شعرت بالأسي والحسرة وأنا أتجول في شوارع مدينة مانشستر في اسكتلندا.. لماذا نحن هكذا؟ وهم كذلك؟؟ نحن هكذا نعيش في فوضي واكتئاب ووجوم وعدم انضباط الناس تفعل ما تريد والكل يتحدث ولايعمل ولا ينتج.. ثم الشكوي مستمرة من قلة الدخل والفقر والغلاء الذي يتزايد يوما بعد يوم.. صحيح الدخل لابد وأن يكون قليلاً إذا كان العمل أصبح مجرد كلام.. والكثيرون يطالبون ولا يعملون.. والانتاج ضعيف بل غاية في الضعف. تذكرت ميدان رابعة العدوية بمدينة نصر.. ودار داخله ما دار وصيحات التهديد والوعيد كانت تنطلق في أرجائه.. وكأن المدينة أصبحت تسير بدون ضوابط أو قانون. تذكرت هذا وأنا أري حديقة بيكاد يللي في قلب مدينة مانشستر.. وبها المئات من الشباب والعواجيز من الرجال والنساء والفتيات والاطفال الكل سعيد.. وهكذا هم هناك.. يعملون طوال الاسبوع. أما العطلة الاسبوعية فهي للاستمتاع بكل مناهج الحياة. فعند مدخل الحديقة لفت نظري لافتة تقول دعوة مجانية للغداء لخمسة آلاف شخص.. سألت عن سر هذا الغذاء المجاني.. عرفت ان له شقين شق يدعو الناس إلي استخدام الطبيعة في مأكلهم بدون إضافة الكيماويات والشق الثاني الاستفادة من بقايا الاطعمة والمواد التي يمكن تدويرها واستخدامها بشكل مختلف.. مع المحافظة علي النظافة أما السلع التي انتهي موعد صلاحيتها فإنه تبين امكانية استخدامها لمدة أخري بعد انتهاء موعد الصلاحية وجاء أحد المنظمين وأعطاني عليه شاي وجدت أن صلاحيتها قد انتهت.. وأفهمني انه لا ضرر إطلاقا في استخدامها علي الاقل لمدة شهر من تاريخ انتهاء الصلاحية. طبعا الله أعلم إذا كان هذا الكلام صحيحا أم لا. ومانشستر مازالت تعتمد علي الترام كوسيلة مواصلات رئيسية داخلية تربط الاحياء بعضها ببعض ولتحركه مواعيد ثابتة مدرجة علي كل محطة.. لم يفكر أحد في الغائه كما فعل العباقرة عندنا.. ليس هذا فقط بل هناك الاتوبيسات ذات الطابقين ونسبة كبيرة من السكان يستخدمون هذه المواصلات الجماعية بدلا من استخدام السيارات الخاصة وبالتالي فإن حركة المرور هناك هادئة ولا يوجد ارتباك مروري لسبب بسيط جدا هو أن هناك احتراماً شديداً للغاية لاشارة المرور.. والكل يحترم القواعد ولايخالفها اللهم إلا بعض الشباب الذي يعبر الطرق بدون الالتزام باحترام الاشارة المخصصة للمارة. هذا حدث عندهم.. أما عندنا فإن الامر مختلف تماما.. العباقرة رفعوا الترام من كل احياء مصر وشوارعها.. وكأن هناك "تار بايت" بينهم وبين المواصلات الكهربائية حتي مترو مصر الجديدة اصابته أيضا لعنة العباقرة وبدلا من تطويره واستخدام العربات الحديثة راحوا يدمرونه "ويفشلونه" حتي أصبح عديم الجدوي في حين ان هذه الوسيلة الراقية والتي لها مسارات محددة"ومسورة" يمكنها ان تحل كل الزحام في مصر الجديدة ومدينة نصر علي الاقل لان الناس سيستخدمونه بدلا من استخدام السيارات الخاصة وبصراحة اتساءل.. ألم يشاهد المسئولون الذين يسافرون إلي الخارج كل هذه الاساليب وغيرها؟؟ ولماذا لايفكرون في الاستفادة منها؟؟ والحقيقة انه في الامكان قيام سكان كل ضاحية بانشاء شركات مساهمة يقتصر نشاطها علي إعادة المواصلات الكهربائية والاهتمام بالمواصلات بصفة عامة.. وهذه الفكرة ليست من عندي ولكنها وارده من اسكتلندا . ومن الامور الملفتة للنظر هي أن الطرق الرئيسية التي تربط القري بالمدينة قد أقيم علي طولها الفيلات من طابق واحد أو طابقين ولتواجهها حدائق صغيرة وطريق مخصص لسكانها أما خلفها فإنه يكون هناك اما حدائق ملحقة أو مزارع.. المناظر بديعة والمعيشة هادئة ورخيصة بالمقارنة مع بعض المواد في مصر.. الحقيقة ان عباقرة مصر يجب ان يعيدوا النظر في الاساليب البالية حتي يمكن اعادة البسمة إلي الوجوه والهدوء إلي الحياة.. والرفاهية بدلا من البؤس والشقاء والنهوض بمستوي المعيشة بدلا من الفقر وقلة الحيلة. بصراحة المصريون في حاجة إلي ان يعشوا كرماء وان ينسوا مسألة المواطن درجة ثانية.