وجد الرئيس الروسي فلاديمتير بوتين كثيراً من الوسائل والأماكن للضغط علي الولاياتالمتحدة علي مر السنين وشهدت ميونيج خطاباً ألقاه في 2007 غير فيه أسلوب السياسة الخارجية الروسية بالشكوي من "الهيمنة العالمية" للولايات المتحدة وأصبح العرض العسكري السنوي في مايو في الساحة الحمراء منبرا للتحذير من الهيمنة الأمريكية كما تتخلل مؤتمراته الصحفية السنوية أحاديث غاضبة مناهضة للولايات المتحدة. لكن أحدث وسيلة اختارها للهجوم تمثلت في مقال افتتاحي في صحيفة نيويورك تايمز وكانت تحولا غير عادي بالنسبة لبوتين رغم انه لم يكن مقاله الأول في الصحيفة إذ سبق ان كتب واحداً يدافع فيه عن قراره بارسال قوات للحرب في الشيشان في 1999 وايجاد وسيلة للتحدث مباشرة للشعب الأمريكي كما يقول هو يبرر ثقته المتزايدة في ان المقترح الروسي لوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية مكنه من انتزاع زمام المبادرة السياسية والأفضلية الاخلاقية من نظيره الأمريكي باراك أوباما. ويبدو بوتين الآن عازما علي الاستفادة محليا من ذلك الوضع من خلال تقديم نفسه حيثما باعتباره الرجل الذي يقود جهود السلام العالمية في سوريا لينال من أوباما حتي علي صحفات جريدة أمريكية رائدة. ومنح الاهتمام الذي لاقاه المقال في الإعلام الأمريكي والعالمي والروسي الكرملين مبرراً للشعور ببعض البهجة وقال مصدر في الكرملين لصحيفة التايم الأمريكية "الفكرة جاءت قبل فترة قصيرة جدا التعديلات الأخيرة جرت الليلة قبل الماضية" ملمحا إلي ان مساعد بوتين للشئون الخارجية يوروي أوشاكوف كان أحد المشجعين علي الفكرة وقال ان العمل استمر فيها حتي ساعة متأخرة من ليل الاربعاء. حيث يعد المقال الذي كتبه لنيويورك تايمز هو الأول من نوعه في الصحافة الأمريكية عرض من خلاله صورة لروسيا كصانع سلام وللولايات المتحدة كمروج للحرب ليقلب الطاولة علي أوباما بعدما صور بوتين في الغرب علي انه عقبة أمام السلام لأغلب الوقت منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا في .2011 وبدا الرئيس السوري بشار الأسد كما لو كان يتصرف وفق اتفاق مسبق عندما أيد بوتين بقوله لقناة تليفزيونية روسية "سوريا ستضع أسحلتها الكيماوية تحت السيطرة الدولية بسبب روسيا التهديدات الأمريكية لم يكن لها تأثير لدي اتخاذ القرار لكن تأثير المقال لم يكن طيبا علي واشنطن. قال جون بينر رئيس مجلس النواب الأمريكي "أشعر بالإهانة" وأضاف ان المقال يظهر "لماذا قلت ان لدي شكوكا تجاه دوافع الروس والأسد". فيما سخرت نانسي بيلوسي النائبة الديمقراطية المخضرمة في مجلس النواب من السطر الأخير في مقال بوتين الذي يقول "لقد خلقنا الله متساوين" مشيرة إلي ان روسيا تناهض قوانين الدعاية الخاصة بالمثليين.