ولد الفنان أحمد أمين عاصم في الإسكندرية عام 1918 من أبوين يهتمان بالفن "وتوفي بالقاهرة عام 1989". فوالده كان رساماً. وأمه كانت موسيقية معروفة.. وفي طفولته اتجهت اهتماماته أولا إلي الموسيقي ثم تحولت فيما بعد إلي الرسم. ولكنه في عام 1938 عندما التحق بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة تخصص في دراسة فن النحت. وتخرج عام 1944 بدرجة الامتياز مع مرتبة الشرف. وكان مشروع التخرج الذي نال عنه هذا التقدير يعالج موضوع "شهداء ثورة 1936" ضد الاحتلال الانجليزي.. ونتيجة لهذا التفوق حصل علي منحة داخلية في مرسم الفنون الجميلة بالأقصر لمدة عامين كجائزة عن امتيازه. ثم عين معيداً بالكلية التي درس فيها حتي أوفد في بعثة إلي فرنسا مدتها 4 سنوات حيث التحق بمدرسة "البوزار" بباريس ودرس علي يدي المثال "مارسيل جيمو" تلميذ "رنوار". وعاد من بعثته عام 1951 بعد أن سافر إلي روما وزار اليونان. وفي القاهرة عمل مدرساً لفن النحت ثم أستاذا لهذا الفن ثم رئيساً لقسم النحت بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة. وفي عام 1960 ذهب إلي سوريا خلال فترة الوحدة بين القطرين المصري والسوري. حيث ساهم في تأسيس كلية الفنون الجميلة بدمشق. وتولي رئاسة قسم النحت الذي أسسه بها.. وعندما انفصمت الوحدة السورية المصرية عاد إلي عمله بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة. ولكنه في عام 1969 رجع مرة أخري إلي دمشق كأستاذ معار إلي كلية الفنون الجميلة. وقد تخرجت علي يديه مجموعات من النحاتين السوريين الذين عملوا كمعيدين بالكلية هناك. وبعضهم واصل دراسة فن النحت في أوروبا. لقد حصل الفنان علي عدة جوائز خلال حياته الفنية كانت أولها جائزة بيت الفنانين بالقلعة عن موضوع الرقص العربي وقد نالها وهو طالب في كلية الفنون الجميلة. بعد ذلك فاز بالحائزة الأولي لمسابقة لوحة نحت بارز تعبر عن كفاح الشعب المصري وهي مثبتة بمجلس الأمة "مجلس الشعب حاليا" وكذلك جائزة أولي عام 1957 لإقامة نصب تذكاري لبورسعيد. وله نحت بارز عن ثورة عرابي مثبت في متحف بورسعيد. ثم جائزة النصب التذكاري لشهداء 6 أكتوبر بالمنصورة. وقد زار الفنان فرنسا وإيطاليا ويوغوسلافيا وبلغاريا وألمانيا الشرقية والنمسا وسويسرا وتركيا ولبنان. هذا وله لوحة من النحت البارز كانت مقامة علي مبني متحف بورتوفيق ولكنها تحطمت بتأثير القصف الإسرائيلي للمدينة في حرب 1973. وكانت تعبر عن حفر قناة السويس وتأميمها ومعركة بورسعيد عام .1956 وله ثلاثة تماثيل بمدخل استاد القاهرة هي رموز للمحافظات في مصر.. كما يقتني متحف الفن الحديث تمثاله لوجه الفنان الراحل أحمد صبري. ويعتبر الفنان أحمد أمين عاصم زميلاً منافساً "للسجيني".. وبينما كان السجيني مرتفع الصوت يجيد الدعاية لأعماله. كان عاصم يعمل في صمت أعمالاً نادرة. لم يمارس النحت من أجل المعارض والمناسبات لأن فكرة التفاعل بين النحت والمجتمع كانت تسيطر عليه فلا يقبل إلا أن تأخذ أعماله مكانها علي العمارة وفي الميادين. وبينما كان "السجيني" ينتج التمثال التزييني الصغير الذي يستطيع أي إنسان اقتناءه ليوضع في مكان مغلق. كان "عاصم" يتجه إلي تمثال الهواء الطلق في الأماكن المكشوفة.. إلي النحت الصرحي.. فكان يعمل بعيدا عن الأضواء كأستاذ في كلية الفنون الجميلة ينقل أفكاره إلي تلاميذه الذين يحملون فكره الفني ومفهوماته الجمالية أكثر مما يعملون علي تقليد أسلوبه أو محاكاة أشكاله كما كان أثر السجيني علي تلاميذه. ومن أعمال الفنان التي توضح أسلوبه الذي يمكن اعتباره منتمياً إلي فن الواقعية الاجتماعية. الأول تصميم للنصب التذكاري لشهداء 6 أكتوبر بالمنصورة وقد فاز بالجائزة الأولي عام 1975 والثاني لتمثال المرأة "المضطجعة" أو "المستلقية" والأخير كان أحد الموضوعين المفضلين للفنان العالمي هنري مور.. والمقارنة بينهما توضح كيف اتخذ الفنان المصري استلهاماته من التراث والفن الحديث ليمزجهما بأسلوبه الخاص المميز.. ان الفارق بين العملين يتركز في ثلاث نقاط: الفارق الأول في "الديناميكية" أي الاحساس بالحركة في وضع التمثال.. ان المثال المصري يرتكز علي التراث النحتي الفرعوني بكل ثقله ورسوخه وسكونه الشكلي الظاهري.. ولهذا يتحقق الاحساس بالحيوية والحركة من تأمل الشكل ومن داخل كتلة التمثال وليس من تمثيله للقطة "ميلودرامية".. أما عند "هنري مور" في هذا التمثال فالحركة تنتمي إلي الفن الإغريقي الذي يثبت الشكل في لحظة عند قمة حركة أو نهايتها وبداية حركة جديدة.. فهو أقل رسوخاً وأخف ثقلاً من التمثال المصري. الفارق الثاني في استخدام الفراغات التي تتخلل الكتلة.. عند عاصم هي لتنغيم الشكل والتخفيف من الاحساس الأصم الزحم لكتلة الحجر وطبيعته قبل أن يحوله الفنان إلي عمل تعبيري.. بينما الفراغات في تمثال هنري مور مع الخط الخارجي المحدد لكتلة التمثال قد تزيد قيمتها التشكيلية عن الكتلة ذاتها.. انه يرسم الفراغ بعناية ويجعل الكتل إطاراً لهذا الفراغ لتيرز أهميته فلا يصبح مجرد عامل علي تخفيف "زحم" الكتلة الحجرية الصماء.. أما الفارق الثالث فهو يتركز في التعبير أو الموضوع.. فقد استخدم كلا المثالين المصري والانجليزي عنصر المرأة المستلقية للتعبير عن موضوع مختلف تماما.. أحمد عاصم يعبر عن الشموخ والعظمة والكبرياء.. امرأة مستلقية متكئة علي كوعها وتنظر إلي الأمام وإلي المستقبل في ثقة وتحد.. بينما المرأة في التمثال الانجليزي تتحدي المشاهد بأنوثتها.. الصدر والردفان يتضخمان ويتحديان الناظر في دلالة سيكولوجية واضحة. ويبلغ عدد الأعمال النحتية التي أقامها الفنان أحمد أمين عاصم أكثر من 64 عملاً ما بين تماثيل كاملة الاستدارة ونحت بارز علي السطوح المنبسطة معظمها في الأماكن العامة.. نال خمسة جوائز عنها. وتقتني متاحف مصر وروما 9 منها. ومن بين أعماله 14 تمثالاً نصفياً تصور مشاهير المخترعين في ميادين الكهرباء والراديو والرادار والتليفزيون مقامة بمتحف سلاح الإشارة بمصر. وتماثيل ترمز للقوات الجوية والبحرية والمشاة بمتحف الشئون العامة للقوات المسلحة.. ونحت بارز يصور قوي الشعب العامل وبورتريه للزعيم محمد فريد. ولوحة من النحت البارز عن 6 أكتوبر 1973 لوزارة الاسكان والتعمير.. وآخر يرمز إلي تحرير فلسطين موجود في دمشق ونحت بارز يصور موضوع "عرابي في ميدان عابدين" وتقتنيه محافظة بورسعيد.. ومن الضروري أن نسجل هنا ان الفنان أحمد أمين عاسم قد توقف لفترة طويلة عن المشاركة في المعارض وعن اقامة التماثيل الصغيرة مقتنعاً بما يحققه من أعمال نحتية في الأماكن التامة. ومكتفياً بتأثيره العميق في تلاميذه وطلابه من النحاتين الذين درسوا علي يديه.