لا شك أن هناك شخصيات تسطر أحرفا من النور في تاريخ النهضة الموسيقية حتي لو خرجوا من المنظومة الرسمية بمناصبها لأنهم يفرضون أنفسهم من خلال إسهامات حقيقية تثري الساحة الفنية سواء من خلال أفكار جديدة أو عمل جاد علي درجة عالية من الحرفية والإتقان تجعلنا نسير خطوات نحو العالمية. هذه الصفات خير من يمثلها المايسترو أحمد الصعيدي الذي التقينا به عقب عودته من بيروت حيث كان يقود أوركسترا لبنان الفلهارموني وقبل سفره إلي النمسا للمشاركة في لجنة تحكيم مسابقة فيينا الدولية للجيتار وأجرينا هذا الحوار الذي من خلاله نلقي الضوء علي نشاطه في الموسم الجديد 2013 - .2014 والمايسترو الصعيدي درس الفلسفة في جامعة الإسكندرية ثم انتقل لقسم التأليف بكونسرفتوار القاهرة وتخرج منه ليذهب في بعثة لموسكو ليدرس سنة واحدة يطير بعدها إلي النمسا لدراسة التأليف والقيادة ثم عاد إلي مصر في ديسمبر 1978 بعد حصوله علي أعلي المؤهلات في التخصص وبدأ نشاطه بتولي مسئولية أوركسترا الكونسرفتوار عندما كانت د. نيبال منيب عميدة للمعهد وأصبح له حفلات دورية في قاعة إيوارت بالجامعة الأمريكية وشارك به في حفل افتتاح الأوبرا عام 1988 وبعد ذلك ظل الفريق يقدم حفلة شهرية بالمسرح الصغير ثم حدثت معوقات إدارية من قبل المعهد جعلته يترك الفريق ليؤسس أول فريق خاص في مصر تحت مسمي "أوركسترا الحجرة المصري" وظل يقدم به حفلات بالأوبرا والمراكز الثقافية وعندما تم نقل أوركسترا القاهرة السيمفوني إلي دار الأوبرا وتم تعيين المايسترو النمساوي الزائر كريستيان دافيد قائدا أساسيا وعمل الصعيدي مساعدا له ثم تولي بعد ذلك الفريق كقائد أساسي ومديرا فنيا له عام 1993 لمدة عشر سنوات تعد أهم مرحلة في تاريخ هذا الفريق القومي حيث طور رصيده الفني واستضاف الكثير من القادة والسوليست الأجانب المتميزين ووضع أسس وقواعد للحفلات وأسس كورالا خاصا بالفريق وأقام مهرجانا سنويا للمؤلفات العربية لدفع حركة التأليف في الوطن العربي وارتقي بمستوي الأداء والحرفية لدرجة أن الفريق سافر في جولات أوروبية عزف فيها في كبري القاعات العالمية وصدر للفريق في السوق العالمية اسطوانات مدمجة كما أقام ورشة دولية للقيادة. وبعد أن ترك منصبه عام 2003 إثر خلاف مع رئيس الأوبرا لم يستسلم وأسس الجمعية الفلهارمونية عام 2004 والتي لعبت دورا بارزا في الحياة الموسيقية المصرية من تنظيم المسابقات وإقامة حفلات في المدارس ثم كان تكوينه لأوركسترا الحجرة الفلهارموني والذي أيضا نظم له جولات في البلاد العربية والأوروبية وجلب له سوليستات علي مستوي عال من الاحتراف بالإضافة لقيادته بعض حفلات السيمفوني وكانت حفلات هذا المايسترو المجتهد خير تعويض لعشاق الموسيقي بعد تراجع السيمفوني وتذبذب مستوي حفلاته.. ولكن وبعد تولي د. إيناس عبدالدايم رئاسة الأوبرا بدأ تعاون حقيقي معه كما سوف يتضح في السطور القادمة وتم تأسيس فرقة ثانية للجمعية "سيمفونيتا".. وقد حصل أحمد الصعيدي علي العديد من الجوائز والميداليات منها ميدالية فيللا لوبوس المئوية من دولة البرازيل ووسام الشرف للعلوم والفنون بالنمسا عام "2004".. ومن مصر حصل علي جائزة الدولة للتأليف عام "1995" وجائزة الدولة للإنجازات الفنية المتميزة عام "2000". بداية الحوار كانت عن رحلته لبيروت قال: كانت ناجحة جدا والجمهور هناك واع وفاهم وتضمن البرنامج السيمفونية السادسة لبيتهوفن ومختارات من رقصات برامز المجرية وأري أن الإضافة الحقيقيقة تقديمي مقطوعة موسيقية جديدة للمؤلف اللبناني المعاصر توفيق سكر حيث إنه مؤلف يستخدم الأساليب الحديثة في التأليف الموسيقي لقد أعجبتني جدا وبذلنا أنا والأوركسترا مجهودا كبيرا لتقديمها بشكل جيد واستقبلها الجمهور بإعجاب. قيادة ورحلات وعن نشاطه في مجال القيادة هذا الموسم قال: سوف أقود أوركسترا القاهرة السيمفوني في 8 حفلات واتفقت مع د. إيناس علي استضافة سوليست متميزين عالميا منهم عازفو البيانو عبدالرحمن الباشا ووائل فاروق وسيمون جراتشي ولورا ميكولا وعازف الكمان النمساوي فرانك شتايلر أما حفل رأس السنة تقريبا معظم البرنامج يتم تقديمه لأول مرة في مصر ونستضيف فيه سبرانو سوف تكون مفاجأة لعشاق الموسيقي.. في إطار القيادة أيضا أضاف: أقود 4 حفلات مع أوركسترا مكتبة الإسكندرية أما خارج مصر سوف أقود أوركسترا براغ السيمفوني في 24 نوفمبر الحالي وفي 11 يونيو القادم سوف أقود أوركسترا براغ للحجرة.. وبالنسبة لقيادتي في إطار الجمعية الفلهارمونية سوف نتعاون مع الأوبرا في استضافة أوركسترا راديو براغ في فبراير القادم وأوركسترا بودابست في 27 و28 مارس القادم كما سوف أقود 4 حفلات لفرقة سيمفونيتا. وعن الجولات الأوروبية التي اشتهر بتنظيمها قال: الجمعية تتعاون هذا الموسم مع أوركسترا مكتبة الإسكندرية وسوف تكون هناك جولة له في ألمانيا حيث نشارك في افتتاح سوق السياحة العالمية ببرلين بعدها ننتقل إلي مدينة درسدن ثم نغادر إلي النمسا وسلوفاكيا والمجر والتشيك وذلك في الفترة من 6 إلي 15 مارس القادم.. وأيضا سوف ندعم الأوركسترا بآلات نفخ وسوليستات لأن هذا الفريق متميز جدا ويستحق التشجيع أيضا نخرج من مركزية العاصمة وهذه إحدي أهداف الجمعية. وعن المشاريع التي تقيمها الجمعية في الإطار التعليمي قال: سوف نفتتح هذا العام ورشة موسيقية "ماستر كلاس" بالجونة في مدينة الغردقة لمدة أسبوعين من 12 إلي 25 أبريل تضم 6 فصول يقوم بالتدريس فيها أساتذة عالميون في البيانو والكمان والساكسفون والجيتار أما الغناء سوف تقوم بتدريسه السبرانو المصرية نيفين علوبة وسوف يفتتح الماستر بحفل يعزف فيه الأساتذة بمصاحبة فريق السيمفونيتا التابع للجمعية ثم تقام بعد ذلك حفلات لكل فصل يحييها الدارسون وعلي فكرة هذا نشاط سنوي نأمل أن نتوسع فيه ليكون لمصر مكانة في خريطة العالم الموسيقية. النهضة الموسيقية ونترك الحديث الخاص وننتقل إلي الحالة الموسيقية العامة في مصر يقول: للفنون الرفيعة أهمية كبري من أجل إعادة بناء مصر بمعني أن تتحول من فنون ديكورية خاصة برواد الأوبرا فقط إلا الاهتمام بالجانب التثقيفي والتعليمي أي تكون الحفلات من أجل الارتقاء بالجمهور سواء عن طريق حفلات للأطفال وللكبار وبالخروج إلي أماكن أخري في كل المحافظات وتقديم برامج نبدع فيها لبناء مستقبل الفنون هذا واجب وزارة الثقافة التي أنشئت من أجل دعم الفنون الجادة ونشرها ولكن للأسف تخلت عن دورها وتدعم الفنون الدارجة.. وردا علي مقولة إن الموسيقي والباليه والأوبرا فنون للخاصة فقط قال: الفن للإنسانية والمثقف الذي يقول لا أستطيع أن أسمع بيتهوفن أقول له أنت ناقص ثقافة حتي ولو كان أكبر روائي أو شاعر.. ويختتم المايسترو حديثه بقوله لازم نؤمن أن الثقافة والفنون حق للجميع وبدونها لن يكون هناك تجفيف لمنابع الإرهاب.