إذاعة القرآن الكريم بالنسبة لنا المتنفس الأنقي والأعذب والأروع بين كل وسائل الإعلام قاطبة المسموعة والمرئية والمقروءة.. كانت "البريمو" ولا فخر.. وهذا ليس تزيداً أو مبالغة أو انحيازاً أو تعصباً لها بل كلمة حق يجب الإقرار بها. من خلال هذه الإذاعة الراقية كنا نستمع دائماً في نشوة وذوبان إلي أصوات جميلة وعذبة طالما امتعتنا وهي ترتل أو تجود القرآن الكريم من أمثال شيوخنا الأفاضل محمود علي البنا ومحمد رفعت وآل المنشاوي وطه إسماعيل وعبدالباسط عبدالصمد والحصري والبهتيمي والطبلاوي وغيرهم كثيرون.. رحمة الله علي من توفي منهم وأطال عمر الباقين. ومن خلال هذه الإذاعة ايضا كنا نتابع برامج دينية محترمة تستضيف كبار الدعاة من رجال الأزهر والأوقاف ومن المتخصصين الوسطيين الذين يكشفون لنا ما نجهله أو ما هو ملتبس علينا بأسلوب سهل ممتنع وبأدلة يقينية وشواهد لا يمكن الطعن عليها أو التشكيك فيها. ومن خلال هذه الإذاعة كذلك كان الميكروفون يتنقل بين المساجد الجامعة في كافة أرجاء مصر.. ينقل صلاة الجمعة أو احتفالاً بمناسبة دينية غالية علي نفوسنا. باختصار.. كانت إذاعة القرآن الكريم لا يسبقها أي وسيلة إعلام أخري.. ولذا.. كان الراديو في بيوتنا مفتوحاً 24 ساعة علي هذه الإذاعة الفريدة والمتفردة.. حتي عندما كنا نترك منازلنا ونسافر أسبوعاً أو أكثر لم نكن نغلق الراديوهات بل نتركها مفتوحة علي إذاعتنا المفضلة والأثيرة ليشع نور القرآن الكريم في كافة أرجاء المنازل ليل نهار. للأسف الشديد.. طوال سنة حكم محمد مرسي تأخونت إذاعة القرآن الكريم ووجدنا زيادة كبيرة في البرامج الحوارية علي حساب مساحة التلاوة والتجويد.. وليتها كانت برامج مفيدة وعلي نفس الوتيرة السابقة من المهنية والموضوعية وحسن اختيار المتحدثين.. بل برامج موجهة لخدمة المشروع الإخواني حيث اختلطت فيها السياسة بالدين بصورة مقززة وتم غالباً اختيار ضيوف بعينهم للتخديم علي هذا المشروع مما أفقد الإذاعة أهم خصائصها ومقوماتها ورونقها حتي أننا أصبحنا نغلق الراديو أثناء تلك البرامج ونفتحه عندما يتلي القرآن فقط..!! بعد سقوط الإخوان.. عادت الروح من جديد لإذاعة القرآن الكريم حيث بدأت تنتهج الأسلوب الصحيح الذي تعودنا عليه بمنع إقحام السياسة في برامجها مع زيادة مساحة التلاوة والتجويد لتصل إلي 70% ومراعاة المهنية والموضوعية والتدقيق في اختيار المتحدثين في البرامج الحوارية وبما لا يزيد علي 30% من المادة الإذاعية وقصر المتحدثين علي أبناء وخريجي جامعة الأزهر صاحبة المنهج الوسطي المعتدل.. مما أعاد هذه الإذاعة إلي رسالتها الأصلية في نشر الإسلام الوسطي السمح وتوضيح تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة. ما حدث هو درس يجب أن يعيه أولو الأمر بألا يقتربوا من إذاعة القرآن الكريم مرة أخري.. ارجو الجميع أن يتركوها في حالها مهما كان نظام الحكم الموجود لأنها إذاعة كل المصريين علي اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم وليست إذاعة خاصة بفئة دون أخري. والله من وراء القصد