هي بلا شك صدمة لكل المصريين.. تلك الأهداف الستة في شباك الفراعنة.. فأكثرنا تفاؤلاً لم يكن يتصور أن منتخب مصر سيعبر منتخب غانا بسهولة إلي مونديال البرازيل.. وان المهمة صعبة جدًا علي الفراعنة أمام البلاك ستارز. إلا اننا جميعاً كنا نتعلق بالأمل. ونتمني أفضل الأسوأ.. ولكن حدث في ستاد يابا يارا ما هو أسوأ علي الاطلاق. لذلك كانت الصدمة لكل المصريين. إلا ان -للأسف الشديد- كان من بيننا من أنتشي فرحاً وسعادة. لأنه ينتمي إلي المصريين زوراً وبهتاناً. فكانت شماتة هؤلاء.. ويكفينا أنهم فضحوا أنفسهم عدما علقوا علي مواقعهم وقنواتهم وبأقلامهم العميلة. بأن هذه الهزيمة هي انتقام الله من شعب جيش الانقلاب.. أستغفر الله العظيم! ما علينا من هذا الهطل والتخلف العقلي وانعدام الوطنية من بضع ممن ينتمون إلي هذا الوطن.. لأن الأهم من هذا أن نرصد أسباب هذه الهزيمة. وهل هي فعلاً كارثة أم نتائج كارثة نعيشها بالفعل .. وبدون مقدمات أقول إنها فعلاً نتائج كارثة نعيشها.. فالتأهل للمونديال. لو كان قد حدث. لكان شيئاً استثنائياً وخارقاً للطبيعي.. نعم لقد اقتربنا كثيراً عندما تصدرنا التصفيات كلها حتي وصلنا إلي الجولة الأخيرة.. لعبنا في التصفيات برصيد خبراتنا أمام منتخبات متوسطة الحال أو ربما ضعيفة.. وعندما وصلنا للجولة الحاسمة الفاصلة. كان حظنا سيئاً جداً لأن القرعة أوقعتنا مع أفضل منتخبات القارة. منتخب غانا. الذي شارك في آخر بطولتين لكأس العالم. ويقترب من الثالثة علي التوالي. والذي يضم نخبة من المحترفين في أفضل الأندية الاوروبية. وجميعهم متوسطي الأعمار. فهم يجمعون بين الخبرة والسرعة والحيوية إلي جانب المهارة التي تتصف بها الكرة في غانا.. لو أوقعتنا القرعة أمام أثيوبيا أو الكاميرون. لقلت إن الفرصة المصرية قائمة.. ولكن أمام غانا!! منتخب مصر وصل إلي نقطة النهاية مع هذه القرعة وقبل مواجهة البلاك ستارز. ليس لأنه فريق "عويل". ولكن لأنه فريق نتائج الكارثة التي تعيش فيها الرياضة المصرية منذ ثورة يناير وحتي الآن. حيث لا نشاط محلي حقيقي ومستمر ولا تمويل ولا إعداد قوي.. فالكل في إنهيار. وبالكاد فإن فريق الأهلي يتماسك. ويواصل مسيرته في بطولة أفريقيا.. فهل يعقل أن دولة تعدادها 85 مليون نسمة. فيها فريق واحد مكون من 30 لاعباً يلعب كرة القدم بشكل شبه منتظم. بينما مئات الأندية الأخري عاطلة تماماً عن العمل.. هل يعقل أن منتخب دولة رائدة في القارة الأفريقية يعجز عن استضافة منتخبات قوية في بلده لاختبار قدراته وصقل مستويات لاعبيه.. فيضطر للعب أمام منتخبات مدرسية من التصنيف العاشر. علي مدار عامين.. هل يعقل إن هذا المنتخب يحرم من جماهيره طوال هذين العامين. ونريده أن يكون منتخباً متطوراً.. هذه هي الكارثة بعينها. وما حدث في كوماسي هو نتاج طبيعي جداً لها. ربما يكون بوب برادلي ليس هو المدرب الأفضل والأنسب لنا. ولكنه بلا شك المدرب الأشجع علي الاطلاق لأنه قَبِلَ أن يعمل وسط هذه الظروف الغريبة وواصل التحدي مع زملائه في الجهاز الفني حتي المحطة الأخيرة. وأقصد بها القرعة التي أوقعته أمام غانا.. ذلك أن عدم رحيل برادلي غطي علي حقيقة مهمة. وهي أن أي مدرب أجنبي آخر ما كان سيبقي في مصر شهرين علي بعضهما.. ليس بسبب القلاقل الأمنية. ولكن بسبب غياب المسابقة ا لمحلية التي يستطيع منها أن يكتشف اللاعبين الأنسب. وتكون خير إعداد لهم.. لقد سألني أحد الأصدقاء "الخبراء" بالأمس: هل يوجد لدينا من يعوض وائل جمعة؟ فقلت له: أين سنكتشف هذا البديل؟! أعلن أن الكابتن طاهر أبوزيد وزير الرياضة مهموم جداً بفهم ما حدث لمنتخبنا في كوماسي.. وربما يعثر علي بعض الأسباب الفنية بصفته خبير كروي. ولكنها في النهاية نتيجة لكارثة غياب الدوري. والخلاصة يا وزير الرياضة أننا لابد أن ننهي هذه الكارثة بيننا. ونعيد النشاط المحلي إلي الحياة بأسرع وقت وبدون تردد. لإنقاذ كرامة منتخبنا في المستقبل.