ها هو "دستور 30 يونيه" يقترب من الظهور لتبدأ مصر معه حقبة جديدة من تاريخها لتثبت للعالم أنها أشد حرصاً علي مواصلة العملية الديمقراطية وبأنها لا تلتفت إلا إلي الصوت الذي ينبع من داخلها لأنه هو الصوت الوحيد النابع من إحساس صادق وليس من حنجرة متآمر.. ومع عظمة الحدث تكثر الآمال والتطلعات لبناء مصر جديدة قوية متماسكة لا تخيفها أساطيل أو مدمرات.. وهذا هو ما يحدث في مصر الآن!! لقد عاد الجدل بمجرد ما أعلنت لجنة الخبراء العشرة المكلفة بإعداد الدستور الجديد أنها قد انتهت من وضع مسودة الدستور وتسليمها إلي مؤسسة الرئاسة في انتظار قيام لجنة الخمسين بممارسة عملها قبل إقرار الدستور وطرحه للاستفتاء.. وكانت أبرز الخلافات والاعتراضات في إجراء انتخابات مجلس الشعب علي أساس النظام الفردي فقط بدلاً من الدمج بين نظامي "القائمة" و"الفردي" وهو ما أغضب العديد من القوي السياسية والحزبية!! ومن المعروف سلفاً أسباب غضب ورفض العديد من الأحزاب إجراء الانتخابات بنظام "الفردي" علي اعتبار أن معظم هذه الأحزاب ليست لديها شعبية في الشارع المصري تستند عليها وبالتالي فهي تري أن نظام "القوائم" أفضل لها كثيراً لحصد المزيد من مقاعد البرلمان.. بينما رحب بذلك المستقلون الذين يعتمدون علي شعبيتهم وسط الناخبين.. وفي تقديري أنه يمكن الأخذ بنظامي القوائم والفردي مع مراعاة الأخطاء التي وقعت في انتخابات مجلس الشعب السابق والتي أدت في النهاية إلي حله.. وأقصد هنا منع الأحزاب من مزاحمة المستقلين علي مقاعدهم الفردية!! الصحفيون بدورهم يشكون ولهم كل الحق حيث لم تلتفت لجنة الخبراء العشرة إلي التعديلات المقترحة من مجلس نقابة الصحفيين علي مواد الصحافة في الدستور وهي نفس التعديلات التي تجاهلتها أيضاً الجمعية التأسيسية التي قامت بإعداد الدستور المعيب والمعطل خاصة فيما يتعلق بحبس الصحفيين في قضايا النشر وإغلاق الصحف بحكم قضائي حيث طالب المجلس بإلغائها وأيضاً عودة نص أن الصحافة "سلطة رابعة" وهي الصفة التي كانت تتمتع بها قبل أحداث 25 يناير 2011 وإلا بماذا نفسر أن الدولة تتقدم إلي الأمام والصحافة ترجع إلي الخلف؟! مع احترامي الشديد وتقديري الجم لأعضاء لجنة الخبراء العشرة الذين انتهوا أخيراً من وضع مسودة الدستور الجديد "دستور 30 يونيه".. مع احترامي الشديد لهؤلاء الخبراء الذين بذلوا جهوداً يشكرون عليها بكل تأكيد أقول لهم: نعم لقد أنجزتم بتعديل الكثير من المواد المعيبة وإلغاء 32 مادة من الدستور المعطل؟ إلا أن هناك المزيد من العمل والجهد في انتظار لجنة الخمسين حتي يخرج دستور 30 يونيه إلي النور ليخرج لسانه إلي كل حاقد أو حاسد أو متآمر!!