أحب ألعاب الكمبيوتر أكثر من القراءة.