جاءوا إلي "المساء" يعلو وجوههم الحزن والحسرة.. يذرفون الدموع علي سنوات عمر دراسية أمضوها في المذاكرة وسهر الليالي.. يحلمون باليوم الذي سيحصلون فيه علي مؤهل عال يكون بوابتهم إلي وظيفة تضمن لهم حياة كريمة تغنيهم عن الجلوس علي المقاهي والانضمام إلي طابور العاطلين. ولأن التعيين في ظل النظام البائد في أي وظيفة كان ب "الكوسة" والمحسوبية وأساليب أخري ملتوية وليس للأوائل والمتفوقين فقد انتهز هؤلاء الشباب أول فرصة مجبرين ومن باب "اجمز بالجميز حتي يأتيك التين" وبدأوا سلمهم الوظيفي بالعمل "سعاة" في الجهاز المركزي للمحاسبات تحدوهم الامال أن يتم فيما بعد تعديل وضعهم الوظيفي.. ولكن شيئا فشيئا تحطمت أحلامهم علي صخرة عناد المستشار جودت الملط الذي رفض تعديل وضعهم الوظيفي رفضا قاطعا رغم أن كل الوزارات والهيئات حققت ذلك للعاملين بها. بدأ أدهم الشجيع ليسانس آداب في قص مأساتهم مع المستشار الملط قائلا: في عام 2007 طلب الجهاز تعيين معاونين خدمة "سعاة" بشرط أن يكونوا حاصلين علي شهادة الاعدادية ولضيق ذات اليد تقدمنا للالتحاق بالوظيفة رغم أننا من حملة المؤهلات العليا وحينما ذهبنا إلي الجهاز لامضاء مصوغات التعيين طلبوا منا تقديم صور من مؤهلاتنا ووعدونا بأن يسندوا لنا وظائف إدارية وكتابية وبعد التعيين ظللنا نعمل كسعاة لمدة 3 شهور إلي أن تحقق الوعد وشغلنا جميعا مناصب إدارية تتماشي مع مؤهلاتنا لكن فرحتنا لم تكتمل لأننا فوجئنا بالغاء القرار بعد 3 شهور من تنفيذه وعدنا للعمل كسعاة دون سابق إنذار. ويقول أيمن محمد بكالوريوس خدمة اجتماعية: شعرنا آنذاك بمنتهي الظلم والقهر فاتفقت مع 5 من زملائي علي رفع دعوي قضائية لاسترداد حقنا المسلوب فاستدعانا الملط إلي مكتبه وصاح فينا: "هو ده جزائي بعد ما لميتكم من الشارع.. الواحد فيكم بيقبض ألف جنيه في الشهر ولو متنازلتوش عن القضية هيكون جزائكم الفصل" وبالفعل أصدر تعليماته بمنعنا من دخول الجهاز فتنازلنا عن القضية خوفا علي لقمة العيش لكنه لم يكتف بهذا وجعل منا عبرة لكل من يفكر في تسوية وضعه الوظيفي وذلك بعدما وقع علينا أشد أنواع العقوبة وجعل عملنا منصبا علي تكسير البلاط والتنظيف بماء النار واستمر في تعذيبنا لمدة شهرين. أضاف أدهم الشجيع: ففقدنا جميعا الأمل في تسوية وضعنا الوظيفي إلي أن قامت الثورة التي نادت بتحقيق العدالة الاجتماعية فتقدمنا بطلب جديد للمستشار الملط ووعدنا بعرضه علي الشئون القانونية لاعتماده وبعد أسبوع فوجئنا به ينقلب علينا ويهددنا قائلا: "انتوا فاكرين نفسكم في ميدان التحرير.. اللي مش عاجبه.. يرفع قضية.. يروح يشتغل في أي حتة تانية وأنا هساعده". ويقول سيد لطفي بكالوريوس خدمة اجتماعية: وزارة المالية أصدرت قرارا بتسوية وضع كل من ينطبق عليه ظروفنا لذلك تم تسوية وضع زملائنا في الشركة القابضة للكهرباء وفي كل الهيئات والمؤسسات. وأضاف إبراهيم عبدالستار ليسانس دراسات إسلامية:حجة المستشار الملط أن اللائحة الخاصة بالجهاز تنص علي عدم تسوية وضع من حصل علي مؤهلا عاليا قبل التحاقه بالعمل لكنه تناسي أن هذه اللائحة صدرت عام 1998 وأنه في عام 2000 تم إصدار قانون يجيز تسوية وضع كل من يحمل مؤهل عالي سواء كان هذا قبل أو بعد التحاقه بالعمل ومع ذلك لم يقم بتعديل اللائحة التي ألغاها القانون. أكد أ محمد أن المستشار الملط يرفض تسوية وضعنا بحجة اننا قمنا باخفاء مؤهلنا الحقيقي عنه وهذا الكلام عار تماما من الصحة بدليل أن بطاقاتنا الشخصية مدون بها مؤهلاتنا وتاريخها أقدم من تاريخ التعيين وملفاتنا بالجهاز تثبت صحة ما أقول لأنه يوجد بها شهادات خدمتنا العسكرية المدون بها مؤهلاتنا كما أنه بعدما قمنا برفع دعوي قضائية ضده وتنازلنا عنها خوفا من تهديداته طلب منا استخراج بطاقات جديدة مدون بها الوظيفة معاون خدمة وقام بسحب كارنيهات عضوية نقابة الجهاز منا لأنه مدون بها مؤهلاتنا الحقيقية.