بكي صفوت الشريف حين فاجأه المستشار أحمد طلبة بمستندات الرقابة الادارية التي تؤكد امتلاكه عقارات خارج مصر وكان قد أنكر بثقة أو لعلها الصفاقة التي اعتادها حين سأله إذا كان يمتلك أموالاً أو عقارات خارج مصر. انخرط هذا الطاغية الأسطورة حسب تقرير الأهرام في بكاء هستيري!! توقفت أمام التقرير وأعدت قراءة السطور. وبكيت. ليس حزناً علي جلاد لم يعرف سوي مهنة "القوادة" في حياته. القوادة السياسية. والقوادة المخابراتيه. قوادة العِمالة للحاكم. الدعارة إذا كانت في خدمة السياسة وليس أبشع من جرائم القوادة بفروعها.. من يمارسها يتجرد من الضمير والدين والمشاعر الإنسانية. مع كل سطر في قائمة ممتلكاته هو وزوجته وأبنائه وأحفاده أتخيل حجم القسوة وبشاعة الظلم. وعدد الضحايا الذين ماتوا بأمره تعذيبا وسحلا ونفيا وقتلا في الزنازين أو من الأدوار العليا في بلاد الغربة. أو بالذوبان في المواد الكاوية. لم تتضخم ثروة الرجل فقط وإنما صورته الأسطورية كجلاد لم يعرف الرحمة ولا التردد في سحق من يقف في طريقه صار اسمه في الوجدان الجمعي كبير طغاة مصر. أقوي من أن يقف أمام العدالة ويبكي بكاءً هستيريا! لم أصدق انه بكي.. كيف؟؟ ليست دموع تماسيح. ولا حزن. ولا ندم. ولا قمع. ولا قهر.. ولا بمقدوري أن أحدد ما دار في خلده وهو يبكي. أما دموعي فكانت من هول المشهد ومن جلال كلمة "العدالة" وهي تتجسد أمامي هذه التي تجلت لتنال من أمثال صفوت الشريف بعد نصف قرن من القدرة الجبارة والطغيان والقمع الذي لا يعرف الحدود. حتي آخر نفس كان صفوت الشريف يصارع حتي آخر نفس كان يقتل ويأمر بالقتل. حتي آخر نفس يظن انه مَلَك الدنيا ومن عليها. امتلك المال والجبروت وكل أدوات البطش وأشكال الظلم. بكيت أمام بكاء طاغية وفارق بين الظالم والمظلوم تمنيت لو رأي شعب مصر صفوت الشريف وهو يجهش في بكاء هستيري "!!" أن تراه أمهات الشهداء ومن تعذبوا ومن يعيشون في العشوائيات ويعانون من الفقر ومن ذاقوا الهوان والانكسار واليأس وعرفوا قسوة المرض وبشاعة ضيق ذات اليد. ليس بطلا تراجيديا حتي أبكيه ولكنه "شرير" يواجه العدالة. وما أجملها من كلمة وما أحلي مذاقها "العدالة". يا الله.. ما أجمل صفاتك حين تتجسد واحدة منها في "قاض" من لحمنا ودمنا يمسك بميزان يحاسب من افتري ومن ظلم ومن قتل ومن أثري ثراءً غير مشروع. لقد عشنا نعتقد أن الليل سيطول ويمتد حتي آخر المدي.. كانوا أقوي من مجرد تفكيرنا علي المواجهة أو القصاص أو الوقوف أمام قاض يحقق العدل. وعندما احتشدت الحشود في ميادين التحرير لاح أمل مرتعش.. وخوف مازال يسكن في الصدور علي شموع "ثورة" حاولوا ومازالوا يحاولون أن يطفئوها.