أصبحت جوائز الدولة حدثاً سخيفاً متكرراً في حياتنا الثقافية بداية من أسلوب الترشيحات وانتهاء بالمفاجآت التي قد توافق إعلان الجوائز. ليس الاعتراض علي أشخاص المرشحين أو الفائزين لكن الاعتراض علي أسلوب الترشيح. وطريقة اختيار الفائزين بالتالي.. يثور السؤال حول جدية تزكية نقيب الموسيقيين مثلا لعالم اجتماع أو تزكية نقيب السينمائيين لأحد دارسي الفلسفة.. والأمثلة تمتد لتشمل حتي كبار موظفي الوزارات والمؤسسات المختلفة. بحت أصواتنا في المطالبة بتغيير لائحة الجوائز. من غير المتصور أن موظفي الوزارات وممثلي بعض هيئاتنا الثقافية يملكون من المعلومات ما يتيح لهم المفاضلة بين أحقية مرشح للفوز بجائزة ما عن المرشحين الآخرين.. أما الشرط بأن ترشيح هيئة أو مؤسسة ما لجوائز الدولة. فإن معظم الترشيحات تذهب إلي أعضاء تلك الهيئات والمؤسسات. أو من يتصلون بها لتزكيتهم. والأسلوب الأكثر موضوعية في رأيي أن ترافق ذلك الأسلوب الذي قد يخضع للمجاملة. أو لعدم المعرفة. ترشيحات من أعضاء اللجان المتخصصة. بحيث لا تقتصر الترشيحات علي من نعرفهم أو يطلبون تزكيتنا. وإنما تشمل من تطمئن اللجان إلي إسهاماتهم في مجال تخصصها. وحتي أزيد الأمر وضوحاً. أشير إلي ما طالعتنا به الصحف في الفترة الأخيرة عن اقتصار الجامعات المختلفة علي تزكية اعضاء في هيئات التدريس عدا استثناءات تؤكد القاعدة للحصول علي جوائز الدولة.. والمبدأ للأسف قائم في معظم جامعاتنا باعتبار أن جحا أولي بلحم طوره.. والثور هنا ليس ملكاً لجامعة ولا هيئة ما لكنه ملك المبدعين الحقيقيين والدارسين الذين يستحقون تقدير الدولة فعلاً. بصرف النظر إن كانوا أعضاء في تلك الهيئات. أخطر الشوائب التي تعانيها جوائز الدولة أنها لا تصل إلا لمن يلح في اقتناصها أليست صيداً ثميناً؟ فهو يجيد فن العلاقات العامة. ويلح في الزيارات الشخصية. وفي التذكير بنفسه. والسعي إلي وساطة الأصدقاء. وفعل حتي ما قد يسيء إلي كرامته الشخصية ليحصل علي الجائزة. بل إن البعض يلجأ إلي أساليب الضغط والابتزاز. والأمثلة معلنة. وكثيرة. وفي المقابل. فإن المبدعين الحقيقيين يكتفون بالفرجة علي تلك العروض السخيفة. جوائز الدولة لقيمة العطاء وليس لقيمة المنصب. ومن المهم تعديل قانون هذه الجوائز فلا ينالها إلا من تؤهلهم قدراتهم الإبداعية وإسهاماتهم العلمية الجادة. ولا يقررها في المقابل موظفون وأعضاء في لجنة الجوائز بحكم انتمائهم إلي نقابة فنية أو مهنية. قد يكون نشاطها بعيداً عن المشهد الثقافي باتساعه البانورامي. واسألوا العالم الجليل شوقي ضيف الذي استعصت عليه الجائزة بضعة أعوام متتالية. لمجرد أن العديد من أعضاء اللجان موظفون أو فنانون لا صلة لهم بقضايا الفكر والثقافة. فاختياراتهم تقتصر علي من يعرفونه معرفة شخصية.