حياة غريبة يعيشها سكان منطقة الهانوفيل التابعة لحي العجمي بعد غرق المنازل والشوارع الجانبية للمنطقة بالكامل في مياه الصرف الصحي وتتلخص معاناتهم في صراعهم الدائم مع مياه المجاري لعدم وصولها إلي غرف نومهم.. فلا يوجد منزل بمنطقة الهانوفيل إلا ستجد أمام بوابته سوراً بارتفاع متر تقريبا لمنع وصول مياه الصرف إلي داخلها بالرغم من حداثة مشروع الصرف الصحي الذي تم تسليمه للمحافظة منذ أقل من خمس سنوات إلا أنه سبب معاناة سكان المنطقة حيث يرتفع منسوب مياه الصرف بشكل يومي وتطفح بالشوارع وتغرق المنازل فالحياة اليومية لأهالي المنطقة هي خروج الرجال لأعمالهم أو الأطفال لمدارسهم من منازلهم بالقفز من سطح لآخر حتي يصلوا إلي أقرب منزل يستطيعون النزول منه إلي الشارع بعد غرق الأدوار الأرضية تماما لمنازلهم في مياه الصرف. بالإضافة إلي تعايشهم مع الحشرات التي تجلبها لهم مياه الصرف كالذباب والناموس والفئران والديدان التي تنتشر بالشقق فضلا عن انتشار الأمراض بين الأهالي من الربو وضيق التنفس أو الأمراض الجلدية كالملاريا والطبح الجلدي والحساسية بسبب اضطرارهم للسير في مياه المجاري أما بالنسبة للشوارع الجانبية فتجد بها كميات هائلة من الطوب لتسهل حركة المارة حتي يصلوا إلي الشارع الرئيسي. "المساء" عاشت يوما كاملا بالمنطقة لرصد المأساة علي الطبيعة. يقول فتحي صبحي صاحب العقار رقم 11 بشارع مسجد السلام: نعيش يوميا في معاناة حقيقية بسبب مياه الصرف الصحي التي تغرق منازلنا مما تسبب في تهجير أصحاب الشقق من منازلهم لتكرار عملية الطفح بشكل يومي ولكن هناك العديد من الأفراد العاجزين عن توفير المساكن البديلة مضيفا أن أهالي المنطقة يعتمدون علي حفر البيارات البدائية وتنظيفها كل فترة ووقتها كانت الشوارع أكثر نظافة ولكن المشكلة بدأت بمجرد قيام المحافظة بمشروع إنشاء شبكات الصرف الصحي الجديد بالمنطقة والذي تم تسليمه منذ خمس سنوات والذي تم بشكل خاطئ ونحن حاليا ندفع ثمن الخطأ الذي ارتكبته الشركة المنفذة للمشروع. يضيف محمد محمود عبدالسميع أنه يسكن بشارع الطلخاوي وتقدم بالعديد من الشكاوي لجميع الجهات المعنية سواء بالمحافظة أو بوزارة الإسكان وكان الرد الوحيد الذي جاء علي لسان أحد الموظفين بالوزارة أن مشروع الصرف الذي تم تنفيذه بالمنطقة مؤخرا لم يراع المشاكل الجغرافية بالمنطقة نظرا لعدم تساوي أرض المنطقة علي مستوي واحد متسائلا: هل هذه مشكلة سكان المنطقة أم مشكلة الشركة المنفذة التي انتهت منه وقامت بتسليمه للمحافظة ليكون هذا الخطأ الفني هو سبب معاناة جميع أهالي وسكان المنطقة التي تزيد أعدادهم علي 200 ألف فرد لافتا لأن غرق المنازل والشوارع في مياه الصرف الصحي تسبب في خلخلة التربة أسفل معظم المنازل بالمنطقة والذي بدأ يظهر بها ميل كمؤشر لانهيارها ما بين الحين والآخر مما ينذر بكارثة محققة واختفاء المنطقة بالكامل. يضيف محمد منصور إبراهيم 78 سنة: أسكن بشارع خالد بن الوليد ومشروع الصرف الصحي الجديد الذي قامت به المحافظة كان كارثة بالنسبة لنا فلا يوجد شارع واحد بمنطقة الهانوفيل وقام ببناء أسوار بارتفاع متر أمام بوابته خشية من وصول مياه الصرف إلي شقته مضيفا أن مياه الصرف تسببت في انخفاض أسعار الشقق بنسبة 50% تقريبا بالمنطقة بالكامل لافتا إلي أنه قام بإرسال العديد من الشكاوي سواء للحي أو المحافظة أو لشركة الصرف الصحي ولكن لا مجيب ولا مغيث. يشكو جمال السيد صاحب محل بشارع سالم الطلخاوي من أن مياه الصرف الصحي تسببت في توقف حركة البيع والشراء بالشارع لانعدام وجود المارة به وبالرغم من وجود مجمع للمدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية بالشارع إلا أنه يوميا يغرق في مياه الصرف الصحي ويقوم التلاميذ بالقفز من طوبة تلو الأخري للخروج إلي الشارع الرئيسي. يضيف سليمان أنه يسكن بشارع عيد الطلخاوي أمام البيارة الرئيسية التي تجمع مياه الصرف بمنطقة الهانوفيل بالكامل مشيرا إلي أن أصوات الماكينات المزعجة التي لا تتوقف عن العمل سواء ليلا أو نهارا بالإضافة إلي عدم وجود أغطية محكمة لفتحات الطرد أو الشفط بها مما يهدد بحدوث كارثة في حالة سقوط أحد المارة أو الأطفال بالشارع فيها متسائلا: هل من المعقول إنشاء بيارة بهذا الحجم وسط شارع رئيسي مأهول بالسكان والمارة؟ يقول عبدالرحمن أحمد 21 سنة إنه يسكن خلف مسجد عباد اللطيف مع والدته المسنة: "إحنا غرقنا وغرقت منازلنا في مياه الصرف" ووالدتي المسنة تذهب اسبوعيا إلي المستشفي بسبب ضيق التنفس الذي تسببه الروائح الكريهة التي تنبعث من مياه الصرف بالإضافة إلي أن سكان الشارع قاموا برفع مستوي الشارع بالجهود الذاتية لتلاشي ظهور مياه الصرف فضلا عن بناء الأسوار أمام بوابات المنازل لعدم وصول المياه إلي داخلها مشيرا إلي أن هناك العديد من المنازل التي هجرها أهلها وتركوها بعد أن فشلوا في التغلب علي مياه الصرف التي تطفح داخل الشقق موضحا أنه قام بشراء ماكينة شفط كهربائية بشقته لشفط مياه المجاري التي تدخل إليها. تقول حنان محمود السيد من السكان خلف مسجد عباد اللطيف: زوجي وأبنائي يقومون بالقفز من سطح لآخر حتي يصلوا إلي أقرب منزل يستطيعون النزول منه للشارع بعد غرق الدور الأرضي بالمنزل الذي نقيم به وأصبحوا غيرقادرين علي الذهاب لمدارسهم أو أعمالهم. مضيفة أنها تعاني من ظهور الديدان التي تخرج من مياه الصرف وجدار المنزل الذي تسكن به حتي وصلت إلي داخل جميع غرف شقتها. أضاف السيد سمير أحد السكان خلف مسجد عباد اللطيف لا يوجد شخص يعيش بمنطقة الهانوفيل إلا ويعاني من المرض سواء كان طفلاً أو شاباً أو عجوزاً بعد انتشار أمراض الملاريا بين الأطفال والحساسية والطفح الجلدي والربو وضيق التنفس بعد انتشار الفئران والذباب والناموس والديدان داخل منازلنا لافتا إلي أنه لديه أربعة أبناء جميعهم يعانون من ظهور طفح جلدي بالقدم بسبب اضطرارهم علي السير بمياه المجاري التي تغرق الشوارع ومداخل المنازل. يضيف عبدالعزيز عوض أنه يسكن بشارع مسجد النور وسبق أن قدم شكاوي عديدة سواء للمحافظة أو الحي أو شركة الصرف الصحي ولكنه يحصل علي وعود براقة دون تنفيذ مطالبا بسرعة تدخل الجهات المختصة لحل الأزمة ورفع المعاناة عن أهالي المنطقة الذين اصبحت حياتهم تتلخص في الصراع الدائم مع مياه الصرف الصحي لعدم وصولها إلي غرف نومهم وشقتهم. أكد علاء يوسف رئيس حي العجمي أن مشكلة الصرف الصحي بالحي من ضمن المشاكل المزمنة لكون مشروع الصرف الذي تم مؤخرا يعتمد علي بيارات ومواتير لرفع المياه من منسوب منخفض إلي منسوب أعلي وبمجرد توقف هذه المواتير لقطع في التيار الكهربي أو نفاد كمية السولار اللازمة لتشغيلها يظهر طفح مياه المجاري بالشوارع والمنازل المنخفضة بالحي لافتا إلي أن الحي حاليا يقوم بحل المشكلة علي محورين الأول الذي يعتبر كمسكن لحل ما يقرب من 90% من مشكلات الصرف بالحي وهو إحلال إنشاء محطة علاقة لكي تستوعب حجم مياه الصرف الصحي بالحي والتي تستغرق ما يقرب من ستة أشهر لبدء عملها بالإضافة إلي تغيير جميع شبكات الصرف وخطوط الطرد للتخفيف والربط بين البيارات لتخفيف الأحمال من شارع لآخر أو من منطقة لأخري والمحور الثاني الذي سيكون علاجاً دائماً سوف يستغرق ما يقرب من خمس سنوات وهو إنشاء خط صرف صحي جديد بأساليب وطرق أكثر تطوراً ويستوعب المشكلات الجغرافية التي توجد بشوارع الحي من خلال إنشاء خط يتم به جمع مياه الصرف بأسلوب الانحدار وليس بواسطة طلمبات الرفع.